أقامت وحدة الدراسات الأميركية ندوة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت حول الانسحاب الأميركي من العراق وتأثيره على المنطقة.

Ad

قال سفير الجمهورية العراقية في دولة الكويت محمد حسين بحر العلوم إن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة سيظهر على أرض الواقع في أقرب فرصة ممكنة، مشيراً إلى أن السياسيين بدأوا الجلوس على الطاولة المستديرة والاتفاق على النقاط المشتركة من أجل مصلحة العراق.

وأوضح بحرالعلوم في تصريح خاص لـ"الجريدة" على هامش ندوة "الانسحاب الأميركي وتأثيره على المنطقة" التي أقيمت أمس في كلية العلوم الاجتماعية بتنظيم من وحدة الدراسات الأميركية وحضور رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية د. سامي الفرج ومجموعة من المهتمين بالشأن العراقي، أن الجميع يؤمن بأن تشكيل الحكومة الجديدة سيخرج بشكل يفيد العراق والوضع السياسي العراقي.

وعن سبب طرح مشكلة الحدود الكويتية-العراقية بشكل مستمر، قال بحر العلوم إن من لا يريد للعراق الاستقرار وبناء علاقات جيدة مع دول الجوار هو المستفيد الأكبر من طرح مثل هذه القضايا باستمرار، مضيفا أن البلدين يملكان من الحكماء والعقلاء الكثير لمواجهة مثل هذه الموضوعات لما فيه مصلحة البلدين.

وفي شأن مؤتمر القمة العربية الاستثنائية الأخير في ليبيا وردود الفعل المتابينة، أوضح بحر العلوم أن جميع الأمور يكون فيها خلافات واتفاقات، مؤمنا في الوقت نفسه بأن الخلافات ستزول من أجل انجاح مؤتمر بغداد المقبل لأجل الأمة العربية.

تحسن أمني

وبدأ السفير بحر العلوم كلامه في الندوة مؤكدا أن تحسن وضع العراق الأمني هو الذي مهد لانسحاب القوات الأميركية من العراق استنادا إلى الاتفاق الموقع بين البلدين في السابع عشر من شهر نوفمبر لعام 2008 بشأن الانسحاب وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت.

 وقال بحر العلوم إن العملية السياسية الجارية منذ انهيار النظام الدكتاتوري في 2003 أفضت إلى تغيير سياسي جذري في العراق تجسد في بناء عراق اتحادي ديمقراطي موحد ومستقل في ظل مؤسسات دستورية تحظى بالاحترام وحكومة منتخبة بموجب الدستور، موضحا ان الطريق للوصول إلى هذا الهدف لم يكن معبّدا بل واجهته الكثير من التحديات، وفي مقدمتها مواجهة قوى التطرف المذهبية والطائفية والتصدي للإرهاب وفلول النظام الدكتاتوري السابق التي تحاول العودة بالعراق إلى عهد الظلام والمقابر الجماعية والحروب العبثية.

وذكر أنه "في السنة الماضية، حدثت تطورات مهمة في العراق، فقد شهد العام الماضي وهذا العام انخفاضا كبيرا في أعمال العنف وتحسنا ملحوظا في الحالة الأمنية على الرغم من وقوع بعض الأعمال الإرهابية التي استهدفت المدنين الأبرياء وهو الامر الذي مهد للاتفاق الذي ينص على انسحاب القوات الأميركية تدريجيا من العراق"، مضيفا أن "هذا العام شهد نجاح الانتخابات التشريعية التي حظيت باهتمام عربي وأقليمي ودولي كبير في ظل إعراب جميع المراقبين من بعثة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والعربية على مساعدة العراق وعن ثقتهم بشفافية تلك الانتخابات ونزاهتها وحريتها".

اتصالات مستمرة

ورأى بحر العلوم أن الأحزاب السياسية الرئيسية تجري اتصالات مستمرة من اجل عقد دورة مثمرة لمجلس النواب المنتخب حديثا ينتخب فيها رئيسا جديدا للمجلس ورئيسا للجمهورية، ليطلب بعد ذلك الرئيس المنتخب من رئيس الوزراء تشكيل الحكومة استنادا إلى احكام الدستور العراقي، التي نأمل أن تشكل في أقرب فرصة ممكنة إذ إن تأخيرها سيؤثر سلبا على الحالة الامنية والإعمار والازدهار.

وأوضح أن تحسن الحالة الأمنية في العراق شجع العديد من البلدان العربية والأجنبية على إعادة بعثاتها الدبلوماسية وساعد على تطوير علاقات العراق على الصعيدين الإقليمي والدولي وساهم في تعيين سفراء عراقيين جدد في مختلف بلدان العالم في تعزيز هذه العلاقات وتوسيع آفاقها، كما أن تولي العراق رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية ومؤتمر القمة العربي في شهر مارس من العام المقبل سيعزز من دور العراق الإقليمي وسيمثل خطوة مهمة على طريق مساعي العراق لاستعادة مكانته في المجتمع الدولي وأن يكون عضوا فعالا ومسؤولا في الأسرة الدولية.

وفي ما يخص التنمية في العراق، قال بحر العلوم إن الحكومة العراقية أطلقت في أبريل من العام الحالي خطة إنمائية وطنية مدتها خمس سنوات، وتضمنت ما يقارب 2700 مشروع استراتيجي في القطاعات المختلفة تبلغ تكلفتها 186 بليون دولار، وهي الخطة التي ستساهم في تطوير الاقتصاد العراقي وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للعراقيين فضلا عن انها ستوجد 4 ملايين فرصة عمل مما يجعل تأثيرها الايجابي قويا في معالجة مشكلة البطالة في العراق، بالإضافة إلى مساهمة الحكومة في عودة اللاجئين العراقيين إلى البلد، لان العراق بحاجة إلى طاقات جميع أبنائها، علاوة على أن المرأة العراقية حظيت بمكانه مهمة في العراق الاتحادي الديمقراطي الجديد وتمتعت بحقوقها السياسية كما للرجل ومنحت حصة في التمثيل في مجلس النواب العراقي بنسبة 25% وتبوأت لأول مرة منذ عقود عدة عددا من المناصب الوزارية ومثلت بلادها كسفيرة بعد أن حرمت من هذه الحقوق أكثر من ثلاثين عاما.

دستور عراقي

وأشار السفير العراقي إلى أن الدستور العراقي صاغ المبادئ الأساسية لسياسة العراق الخارجية التي تركزت على مراعاة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وحل المنازعات بالوسائل السلمية وإقامة علاقات دولية على أساس المصالح المشتركة واحترام التزامات العراق الدولية وعلى هذا الأساس فإننا نسعى لإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة والدول الإسلامية، ملتزمين بقرارات جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وعن القضية الفلسطينية قال بحر العلوم "إننا ندعم نضال الشعب الفلسطيني العادل من أجل إقرار حقوقه غير القابلة للتصرف بما فيها إقامة دولته الفلسطينية على أرض فلسطين، بالإضافة إلى دعوتها لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وندعو الدول التي لم تنضم بعد إلى معاهدة عدم الانتشار إلى الانضمام إليها والتقيد بأحكامها".

وفي ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، ذكر أن "العراق يؤمن بحق الدول المشروع في استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية وهو حق كفلته المواثيق الدولة وفي المقدمة معاهدة عدم الانتشار، ونؤكد بدورنا على أهمية التوصل إلى حل سلمي في التعامل مع هذا الملف".

الفصل السابع

وبيّن بحر العلوم أن أهم قضية يواجهها العراق في هذه المرحلة هو التخلص من أعباء القرارات التي صدرت بحقه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولذلك فنحن نمضي بشكل حثيث بالتعاون مع الأصدقاء والدول الأعضاء في مجلس الأمن لكي تتم تسوية جميع المسائل المتعلقة بالحالة في العراق وفي مقدمتها القيود المتبقية على العراق في مجال نزع السلاح وتصفية عقود برنامج النقط مقابل الغذاء والتوصل إلى آلية تضمن الحماية لأموال العراق تخلف صندوق تنمية العراق والمجلس الدولي للمشورة والمراقبة. وأضاف أن "المسؤولين العراقيين جادون في انهاء الملفات العالقة خلال ما تبقى من هذه السنة، وستتعامل الحكومة المنتخبة الجديدة مع القضايا التي تخص الحالة بين العراق والكويت ومن أبرزها صيانة الدعامات الحدودية والتعويضات والمفقودون والممتلكات الكويتية وسنعمل مع الأشقاء الكويتيين والاطراف ذات العلاقة ومع الجهات المعنية في الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية ترضي جميع الاطراف من دون أن تخل بالتزامتنا بموجب قرارات مجلس الأمن".

شعور مزدوج

وعن الانسحاب الأميركي من العراق، قال بحر العلوم "بعد مرحلة اسقاط النظام السابق كان هناك من يقول إن استقرار العراق يكون بالانسحاب الأميركي، والآن هناك من يقول إن وجود الأميركان استقرار للعراق، ونحن نتساءل عن هذا الشعور المزدوج لدى البعض".

وتساءل عما إذا كان هناك احد لا يريد الاستقرار الداخلي للعراق، خاصة أن العمليات الارهابية ورجالها أتوا من الخارج بمعنى ان هناك تسهيلات قدمت من البعض للقيام بمثل هذه الفعاليات، خاتما كلامه، بأن هناك مسؤولية على المجتمع الدولي في بناء العراق الجديد ومسح الصورة السوادء خلال الفترة الماضية.

إعادة التوازن

ومن جانبه، قال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الكويت سامي الفرج إن من مصلحة الكويت السعي لإعادة التوازن في المنطقة، مشيراً إلى أن سياسية الحروب التي انتهجها العراق كانت بسبب تفرد مجموعة واحدة بالسلطة والقرار السياسي متوقعا أن يسترجع العراق عافيته النفطية خلال الأعوام المقبلة للعب دور مهم في المنطقة.

وقال الفرج إن الكويت من أكثر الدول في مجلس التعاون التي تستفيد من استقرار العراق ووحدته، ونحن يجب أن نستمر في خلق كيان يرعى مصالحه ومصالح الآخرين، وهذه المشاكل لا يمكن أن تحل إلا بالتكامل الاقتصادي".