اختزلت قاعة الاحتفالات الكبرى بمجلس الأمة أمس المشهد السياسي، بالتقاء ثلاثة أجيال من النواب في محاضرة "الدستور عطاء"، التي أقيمت استذكاراً للوثيقة السياسية الأهم في تاريخ الكويت بمناسبة ذكرى وضع الدستور أمس قبل 48 عاماً.

Ad

نواب الأمة لم يتحدثوا هذه المرة، بل ظلوا مستمعين وسط مقاعد الحضور، فحينما يتحدث التاريخ لا يجد الحاضر نفسه إلا مستمعاً.

تحدث النائب في المجلس التأسيسي يوسف المخلد والنائبان السابقان صالح الفضالة وعبدالمحسن جمال، فأسقطوا من الماضي ما أرداه على المستقبل، وكان الدستور هو المحتفى به، وحوله دار الكلام، ومن حول حوله انطلقت الإشارات وجاءت التصريحات، ليحاكي المشهد واقع ما نراه يومياً من ممارسات نيابية تحتوي على تصعيدات وتبادل اتهامات وخروج عن اللائحة والمقرر، ثم أجواء شحن يلحقها حديث عن أهمية التمسك بالوحدة الوطنية.

الفضالة أشار إلى أن دستور الكويت جاء من روح الدستور البلجيكي، وشد جمال نبرة صوته حينما قال إن "المعارضة بالسابق كانت تحمل حساً وطنياً، وكان رجالها يعطون البلد ولا يأخذون منه"، أما كلمات المخلد فطالب زملاءه ممن حملوا الأمانة بعده أن "يتقوا الله بالبلاد ويبتعدوا عن المهاترات وألا يستخدموا أرذل القول في قاعة عبدالله السالم، أما الدستور فمن أحسن الدساتير بالعالم، وقد وضعه خيرة الرجال، ولا يحتاج إلى تعديل".

كلمات المخلد استفزت الراشد، فطلب التعقيب رداً على ما اعتبره مساساً واتهامات بلغت حد التخوين بسبب دعوته إلى تعديل الدستور، إلا أن المخلد بدا عليه التململ خلال حديث الراشد، وفضل الخروج من القاعة ليعود لاحقاً بعد تعقيب أمين سر المجلس الذي تداخل مع صوت أذان الظهر.

انتهت المحاضرة والتفت طالبات ثانوية عواطف العذبي من منطقة الأحمدي  التعليمية حول نائبة الدائرة الأولى شرق معصومة المبارك لالتقاط صورة تذكارية، فقد سبق لهن الالتقاء والاجتماع بالنائب أحمد السعدون في مكتبه، ثم حضرن جزءاً من المحاضرة، وكانت المفاجأة حينما اصطففن للصورة بأن عرّف النائب سالم النملان زميلته المبارك بنائبة المستقبل شهد سالم النملان، فعلقت رولا دشتي "إن شاء الله بيفوتوا كلهن عالمجلس"، لتنسل معصومة بعدها من الصورة بهدوء لتودع المخلد الذي صافحها قائلا: "المرة الياية تعالي ويبي معاج زود"، في إشارة إلى ضرورة رفع عدد النائبات في المجلس.

قاعة الاحتفالات الكبرى اختزلت أمس المشهد السياسي، فذكرى ولادة الدستور استحضرت تاريخ يوسف المخلد الذي ترك الأجيال تختلط، ورحل متكئاً على عصا خبرته مستحضراً عمراً طويلاً قضاه في خدمة وطن تغير عليه جداً على مدى 48 عاماً، ولم يكن أمامه سوى أن يستجدي النواب الرفق به.