لماذا وصل السكين إلى العظم؟
إن معالجة القضية الطائفية بشكل جذري تتطلب في الأساس معالجة أسبابها الرئيسة بعد معرفتها وتشخيصها بشكل دقيق، إن المطلوب هو الإجابة عن أسئلة من شاكلة: لماذا وصل السكين إلى العظم؟ ومن يتحمل المسؤولية عن ذلك؟ ثم لماذا أصبح التطرف والغلو الديني سمتين بارزتين من سمات مجتمعنا الصغير.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
ثم وبعد الإجابة عن هذه الأسئلة فإن المطلوب هو الإسراع في اتخاذ قرارات حكومية جريئة تعيد الاعتبار إلى مشروع الدولة الدستورية الحديثة التي يتساوى فيها المواطنون جميعا تحت مظلة القانون، إذ إن المواطنة الدستورية هي أساس الانتماء الوطني، وهو المشروع الذي وئد مع الأسف الشديد منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي لمصلحة مشروع الغلو والتطرف الديني الذي نقطف "ثماره" غير المباركة هذه الأيام. وأول القرارات الحكومية المطلوب اتخاذها، إن كان هناك فعلا جدية في القضاء على الطائفية والقبلية والفئوية، هو الإعلان عن انطلاق مشروع الإصلاح السياسي الشامل الذي يجب يبدأ بنقد التجربة السياسية الماضية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من تردٍّ على المستويات كافة، والتأسيس لمرحلة سياسية نوعية جديدة ترتكز على التطبيق الفعلي للدستور الذي أهمل تطبيقه، رغم أنه يمثل الحد الأدنى لقيام الدولة الدستورية الحديثة. ما لم يتم ذلك فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة وعندئذ فإننا "لا طبنا ولا غدا الشر"، إذ سرعان ما سنعود للمربع الأول وتعود "حليمة لعادتها القديمة" لأنها متأكدة من أنها ستجد المسرح مجهزا بالكامل والجمهور متلهفا جدا لرؤية العرض الفئوي أو الطائفي الاستفزازي الجديد والمشاركة فيه.