وماذا بعد
11/2/2011 ملايين المصريين يعيشون حالا من السعادة والفرح لم يشعروا بها من قبل. 15/4/2011 ملايين المصريين يعيشون حالا من الترقب والقلق، ترتفع حدته عند البعض فيشعر بالخوف وينتابه إحساس بالتشاؤم بينما الكثيرون يتمسكون– مع القلق- بالتفاؤل والفرح.
في 13/2/2011 عقدت ندوة حول الثورة المصرية في جمعية الخريجين تشرفت بالحديث فيها، وذكرت في الإجابة عن سؤال وماذا بعد؟ «أن مصر ستعاني حالا من عدم الاستقرار السياسي لمدة قد تصل إلى 3 سنوات، ولكن المهم الآن هو الاستقرار الأمني الذي أتمنى أن يتم في خلال أسابيع أو شهور على الأكثر». هذا ما كان وهو الآن واقع يراه الجميع، فعدم الاستقرار السياسي لا يحتاج إلى إثبات أو دليل مع ملاحظة أن ذلك لا يرتبط– عموما- بالثورات، فهناك دول بلا ثورات تعاني الفوضى السياسية وعدم القدرة على تشكيل حكومة. وعلى الجانب الأمني هناك تطور نحو الأفضل لا يخفى على أحد، وللرد على من ينكرون ذلك نتساءل: هل الوضع الأمني الآن كما كان يوم 11/2/2011؟ بالتأكيد لا... فالآن أكثر استقرارا مما كان وأقل مما نتمنى.إذا كان الوضع الآن «أمنيا وسياسيا» كما ذكرت وتوقع الجميع فلمَ الخوف الذي ينتاب البعض والتشاؤم الذي بدأت أسهمه ترتفع عندهم؟البعض متشائم لأنه كان يتمنى سرعة التحول مع الاستقرار والانطلاق إلى الأمام، ولا نلومهم على ذلك، ولكن نقول وبوضوح، لقد أسرفتم في التفاؤل قليلا، والبعض الآخر «داخليا وخارجيا» يرفع درجة التشاؤم والخوف أو التخويف–بالأدق- «لغرض في نفس يعقوب»، فهو يريد أن يفرض تشاؤمه وخوفه على الجميع، ولذلك بدأنا نسمع من يتساءل بخبث يشوبه بعض الغباء عن الوضع قبل خلع الرئيس والآن؟ وماذا حققت الثورة التي يتباهى بها المصريون سوى الفوضى والتخريب؟ وبعيدا عن الأغراض الخبيثة والنفوس الضعيفة التي تحرك هؤلاء، وتقديرا لأصحاب النوايا الصادقة نقول: نعم، هناك أسباب تدفع إلى القلق– بحب- من الغد ومنها:أولا: بعض القرارات والتصرفات غبر المبررة التي يصدرها المجلس العسكري الحاكم؛ مثل الموقف من الإعلان الدستوري وعدم توضيح الصورة بدرجة كافية قبل الاستفتاء، وعلى الجانب الآخر التباطؤ أو عدم اتخاذ قرارات يراها الشعب ضرورية؛ مثل الموقف من محاكمة الرئيس المخلوع، ومطالب الثوار بشأن التغيير الشامل.ثانيا: الخلط بين الوضع الأمني والسياسي، فخروج المظاهرات والمسيرات مطلب سياسي مشروع، ولكن انحراف هذه المظاهرات إلى أعمال شغب انفلات أمني مرفوض.ثالثا: فشل المجلس العسكري– إلى الآن- في استثمار الثقة التي منحها له الشعب، وإحساس المصريين جميعا– بصراحة شديدة- أن رئيس المجلس ينتمي إلى النظام السابق، لذلك يجب عليه شخصيا أن يعلن بكل وضوح تبرئة نفسه وتخليه تماما عن النظام السابق. هذه هي بعض الأسباب التي تدفع المخلصين أصحاب النوايا الطيبة للشعور بالقلق من الغد، وكما نرى فالدور المطلوب من المجلس العسكري أكبر بكثير مما هو مطلوب من المواطنين، وأكبر مما يقوم به فعلا، فيا رجال المجلس أسرعوا الخطى وثبتوا الهدف واستثمروا ثقة الشعب، وأكرموا دماء الشهداء يتحقق لمصر ما نتمناه من استقرار أمني وسياسي. * «العربية جيت»... يوما بعد يوم ستتضح أسباب وأبعاد الكلمة المسجلة للرئيس المخلوع «بثورة الشعب وليس بإرادته كما قال كاذبا»، ولكن نظرة سريعة إلى حساب الربح والخسارة نجد أن الخاسر:(1) القناة الفضائية التي أذاعت الكلمة، وتحدثت بحديث بين الجهل والغباء أنه سبق صحفي لا علاقة له بالسياسة!! ففقدت احترام الشعب المصري ووضعت نفسها موضع العدو له.(2) الرئيس المخلوع الذي أثبت مرة أخرى أنه مغيب تماما ويعيش في عالم آخر، ولا يصلح أن يكون عمدة لقرية من قرى الريف وليس رئيسا لمصر. أما الرابح الأكبر فهو الشعب المصري، فقد كانت هذه الكلمة سببا في:(1) الإسراع في محاكمة الرئيس السابق.(2) تأكد من كان متشككاً من محاولات الثورة المضادة الدائبة لوأد الثورة والإضرار بمصالح الشعب.(3) دفع المجلس العسكري لاتخاذ قرارات ستعيد الثقة بينه وبين الشعب.وفي النهاية نقول لكل من سعى إلى إخراج وإذاعة هذه الكلمة: «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين». صدق الله العظيم.