رحل معرض الكتاب الدولي بالأمس، وهذه بعض الأفكار التي راودتني خلال أيامه ومن بعده، أو لعلي راودتها! لا أدري. وبالمناسبة، فمن الذي يراود الآخر؟ أنحن الذين ننقض على أفكارنا، أم أن أفكارنا هي التي تنقض علينا؟! فكرة شائقة، أليس كذلك؟ على كل، ليست هي موضوعي، ولعلي أعود إليها متى ما تيسر.
كانت لي خلال أيام المعرض، وقبيله (بضم القاف، وفتح الباء)، ولله الحمد بعض الأنشطة المرتبطة بهذه الاحتفالية السنوية الجميلة (بالنسبة لي على الأقل)، والحقيقة، التي قد لا يعلمها البعض، أن هذه الأنشطة هي جزء من خطة وضعتها منذ مدة ولم تكن وليدة لحظاتها، إيمانا مني بأن على كل من يستطيع القيام بشيء مفيد ما أن يقوم به، وأن التغيير والتطوير في المجتمعات الحية دائما ما كانا يبدآن بالجهود الفردية، وعلى مستوى النفس دائما، لأن القعود وتعليق الأمر كله على مشجب رداءة الجهات المسؤولة، لن يوصلا إلى شيء على الإطلاق.لهذا فقد قمت بتجهيز قائمة من الكتب المقترحة للاقتناء، ونشرتها في موقعي الشخصي، ولاقت ولله الحمد قبولا حسنا ورواجا بديعا، أدى إلى نفاد أغلبها، إن لم يكن كلها. كذلك قمت، وتزامنا مع فترة المعرض، بإطلاق موقع إلكتروني، وباجتهاد شخصي، أسميته موقع «القراءة الذكية»، يهتم ويعتني بنشر المقالات والأخبار والمواد الإعلامية، المتضمنة لإرشادات وتوجيهات ونصائح لمن يرغبون في الدخول إلى عالم القراءة السحري الجميل، ويمكن الوصول إلى هذا الموقع الذي لايزال ينتظره الكثير من التطوير والإضافات، من خلال محرك البحث غوغل، أو عبر الوصلة الموجودة في موقعي الشخصي. وظهرت كذلك في لقاء متلفز في برنامج «مسائي» على قناة «الراي» بدعوة كريمة من الأخ بدر الجزاف معد البرنامج، وحرصت من خلال هذا الظهور على التوجيه نحو أهمية القراءة وأهمية نشر ثقافتها، بالرغم من ميلان جو البرنامج نحو الحديث عن أزمة الرقابة. وسينطلق أيضا، وخلال أيام الموسم الثقافي الجديد لمجموعة «رواق الكلمة» والتي تعمل منذ عدة سنوات دون انقطاع ولله الحمد، حيث تم إعداد سلسة منتقاة بعناية من الكتب لقراءتها ومناقشتها خلال الشهور القادمة.أدرك أن هذه الأنشطة قد تبدو صغيرة جدا في عين البعض، وأنه قد يراها مثل قطرة في البحر، لكنني على العكس من هذا أومن بالمثل الصيني الذي يقول: قطرة بعد قطرة صنعت المحيط العظيم! هذه الأنشطة، وغيرها قادم في الطريق بإذن الله، هي ما أستطيع تقديمه وفعله إيمانا بدوري كمثقف وقارئ فرد وناشط في محيطه ومجتمعه، وهو ما أفعله وسأستمر بفعله بإذن الله، وليفعل غيري، كل من مكانه ووفق قدرته وبما يملك من موارد ما يستطيع فعله، وأنا واثق تماما بأنه لو أن كل واحد منا كنس أمام بيته وفي تلك المساحات التي يستطيع الوصول إليها دون أن يطأ على قدم أحد، لأصبح عالمنا كله مكانا نظيفا!زميل عزيز، كتب يقول لن أذهب إلى معرض للكتاب ليس فيه إلا كتب الطبخ والسحر وتفسير الأحلام، وهذه «كليشيه» صار يرددها كثيرون، لكن أظرفهم من يحاولون مداراة جهلهم وقلة ثقافتهم بادعاء المقاطعة، في حين أنهم في الواقع بعيدون جدا عن القراءة الحقيقية بكل أشكالها، ومنهم زميلي العزيز هذا. لكن الحقيقة، أنه وبالرغم من كل ما قيل، مما يقال كل عام، عن موضوع الرقابة، وحرمانها للقارئ من عناوين مهمة، فإن العقلاء قد وجدوا في المعرض، ككل عام أيضا، الكثير الكثير مما استحق الاقتناء والقراءة.كانت هناك في معرض هذا العام، عناوين مدهشة ومثيرة للفكر ومنيرة للعقل وبالعشرات، ولو أن البعض ممن يقولون بعكس هذا، قد كلفوا أنفسهم بعض العناء للذهاب والتصفح والاختيار، هذا لمن أراد منهم الوصول إلى المعرفة حقا، لظفروا بالكثير من هذه العناوين، والتي كانت ستغنيهم، ربما طوال عمرهم!
مقالات
في وداعية معرض الكتاب!
24-10-2010