انهالت علينا الدعوات لحضور «الدواوين الإلكترونية»، وحفزتنا لمتابعة المتغيرات التقنية الحديثة والمتمثلة في أدوات الإعلام الاجتماعي، وهي الترجمة الحرفة لمصطلح social media، أي أدوات التراسل الإلكتروني التفاعلي، كـ»الفيس بوك، والتويتر، ولينكدن، وفليكر» وغيرها من وسائل البث الإلكتروني السريع، والتي ساهمت في الآونة الأخيرة بتشكيل «صالونات إلكترونية» عززتها المهارات الشبابية في الاستخدام الإلكتروني، فأصبحت تلك المنتديات كالمنابر العامة الحرة، والتي لا ينطبق عليها قانون يحد من الحريات.

Ad

يقوم المشارك بالتعبير عن رأيه بحرية عبر «التويتر»، إما باستخدام الاسم الحقيقي وإما تحت اسم مستعار دون خوف أو تردد، الأمر الذي يدفعنا إلى متابعة الأنماط السلوكية الجديدة والخاصة بعالم الاتصال الحديث، خصوصا بعدما أصبح جاذبا للاستخدام البرلماني، ففي الماضي «القريب» عام 2009، استعان أعضاء وعضوات البرلمان الكويتي بالإنترنت والمواقع الإلكترونية للإعلان عن افتتاح مقارهم ومدوناتهم الانتخابية والإلكترونية، وبالتالي كانت المواقع الإلكترونية والمنتديات وسيلة للإعلان والتواصل مع مرتادي تلك المواقع، رغبة في التأثير في قرارهم الانتخابي، واستمرت جهود بعض النواب في تحديث الصفحات الخاصة بهم، وذهب البعض الآخر إلى أبعد من ذلك، فأصبح يبث على صفحته الإلكترونية الخاصة مقاطع من الجلسات تبين النائب بالصوت والصورة موجها الأسئلة البرلمانية إلى الوزراء.

واليوم أصبح موقع «التويتر» جاذبا لبعض أعضاء البرلمان ممن لديهم قدرة على مواجهة الرأي والرأي الآخر، وتحمل العبارات السلبية والجارحة، كالتي وجهت لبعض النواب والنائبات أخيرا في فترة الاستجواب وجلسة «التعاون» باستخدام أسماء مستعارة.

ومهما تعددت أسباب الاندفاع نحو تداول الإعلام الإلكتروني، هروبا من مقص الرقيب وقوانين المرئي والمسموع، أو التواصل الاجتماعي البحت فلابد أن تساهم في ازدياد شعبية الإعلام الإلكتروني... وتسخيره لأغراض برلمانية، عوضا عن الأداة الإعلامية الخاصة بمجلس الأمة وغياب دورها في تحديث وتطوير النشرات الإلكترونية البرلمانية الخاصة بالنواب والجلسات واجتماعات اللجان وغيرها من أمور المجلس.

وأخيرا... فالاهتمام بتكنولوجيا الاتصال وفتح مجال لحرية التداول الإلكتروني نعمة تتمتع بها الدول المتحضرة من جهة، وعبء يقع علينا في توجيه أبنائنا نحو الاستخدام الأمثل للتداول الإلكتروني، وعلينا نشر التوعية حول تجنب استخدام الوسائل الإلكترونية في الاستخدام السلبي.

وفي هذا السياق أذكر إحدى الطرائف التي تابعتها عبر التويتر بعد بث خبر تأجيل اجتماع لجنة البيئة البرلمانية، فجاء التعليق من أحد الأعضاء قائلا: أرجو توصيل سلامي للأخت أم الهيمان والأخ أبوحليفة... وإبلاغهما بإلغاء اجتماع اللجنة.

كلمة أخيرة: بعد انتهاء جلسة «التعاون» مع الحكومة وعودة سمو رئيس الوزراء بسلام «ولله الحمد» إلى مقعده، انشغل النواب بالتغيير الطارئ على شعبيتهم، وتقدير «الوزن الشعبي» الجديد لكل منهم في دائرته الانتخابية، أما الحكومة فشعرت بارتياح، والتقطت الأنفاس، والسؤال الذي يقلقنا جميعا: هل الاستجوابات القادمة ستأخذ الخط السريع وتتعدى الوزراء المسؤولين عن القضايا التي ترتكز عليها محاور الاستجوابات، للوصول إلى رئيس الوزراء؟

لقد عاد المواطن الكويتي «المستقل» إلى بيته بعد جلسة «التعاون» في حيرة من أمره، شاعرا وللمرة الأولى أنه خارج الحسبة الحكومية والبرلمانية معا... والخوف كل الخوف أن يكون خارج الحسبة التنموية أيضا!!!