إن العنوان الرئيس للمرحلة القادمة هو لا جديد في الحكومة، سواء برئيسها وقد حسم هذا الأمر، ولا جديد في نهجها وهو المتوقع والمرجح، ومما يساعد على استمرار هذا الوضع أيضاً إصرار المعارضة، خصوصاً بعض الكتل البرلمانية على قطع العلاقة كلية مع شخص رئيس الوزراء.

Ad

يبدو أن شعار المعارضة المنادية برئيس وزراء جديد ونهج حكومي جديد قد ذهب أدراج الرياح، أو على الأقل الشطر الأول منه، فهل يمكن التعويل على الشطر الثاني منه؟ والرهان الأهم في المرحلة السياسية القادمة سيكون على مدى استعداد سمو الرئيس وقدرته على تدشين نهج جديد لحكومته لاحتواء معارضيه أو استعادة ثقتهم، وكسب تأييد الرأي العام على نطاق واسع، أو الاستمرار في التكتيك السياسي نفسه والتحالفات المؤقتة لضمان الحد الأدنى من الأغلبية البرلمانية لتجاوز الاستجوابات، خصوصاً المقدمة إلى رئيس مجلس الوزراء.

ومن المرجح أن يكون الخيار الثاني هو المفضل عند الشيخ ناصر المحمد، وذلك على ضوء التجارب الست الماضية لحكوماته، ولهذا فإنه من المتوقع أن تكون التشكيلة القادمة هي نسخة من الوزارة المستقيلة مع تغيير محدود لبعض الوجوه والحقائب لاسيما من بين الوزراء الشعبيين وليس أبناء الأسرة، وذلك بسبب الوضع الداخلي المنقسم وضرورة مراعاة جميع الأجنحة فيها.

أما كسب الأغلبية البرلمانية الضامنة لرئيس الوزراء، ولو بثلاثة وعشرين صوتاً، فقد تكون الأولوية الأهم في منظور الرئيس، وهذا قد يتحقق إما بتوزير بعض النواب وإما بالمحسوبين على بعض الكتل البرلمانية بقصد اختراقها، وإما من خلال الوعود بترضيتها ببعض المناصب المهمة في الدولة، والتي مازالت شاغرة لهذا الغرض إلى الآن!

ولذلك، فإن العنوان الرئيس للمرحلة القادمة هو لا جديد في الحكومة، سواء برئيسها وقد حسم هذا الأمر، ولا جديد في نهجها وهو المتوقع والمرجح، ومما يساعد على استمرار هذا الوضع أيضاً إصرار المعارضة، خصوصاً بعض الكتل البرلمانية على قطع العلاقة كلية مع شخص رئيس الوزراء.

وعلى ضوء ما سبق، فإن أهم السيناريوهات المتوقعة بعد تشكيل الحكومة دستورياً يمثل في ثلاثة احتمالات: أولها، تقديم استجواب آخر لرئيس الوزراء وقد يكون مبكراً جداً، الأمر الذي يعيد الاحتقان السياسي إلى المربع الأول من جهة، ومحاولة كسب رضا النواب على كل المستويات من جهة أخرى، والمحصلة هي تعطيل المشاريع المهمة وفي مقدمتها حزمة تشريعات الإصلاح السياسي والمالي والإداري، بل إقحام المجتمع برمته في استقطابات واصطفافات جديدة أو تعميق القائمة منها.

وثاني الاحتمالات عودة أجواء الحرج السياسي إلى نواب الحكومة في حال تصديهم لأي استجواب قادم، سواء ما يتعلق بعدم تمرير معاملات ناخبيهم أو رد الحكومة للاقتراحات النيابية الشعبية، خصوصاً ذات الكلفة المالية مثل الكوادر الوظيفية وامتيازات المرأة والعلاوات الاجتماعية ونقل إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة وغيرها من المواضيع التي تهم شريحة واسعة جداً من المواطنين.

وثالثاً، ونتيجة لسياسة حافة الانهيار التي قد تنتهجها الحكومة لضمان الأغلبية البرلمانية، ونظراً لتقارب الأرقام المؤيدة والمعارضة لرئيس الوزراء فقد لا تصمد هذه الأغلبية، خصوصاً إذا كانت مادة المساءلة قوية ومحرجة، وعندئذ يكون حل المجلس والدخول في حسبة انتخابات جديدة، هو السيناريو المتوقع لنبدأ عندها مرة أخرى من نقطة الصفر.

أما الضحية الأولى والأخيرة لمثل هذا الاحتقان السياسي المغلف بطابع من العناد فهي المصلحة الوطنية العليا، ومستوى الخدمات العامة للناس التي تعاني الأمرين منذ فترة ليست بقصيرة!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة