الهاشل: رأس المال لا يحمي البنوك من الأزمات... والاعتماد على إدارات المخاطر ضرورة

نشر في 07-12-2010 | 00:01
آخر تحديث 07-12-2010 | 00:01
أكد في ندوة «بازل 3» أن القطاع المصرفي لا يعي قيمة إدارة الأصول بسبب رؤيته قصيرة الأمد
• بعد انتهاء الأزمة ستعود البنوك إلى إهمال إدارة المخاطر ونسيان دورها
 لم تتناول قوانين "بازل 3" عملية كفاية رأس المال فقط، بل تعدت ذلك إلى التوازن في نسبة المديونية والسيولة وكذلك  المخصصات، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات التي جاءت مع هذه الحزمة من القوانين، الأمر الذي دفع بنك الكويت المركزي إلى التشديد على البنوك لتطبيقها خلال المدة المسموحة.

أكد نائب محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل أن رأس المال ليس وحده الذي يحمي البنوك من الأزمات، وإنما إدارة المخاطر، مهما يكن المعدل الذي نفرضه لكفاية رأس المال، كما هي الحال في الكويت بنسبة 12 في المئة، وحتى إذا رفعت هذه النسبة إلى 16 أو 18 في المئة، فهذا لا يعني أن البنك محمي أو منعزل عن الأزمات.

وشدد الهاشل في مداخلةٍ له خلال ندوة عقدتها شركة "ديلويت اند توش" حول قرارات لجنة "بازل 3" وتأثيرها على البنوك المحلية والعالمية على أن إدارة المخاطر هي التي تفعل ذلك، مهما امتلكت البنوك من رأسمال، إلا إذا قامت بالفحص النافي للجهالة وأعطت القوة لإدارة المخاطر، لافتا الى أن هذه الإدارة بحاجة إلى الكثير من الاستقلالية والقوة اللازمة للإدلاء بآرائهم بغض النظر عن الأشخاص المسؤولين عن الائتمان، وانه إذا لم يكن لهم الاستقلالية الكافية والقوة للإدلاء بآرائهم فلا أعتقد أن رأس المال سيكون قادراً على استيعاب أي خسارة.

وأوضح  أن "بازل 3"  ليست عملية كفاية رأس المال فقط بل تعدت التوازن في نسبة المديونية والسيولة وكذلك المخصصات، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات التي جاءت مع هذه الحزمة، مشيراً إلى ان بعض الجهات المصرفية  والشركات لم يكن لديهم الخبرات الكافية لذلك كانوا بحاجة الى استشارة البنوك المركزية.

قال إنه تم تصنيف الأسهم غير المدرجة أو الاستثمارات على سبيل المثال على أنها أصول متوافرة للبيع، لأنها من السهل ان تتحرك خلال الأزمة، عندها تذهب إلى احتياطيات خاصة في الاسهم العادية أو إذا ما صنفت مع الارباح والخسائر، عندها تذهب إلى بيان الميزانية.

وقال انه سبق أن أشرت  خلال الندوة التي عقدتها لجنة "بازل" في سبتمبر الماضي، الى ان الأسهم غير المدرجة من الصعب تقييمها كأصول، ولذا فالغاية الرئيسية من تعريف أو اعادة تعريف رأس المال هو الوصول الى تعريف ملموس ومحدد، وهو أمر يؤدي الى خسارة استيعاب رأس المال.

تحديد القيم

وأشار الهاشل إلى أن تحديد قيم أسهم الشركات والاستثمارات غير المدرجة أمر متروك للبنوك لتحديد سعر هذه الاستثمارات، موضحا ان مسؤولية المراقبين الماليين قائمة على التحقق من صحة هذا التقييم، ولذا سيكون من الصعب تحديد ما اذا كان هذا التقييم عادلا.

وأعرب عن مخاوفه من قيام البنوك، باحتساب كفاية رأس المال على أساس قيمة الاسهم العادية، مما قد يعطيهم ذلك حافزاً لتغيير الأرقام بطريقة ما، وبالتالي رفع التقييم، الامر الذي سيكون لديها معدلات أفضل. ولهذا نسعى إلى أن يكون رأسمال حقيقيا وملموساً أكثر وأقل استيعاباً للخسائر، الأمر الذي قد يخلق المزيد من "الألغاز" ويجعل الامر أكثر صعوبةً على البنوك وعلى المراقبين الماليين في تحديد ما إذا كان رأس المال هذا حقيقياً وأقل استيعاباً للخسارة.

 وأكد الهاشل أننا نواجه في أسواق المال مشكلة في السيولة خصوصا سيولة التداول، وحيث يكون من الصعب تسييل الاصول، وهذا يتنافي مع الغاية الأساسية من وجهة نظر المشرع من أن السيولة هي القدرة على تسييل الاصول في غضون فترة زمنية معقولة.

ودعا الهاشل الى الشفافية والوضوح وإلى إرساء قوانين مفهومة، لتسهيل حياة المنظمين والمصرفيين والمراقبين  الماليين، لافتا الى أن هناك مسألة اخرى هي استقرار الودائع في الشركات المتوسطة والصغيرة، طارحاً عدة تساؤلات حول كيف يمكن أن نحدد استقرار الودائع، هل يمكن العودة إلى دراسة تاريخ المودعين لتحديد مدى استقرارهم، موضحا إذا  وضعت نفسك مكاني، في كيفية وجود ثقة من أن البنوك قد درست استقرار الودائع بشكل جيد وصنفتها بالطريقة المناسبة.

الإشكالية المصرفية

وقال الهاشل إن الاشكالية المصرفية في أن بعض البنوك لا يعي قيمة إدارة الأصول، فهو ليس مركزاً للربح بالنسبة لهم، نظرا لأنها لا تحقق أي مداخيل بل تكون هذه الإدارة في الأوقات الجيدة عقبة أمام نمو البنك وتبقى المشكلة ان رؤية لدى بعض البنوك قصيرة الأمد، ولا يرون أنها ادارة مهمة، ولا يرون قيمتها الحقيقية في الأوقات الحاضرة، ولكنك بالتأكيد سيكون له فائدة في المستقبل.

وزاد أن المعضلة التي نعانيها مع البنوك، تأتي تتمثل في أنهم في بعض الاحيان لديهم رؤية قصيرة الامد للصورة، واذا نظروا الى الصورة بأكملها فسيفهمون أنهم اذا وضعوا استثماراً في ادارة المخاطر وفي الاوقات الجيدة، فسوف يربحون ثمن ذلك في المستقبل. ضاربا مثلا بمَن يبني منزلاً كبيراً لعائلة صغيرة قد لا يحتاج إليه حالياً، ولكنه بالتأكيد سيحتاج اليه في المستقبل لأولاده. وقد يكون أقل تكلفة بالنسبة لك الاستثمار فيه حالياً وكأنه خيار استثماري تدفع المزيد من خلاله في الوقت الراهن، ولكنك بالتأكيد ستربح ثمنه في المستقبل. وقد أظهرت الازمة المالية أهمية ذلك، ولكنني أؤكد أنه مع انتهاء الازمة وعودة الاوقات الجيدة مرة أخرى، سوف ينسون أهمية ذلك مرة أخرى وذلك بالطبيعة البشرية.

أهداف «بازل 3»

ومن جانبه، ألقى الرئيس التنفيذي لـ"ديلويت اسوسيتس" الوك تيواري الضوء على قرارات لجنة "بازل 3" وتأثيرها على البنوك المحلية والعالمية، شارحاً الأهداف الموضوعة للبنوك من قبل اللجنة، بخصوص معدلات كفاية رأس المال، ونسبة الرفع المالي والسيولة.

ورأى الوك أن "بازل 3" ركز على جودة واتساق وشفافية رأس المال، وهو سيحد من أنواع الصكوك الهجينة التي تحدد في الشريحة الأولى من رأس المال، كما أوصت بإجراء المزيد من الدراسات التي تركز على رأس المال المشروط والصكوك.

وأضاف تيواري أن الشريحة الأولى من رأس المال تتجه نحو تحديد حقوق المساهمين الملموسة، بالإضافة إلى أن الاقتراح يتضمن لائحة من 14 معياراً واجب توافرها في النظام بهدف إدراج الحصص العادية كأسهم عادية، وتتألف الشريحة الأولى من رأس المال من الأسهم العادية والأرباح المحتجزة والتعديلات التنظيمية (بما فيها خصم حقوق المساهمين الملموسة).

وأشار إلى أن الشريحة الأولى من رأس المال (غير الأسهم) يجب أن تخضع لهذه المعايير وأن يكون لها أرباح تقديرية وقسائم مع عدم وجود أي حوافز للتخلص منها في أوقات الشدة. مع تحديد الحد الأدنى لنسبة الأسهم العادية لمخاطر الموجودات الموزونة.

أما في ما يخص الشريحة الثانية من رأس المال بحسب "بازل 3"، فرأى تيواري أن القرارات الجديدة بسطت الشريحة الثانية عن طريق إنشاء مجموعة واحدة من معايير الأهلية للشريحة الثانية من رأس المال وإلغاء الشريحة الثانية العليا والسفلى. ولتحديد رأس المال على أنه من الشريحة الثانية، لا بد أن تخضع هذه الشريحة الثانية للمودعين والدائنين العامين، وهي غير مؤمنة وغير مضمونة، ويجب أن يكون لديها استحقاق أصلي 5 سنوات على الاقل. وأن يتم استدعاؤه من المصدر فقط بعد فترة 5 سنوات على الاقل. مضيفاً أن الشريحة الثالثة من رأس المال ستلغى كلياً.

تعديل التشريعات

وأضاف تيواري أن "بازل 3" دعت إلى التعديلات التشريعية، إذ إنها تختلف حالياً باختلاف المشرعين والقوانين الخاصة بكل دولة. وسيؤمن الإطار الجديد تعديلات متناسقة تطبق للأسهم العادية المكونة من الشريحة الأولى لرأس المال. وسوف تبدأ هذه التعديلات التشريعية في يناير 2014 بنسبة 20 في المئة من الخصم المطلوب من الأسهم العادية، ومن ثم نسبة 40 في المئة في يناير 2015 و60 في المئة في يناير 2015 لتصل إلى 100 في المئة في 2019.

وستشمل هذه التعديلات المتناسقة: حقوق الاقلية التي قد تحفز البنوك للتخلص من حصص الاقلية في الشركات التابعة، أو شراء الشركات التابعة، والأصول الضريبية المؤجلة وهو ما سيكون له تأثير كبير في الولايات المتحدة الأميركية، والنقص في الاحتياطيات، بالإضافة إلى حقوق مساهمين ملموسة أخرى بما فيها خدمات حقوق الرهن العقاري، فضلا عن الأرباح والخسائر غير المحققة، والمكاسب والخسائر الناتجة عن التغييرات في مخاطر الائتمان الخاصة، وأخيراً تحديد الأرباح من أصول وخصوم الصناديق التقاعدية.

وتحدث تيواري أيضاً عن نسب الرفع المالي، الذي تهدف إلى وضع حد أقصى لتزايد نسبة الديون في النظام المصرفي، وهي بسيطة. كما أن المخاطر التي لا تستند إلى نسبة الرفع المالي تستكمل متطلبات رأس المال على أساس المخاطر. وهي تقدم ضمانات إضافية في وجه نماذج المخاطر ومعايير الخطأ. وتخدم كمعيار إضافي موثوق لمتطلبات المخاطر الأساسية.

التعريف بآليات «بازل 3»

أكد الشريك الرئيسي في "ديلويت اند توش" بدر الوزان أن الهدف من السينمار هو التعريف بآليات "بازل 3" التي تهدف إلى تقوية البنوك والتقليل من المخاطر، لافتاً إلى أن التقليل من المخاطر يمثل حزام امان تحتاجه المصارف والشركات الاستثمارية.

وزاد الوزان بأن الإنسان في الظروف الصعبة يحتاج إلى آليات لعبور البحر وسط الامواج الصعبة ولكن عندما تكون الأجواء سهلة فالأمور تسير بشكل طبيعي، موضحاً أن الندوة أشارت إلى أن رأس المال وحده لا يكفي لحماية البنوك، فلا بد من المتابعة القوية لمجموعة الأصول وكذلك إدارة مخاطر قوية تتابع الاوضاع بحيث لا يكون هناك أي تهديد للأصول.

فرض تشريعات

قال الهاشل إن دور البنك المركزي يكمن في فرض هذه التشريعات ولكن البنوك قد تطبق هذه التشريعات بطريقة سطحية، وهو أمر يدعونا للمتابعة والرقابة الصارمة، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك رقابة داخلية في كل بنك، لأن المركزي لن يعرف كل ما يحصل داخل كل وحدة مصرفية، داعياً البنوك إلى منح الاستقلالية اللازمة لمديري المخاطر في اتخاذ القرارات، وأن يستوعبوا أهمية هذه الإدارة داخل البنك.

back to top