«التجارة» ماضية في معاقبة الشركات المخالفة... حتى تصل إلى «إلغاء التراخيص»
تطبيق المادة 178 من قانون الشركات بداية المشوار... وتعمل تدريجياً للوصول إلى آخر العلاج
يبدو أن وزارة التجارة تتجه إلى تشديد معاملاتها مع الشركات المساهمة المخالفة لقانون الشركات التجاري، إذ ستعمل على إيقاف جميع معاملاتها، وإيقاف تجديد تراخيص الشركة المذكورة أو شركاتها التابعة، وذلك من بين خطوات أخرى عقابية.
كشفت مصادر مطلعة لـ"الجريدة" أن وزارة التجارة والصناعة مستعدة للذهاب إلى أبعد الإجراءات "قانونياً" بشأن الشركات المساهمة والمخالفة لقانون الشركات التجاري، التي طبقت بحقها المادة 178 من القانون نفسه، مضيفة أنه من المتوقع أن تستمر "التجارة" في إجراءاتها حتى وإن وصلت إلى "إلغاء التراخيص" للشركات المخالفة.وتأتي هذه المعلومات في وقت برزت فيه بعض التساؤلات عن جدوى تطبيق المادة 178 من قانون الشركات التجاري، وعقد عمومية للشركات المساهمة بناء على دعوة "التجارة" نفسها، والتي شملت معظمها تقريراً مفصلاً من الوزارة تحدد من خلاله المخالفات التي ارتكبتها الشركة خلال الفترة المالية موضوع الاجتماع، واتسمت معظم العموميات المنعقدة وفقاً للمادة المذكورة بروتين وحيد، وهو ذكر مخالفات الشركة ومن ثم رد الشركة ومن ثم انتهاء الاجتماع، دون أن يلتمس المساهمون وتحديداً الصغار منهم أي قرار أو إجراء مباشر يساهم في استرجاع بعض حقوقهم التي يطالبون بها.مخالفات متشابهةأكثر المخالفات التي ذكرت في تقارير الوزارة كانت متشابهة ومتكررة، حيث تركزت معظمها في مخالفة الشركات للمادة 154 من قانون الشركات التي تنص على أن تنعقد الجمعية العامة للمساهمين مرة على الأقل في السنة في المكان والزمان اللذين يعينهما نظام الشركة، والمادة 157 التي تحدد جدول أعمال اجتماع الجمعية العامة للشركة من سماع تقرير مجلس الإدارة ومراقبي الحسابات ومناقشة الميزانية وعدد من البنود الأخرى، والمادة 148 التي نصت على "رئيس مجلس الإدارة وأعضاؤه مسؤولون تجاه الشركة والمساهمين والغير عن جميع أعمال الغش وإساءة استعمال السلطة، وعن كل مخالفة للقانون أو لنظام الشركة، وعن الخطأ في الإدارة"، بالإضافة إلى مواد أخرى توزعت على حالات كل شركة على حدة ومخالفاتها الخاصة بها. ماذا بعد عمومية الـ 178؟تشير مصادر إلى أن الوزارة ستقوم بما يملي عليها القانون، حيث إنها ستعمل على إيقاف جميع معاملات الشركة التي لا تستجيب لأي ملاحظات منها، ولا تقوم بأي خطوة من الممكن أن تساعد في تصحيح المخالفات الواردة في تقارير الوزارة أو إنهائها، وسيشمل إيقاف معاملات الشركة إيقاف تجديد تراخيص الشركة المذكورة أو شركاتها التابعة وحتى الوصول إلى عدم الاعتراف بشرعية الاجتماعات التي تتم بين مجلس إدارتها، وعدم الاعتراف بمحاضر تلك الاجتماعات رسمياً، وغيرها العديد من المخالفات التي من شأنها أن "تشل" حركة الشركة وتجبرها على المضي قدماً في تصحيح الأوضاع "المغلوطة" لديها والقيام بما تطلبه الوزارة من ملاحظات.هل سنصل إلى إلغاء الترخيص؟تؤكد مصادر مطلعة إيجاباً عن هذا السؤال، وتقول إن "التجارة" ستلجأ إلى الأسلوب التدريجي في الوصول إلى "آخر العلاج"، مستبعدة في الوقت ذاته اللجوء إلى هذا الخيار بشكل فوري ومباشر دون أن تقوم ببعض الخطوات السابقة له، والتي من الممكن أن تساهم في حل المشاكل مع الشركات المعنية دون إلغاء تراخيصها، فمن غير المنطقي أن تستمر شركة ما بارتكاب مخالفات متكررة ولا تجد من يوقفها عند حدها، ثم ما فائدة الوزارة إن لم تقم بدورها المطلوب كجهة رقابية من مهامها مساعدة مساهمي الشركات! ومن سيحميهم من تجاوزات إدارات تعمدت العبث بأموالهم والتكسب على ظهر هؤلاء المساهمين!وتقول المصادر إن الوزارة ستعتمد في خطوات إلغاء التراخيص على قانون التراخيص التجارية، بحيث ستأخذ ما تراه مناسباً للتطبيق على الشركات المساهمة وتطبيقه عليها، لأنه لم يفرق في مواده بشكل مباشر بين الشركات المساهمة والشركات الخاصة المملوكة لأشخاص، وبالتالي سترى الوزارة ما هو الأنسب من الناحية القانونية للاستناد إليه عند اتخاذها هذه الخطوة.وسواء قامت الوزارة بإلغاء التراخيص أم لم تقم، فإنها بالتأكيد ستقوم بدورها الأساسي كجهة رقابية مسؤولة خصوصاً أن وزيرها أحمد الهارون قال في تصريحه الشهير "إن السوق يحتوي على شركات عفنة، وبالتالي يحتاج إلى تنظيفه منها"، ونأمل خلال الأيام القادمة رؤية عمليات التنظيف على أرض الواقع، وبشكل يؤدي إلى إخراج أكبر عدد ممكن من "العفن" من السوق الذي نحتاج وبشدة إلى أن نراه بشكل أنظف كثيراً مما نراه في الوقت الحالي.