طالب عدد من المراقبين بضرورة أن تغير الشركات والمجموعات الاستثمارية نمطها الاستثماري القائم في الأساس على البهرجة الإعلامية، الأمر الذي أفقدها مصداقيتها خلال الأزمة، مشددين على وجوب تنفيذ الشركات المشاريع التي وعدت بها مستثمريها أو على الأقل
لا تعلن مشاريع جديدة إلّا في حال دخولها أطواراً متقدمة، حتى تستطيع أن تستعيد ثقة المستثمرين بها.ارتبط عدد من الشركات الكويتية بمشاريع وعقود كبرى كان لها أبلغ الأثر في نموها خلال فترة الرواج، التي بدأت بعد سقوط النظام العراقي السابق مع ارتفاع اسعار النفط، وحتى بداية الأزمة المالية، إذ وعدت شركات ومجموعات استثمارية رئيسية في سوق الاوراق المالية، بالانتشار جغرافياً بمشاريعها الكبرى بمشاركة الحكومات أو المؤسسات المالية في عدد من دول المنطقة، أهمها الإمارات والبحرين وعُمان والعراق والأردن ومصر والسودان ودول المغرب.وحفلت الصحف بأخبار عن هذه المشاريع التي يتم تنفيذها أو المزمعة إقامتها، بسبب صغر السوق المحلي وقلة الفرص الاستثمارية فيه، الامر الذي ضخم أصول هذه المجموعات ورفع أسعار أسهمها بشكل كبير، وبالفعل بعض هذه المشاريع ظهر إلى النور والبعض الآخر لم يره حتى الآن.وتدفقت الأموال الكويتية على هذه الدول وتوزعت بين عدد من القطاعات الحيوية فيها، من مشاريع عقارية وسكنية وسياحية عملاقة إلى مشاريع في البنية التحية من طرق ومطارات ومشاريع بحرية، إضافة إلى المشاركة في مشاريع مالية كبرى مثل اقامة احياء للمال وبنوك عملاقة، والتي تهافت عليها المستثمرون من الكويت ومن الدول التي ستُقام فيها المشاريع، كما تهافت المستثمرون في البورصة ايضاً على اسهم هذه المجموعات وشركاتها التابعة على وقع اخبار هذه المشاريع التي كانت تتفاخر بها.وشكلت دبي الوجهة الرئيسية للمستثمرين الكويتيين في الدفع بأموالها في المشاريع العقارية والسياحية هناك، بتأسيس والاستحواذ على بنوك وشركات هناك، وهو ما دفع بعض الشركات الكويتية العاملة هناك إلى التوجه إلى إدراج اسهمها في سوق دبي لتحقيق اقصى استفادة من هذه المشاريع، وتوجهت بعض الشركات إلى السوق الآسيوي، معلنة مشاريع كبرى في البنى التحتية لعدد من البلدان الواعدة هناك مثل الفلبين وماليزيا والهند، لتظهر أخبار عن مشروع مطار في الفلبين ومحطات طاقة في باكستان، وبنوك في ماليزيا.ومع ظهور الأزمة المالية بدأت مشاكل هذه المشاريع تطفو على السطح، إذ أعلنت عدد من الشركات اضطرارها إلى تجميد هذه المشاريع والعقود، اما بسبب ظروف الازمة وعدم جدوى هذه المشاريع في الوقت الحالي، أو بسبب عدم قدرتها على توفير التمويل المناسب لها، بينما ظهرت بعض المشكلات المتعلقة بالعقود التي وقعتها الشركات، والتي كان أشهرها عقد الجيش الأميركي مع شركة اجيليتي وقضيتها التي مازالت تتداول في اروقة المحاكم، بالاضافة إلى الشركات التي علقت في دبي بسبب ازمة ديونها، مما تسبب في تجميد الشركات مشاريعها هناك، لعدم توافر تمويل وخوفاً من التخارج منها باسعار اقل كثيراً من الاسعار التي تم الشراء بها، خصوصا مع اختفاء المضاربات التي كانت ترفع أسعار هذه الاصول.من جانبهم، أكد مراقبون أن الشركات الكويتية سعت مع بداية فترة الرواج إلى الاستفادة من السيولة المتوافرة لديها في الدخول في مشاريع كبرى خارج الحدود، لضيق الفرص الاستثمارية داخل الكويت والعقبات والسلبيات التي تواجهها، مبينين أن بعض هذه المشاريع لم تكن على ارض الواقع لكنها رسمت على صفحات الصحف فقط، وهو ما ظهر واضحاً مع ظهور الازمة وتساقط أوراق التوت عن هذه المجموعات.وأشاروا إلى أن بعض المجموعات سقطت في غرام بعض مشاريعها العملاقة، لدرجة جعلتها توظف كل ما تمتلكه من سيولة فيها وهو ما أثر على المراكز المالية لها مع عدم اتمام هذه المشاريع، وأوضح مثال على ذلك جزيرة أوكيانا بدبي لشركة الدار للاستثمار، وحي المال في السودان الذي استثمرت فيه مجموعة من الشركات الكويتية، موضحين أن بعض المجموعات أخطأت باستخدمها تمويلات قصيرة الأجل في استثمارات طويلة الأجل لن تظهر عوائدها الاستثمارية قريباً.ولفتوا إلى أن بعض الشركات كانت أذكى، إذ اتخذت سياسية التخارج السريع عند تحقيق ربح، لتبيع مشاريعها أو افكارها إلى شركات أخرى بأرباح كبيرة، وساهم في ذلك الطفرة غير العادية التي شهدتها اسواق العقار بالمنطقة.وشدد المراقبون على ضرورة ان تغير هذه الشركات نمطها الاستثماري والقائم في الاساس على البهرجة الاعلامية، الامر الذي افقدها مصداقيتها، و"عرّاها" على حقيقتها خلال الازمة، مؤكدين أنه يجب على الشركات أن تنفذ المشاريع التي وعدت بها مستثمريها، أو على الاقل لا تعلن عن مشاريع جديدة إلا في حال دخولها أطواراً متقدمة، حتى تستطيع أن تستعيد ثقة المستثمرين بها.
اقتصاد
شركات بنت آمالاً على مشاريع وأصول... من ورق!
16-08-2010