لا أظن أننا بحاجة للتأكيد على حبنا لليمن الشقيق وأهله الكرام، فاليمن منا ونحن منه، ولكن المشاعر الأخوية شيء والعلاقات العملية بين الشعوب شيء آخر تماما، لذلك فإن اختيار اليمن لتنظيم دورة الخليج كان منذ البداية مجاملة لا داعي لها، وسوف تنتهي بإحراجنا وإحراج الأشقاء في اليمن، فتأتي النتيجة مناقضة تماما لما كنا نسعى إليه.
وبحسب معلوماتي المتواضعة فإن آلية اختيار هذا البلد أو ذاك لتنظيم بطولة رياضية تكون عبر تقديم الدولة التي ترغب باستضافة البطولة بملف ترشيح يتضمن شرحا وافيا لعدد منشآتها الرياضية، وبنيتها التحتية، مع ضرورة تمتعها بأوضاع أمنية مستقرة، ولكن دورة الخليج لكرة القدم بطولة غير معترف بها دوليا ما جعل مسألة اختيار الدولة المضيفة قائمة على المجاملات، ولذلك اختارت دول مجلس التعاون وضع جدول ثابت لأماكن تنظيم البطولة كي لا يغضب أحد، وكي لا تتحسس أي دولة خليجية من اختيار دولة أخرى على حساب موقعها في (الترتيب الأخوي)!ولكن دخول اليمن على الخط أربك هذا (الترتيب الأخوي)، حيث وافقت اتحادات كرة القدم الخليجية على منح اليمن فرصة تنظيم البطولة رغم معرفة الجميع بالأوضاع الأمنية القلقة التي يعيشها اليمن الشقيق. صحيح أن تعليمات الاتحاد الدولي لكرة القدم لا تسمح بإقامة المباريات في حال عدم توافر الظروف الأمنية المناسبة إلا أن الاتحادات الخليجية اعتمدت على حالة عدم الاعتراف بهذه البطولة الأخوية ومنحت اليمن حق التنظيم دون الاكتراث بالأوضاع الأمنية هناك، والأدهى والأمر أن هذه الاتحادات راقت لها لعبة المجاملة إلى درجة أنها تفكر في منح الأشقاء في العراق فرصة تنظيم البطولة التي تليها.وبالطبع لم تتردد التنظيمات الإرهابية في توجيه رسالة صريحة إلى المنتخبات المشاركة في البطولة- التي تجري هذه الأيام مباريات تجريبية قبل التوجه إلى اليمن- حيث قامت بتفجير ملعب لكرة القدم في اليمن ما أدى إلى سقوط عدد لا يستهان به من الضحايا الأبرياء، ويمكن تلخيص هذه الرسالة الدموية التي أرسلتها هذه التنظيمات الإجرامية بعبارة: «نحن هنا... إذا أردتم اللعب».وبطبيعة الحال حاول الأشقاء في اليمن التأكيد على أنهم جهزوا عشرات الألوف من الجنود لتأمين الملاعب وحماية الفرق المشاركة، ولكن اتحادات كرة القدم الخليجية أصيبت بتلبك معوي رغم كل محاولاتها لإظهار تماسكها، بل إن بعضها بدأ بالتلميح إلى إمكانية اتخاذ قرارات فردية بعدم المشاركة في البطولة، وإذا صدقت هذه الاتحادات في مواقفها الفردية فإنها تكون قد اتخذت موقفا غير مسؤول، فمن غير المعقول أن تضغط هذه الاتحادات طوال السنوات الماضية لاتخاذ قرار جماعي يرحب بتنظيم اليمن للبطولة، وحين تأتي ساعة الصفر تعتذر عن المشاركة بصورة فردية وتقول: «اللي يبي يروح الله يسهل عليه».أدرك أن الحرج كبير والموقف صعب للغاية، فانسحاب الفرق الخليجية من هذه البطولة قد يكون له ثمنه السياسي والاجتماعي، ولكن هذا الثمن مهما كان باهظا فإنه أقل بكثير من ثمن تفجير الملاعب أو اختطاف اللاعبين لا سمح الله... نحن اليوم ندفع ثمن المجاملة وثمن الاستجابة لمن ضغطوا باتجاه تنظيم اليمن لهذه البطولة، ثم لوحوا بالانسحاب بصورة فردية.* كاتب سعودي
مقالات
كأس الخليج ومنتخب القاعدة
17-10-2010