تعديل وزاري... مستحق!
على الرغم من نفي مصادر حكومية الأنباء عن أي تعديل وزاري قريب، وعلى الرغم من تكذيب بعض الوزراء لمثل هذا الاحتمال, فإن الحديث عن هذا الموضوع لم يعد سراً، خصوصاً في المنتديات والدواوين الرمضانية, التي يكثر فيها التواصل ذو البعد السياسي.فالزيارات الرمضانية تعتبر ملح هذا الشهر الفضيل, ومن خلالها تتواصل حتى القيادة السياسية مع عموم أبناء الشعب, فضلاً عن جولات المسؤولين الكبار والنواب والشخصيات العامة بعضهم لبعض, ولم تخلُ هذه الأجواء من الحديث عن تعديل حكومي بغض النظر عن حجمه وتوقيته.
وحتى إن كانت مثل هذه المعلومات بمنزلة فقاعات إعلامية أو بالونات اختبار أو حتى مطالب نيابية وسياسية, فإن التعديل الوزاري في رأيي يكون أمراً مستحقاً للفترة المقبلة لاعتبارات عدة.فالحكومة بتشيكلتها الحالية عبرت العديد من المطبات السياسية، ونجت من جميع الاستجوابات ليس قناعة بأدائها أو بشخصياتها الوزارية، وإنما لأسباب سياسية أخرى، منها عدم قبول الرأي العام لما عرف بالتأزيم والتصعيد، خصوصاً مع بدايات فصل تشريعي جديد, ففكرة إعطاء الحكومة الفرصة كان لها صدى إيجابي بعد الانتخابات الأخيرة عام 2009. كما أن الأغلبية البرلمانية وفرت للحكومة مظلة البقاء السياسي، إضافة إلى النجاح التشريعي في تمرير مجموعة من القوانين المهمة وفي مقدمتها خطة التنمية. ومثل هذا الجو العام ساعد على "طمطمة" ولفلفة الكثير من الأخطاء والتجاوزات التي وصلت إلى حد التجاهر بها, وامتلأت الجربة السياسية بالمشاكل القابلة للاشتعال من جديد, كما أن حزمة التشريعات المدرجة على جدول أعمال المجلس واللجان البرلمانية، خصوصاً في ما يتعلق بمحاربة الفساد والذمة المالية ومنع تضارب المصالح، قد تحدث شرخاً جديداً في جدار الأغلبية الموالية للحكومة.أما تنفيذ القوانين الجديدة، مثل تحويل مشاريع التنمية وقانون المعاقين وسوق المال وإنشاء الشركات المساهمة والأخطاء الكبيرة في هذا الشأن، فلن تعفي الحكومة من محطات للمساءلة مستقبلاً.وإضافة إلى هذه المعطيات الموضوعية، فإن البعد السياسي لا يخلو من مشاكل في التركيبة الحكومية الحالية, حيث أصبح بعض الوزراء عبئاً على الحكومة نفسها، ولعل استهدافهم يكون أسهل من السابق, وإذا أخذنا الأرقام التي كانت تمثل صمام أمان للوزراء في الاستجوابات السابقة، وأضفنا إليها النبرة الجديدة للنواب الذين كانوا ينادون عادة بإعطاء الحكومة فرصة، فلن تكون الأمور بالتأكيد مثل شهر العسل في دور الانعقاد السابق.وأخيراً، فالعديد من التجارب السياسية أثبتت أن أي تعديل حكومي يمكن أن يمتص انفعال المجلس ويبدأ بصفحة جديدة ومؤشرات للتعاون وفق نفس جديد قابل للاستمرار ولو لفترة أطول لما تبقى من عمر البرلمان!