شركات استثمار إسلامية... بالاسم فقط!

نشر في 10-10-2010 | 00:01
آخر تحديث 10-10-2010 | 00:01
ركزت على الأساليب «الملتوية»
أخطاء عديدة وقعت فيها بعض الشركات الاستثمارية الإسلامية قبل حدوث الأزمة المالية وانكشفت خلالها وساهمت في تغيير النظرة الإيجابية لهذا القطاع، الذي من المفترض أن يلتزم قواعد محددة تميز له «الغث من السمين».

عندما تتبع شركة ما الشريعة الإسلامية كنموذج عمل وأساس لعملياتها الاستثمارية، فهي بالتالي ستكون تحت المجهر أكثر من غيرها إذا ما لمس المراقبون حولها أي تحركات غير مشروعة أو اتباعها لطرق ملتوية من أجل تحقيق الأرباح غير المشروعة، فالقالب الإسلامي لنشاطها يحتم عليها التزام مبادئه الواضحة التي تمنع وتحرم أي تكسب غير مشروع في أي نشاط تجاري.

لسنا نحاول أن نخوض في أمور الفقه والقيام بإصدار فتاوى هنا أو هناك، لكننا نحاول أن نسلط الضوء قليلاً على أبرز ما لمسناه من العديد من الشركات الاستثمارية الإسلامية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، التي وصل عددها حتى الآن إلى 16 شركة مدرجة، وغيرها بالتأكيد العديد من الشركات الأخرى غير المدرجة، وبعض التجاوزات أو التلاعبات بمعنى أدق خلال الفترات الماضية وأدت الأزمة المالية إلى كشف المستور منها.

امتيازات عديدة

الاستثمار وفق نظام الاقتصاد الإسلامي يتيح للشركات العاملة به تحديات وإمكانات أكثر للتحديات التي تواجهها في مختلف الظروف الاقتصادية، فلديها من الأدوات والمنتجات الاستثمارية ما يزيد على 6 أضعاف ما هو متاح للشركات الاستثمارية التقليدية، إذ إن عدد المنتجات الإسلامية الاستثمارية زاد عن 30 منتجاً وأداة استثمارية، مثل الإجارة والمرابحة والتوكيلات والتورق وغيرها العديد من المنتجات، في الوقت الذي تعاني الشركات التقليدية محدودية الأدوات الاستثمارية ضمن نطاق عملياتها التشغيلية، وبالتالي يجب أن تكون هذه الميزة "نعمة" للشركات الإسلامية لا "نقمة" تستخدم بطريقة عكسية تؤدي إلى عواقب، "المساهمون في غنى عنها".

ومع الانتعاش الاقتصادي الذي حدث قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية ووصول تأثيراتها إلى الكويت، كان من السهل على أي شركة أن تحقق أرباحاً ونتائج إيجابية في ظل النشاط الكبير الحاصل آنذاك، لكن هذا الانتعاش ساهم في إغفال جانب الكفاءة والخبرة الفنية التي تحكم تسلم مسؤول ما لمناصب قيادية في إدارات الشركات، ومع وجود المحسوبية هنا وهناك أصبحنا نلاحظ تعيين بعض القيادات دون أن تكون مؤهلة لتلك المناصب، في إغفال واضح لمعيار الأمانة والكفاءة التي تحتاج إليها الشركة لقيادة دفتها، وهذا ما أدى إلى اختراق العديد من الاستغلاليين والمضاربين لإدارات الشركات والانحراف بها إلى المسار الذي نراه حالياً في أغلب شركات الاستثمار الإسلامية.

أسلوب فاشل

وقعت أغلب الإدارات ممن لا تملك الكفاءة اللازمة في أخطاء كثيرة، نظراً لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار مبادئ وقيم استثمارية من النظام المالي كله، والعمل على فهم الدورة الاقتصادية في نفس حقول أنشطتها التي استثمرت بها، مما أدى إلى تورطها في تمويل أنشطتها، وبالتالي رأيناها تتجه إلى رسملة ديونها دون وجود خبرة في كيفية التصرف في ظل هذه الظروف الصعبة عليها، ما ساهم في اتباع أسلوب لحل هذا الوضع ثبت فشله مع مرور الوقت، وهو الاستحواذ على حصص عملائها المتعثرين وأنشطتهم التي يستثمرون بها، لكن مع تشعب الأنشطة للشركة واشتمالها على العديد من الأنشطة غير التشغيلية الناتجة عن استحواذها على استثمارات عملاء متعثرين، أصبحت هذه الشركات تعاني تعثرات في أنشطة غير تشغيلية أساساً لها، وباتت آيلة للسقوط في اختبارات "الصمود والبقاء".

أخطاء أخرى

لم يكن الخطأ المذكور أعلاه الوحيد، بل كان خطئاً من سلسلة أخطاء قامت بها أدت إلى تعثرها مع وصول تأثيرات الأزمة المالية إلى الكويت، وهي:

● التوسع دون دراسات كافية مبكراً: فكان الطمع بتحقيق أرباح كبيرة وسريعة هاجساً للعديد من المسؤولين في تلك الشركات، غير مهتمين بضرورة قيام المشروع على أسس فنية ودراسات اقتصادية أساسية تحدد الجدوى منه.

● التركيز على عمليات الاستحواذ والتوسع الأفقي: وأصبح الهدف الرئيسي منها هو "التوسع من أجل البروز إعلامياً" ليس إلا، لا أن يكون التوسع خادماً لخطط الشركة واستراتيجيتها الاستثمارية.

● التركيز بشكل أكبر على المضاربة، متناسيةً تلك الشركات أنها "شركة استثمارية" وليست "فرداً مضارباً" في السوق، أي أن القرارات الاستثمارية يجب أن تكون خاضعة لدراسات استثمارية معينة بل تكون النظرة لهذه الاستثمارات على أنها طويلة الأجل، وليست سهماً لـ"يوم أو يومين".

● الاعتماد على قروض طويلة الأجل لمشاريع قصيرة، وللعلم كان أغلب هذه المشاريع عمليات مضاربية بحتة، ومع انهيار السوق في بداية الأزمة "كشف الستار" عن هذه الأخطاء القاتلة.

● لابد من الإشارة إلى عمليات ملتوية ركزت عليها بعض الشركات، وهي اللجوء إلى عمليات تفريغ الأصول والاتجاه إلى عمل صفقات بينية بين بعضها، من أجل تجميل الميزانيات واستفادة شخص ما هو في النهاية قريب من القيادي في هذه الشركة، ولابد من "مراعاته" ولو على حساب مساهمي الشركة.

هيئة الرقابة

من المؤكد بعد حدوث الأزمة المالية، أن تكون هناك معايير ثابتة ووثيقة عمل يجب أن تلتزم بها جميع هيئات الرقابة الشرعية التي تعمل مع الشركات الإسلامية، كي لا تقع في المحظور وتساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تمرير صفقات مشبوهة أو عمليات استحواذ أو القيام بمشروعات لا تتفق مع هذه المعايير، وبالتالي تساهم بنفسها في تغيير نظرة المساهمين لها على أنها "مشتركة" في اللعبة نظير "عمولة" معينة اتفق عليها مسبقاً.

back to top