منظور آخر: في بقعة ما
في الارض

نشر في 24-09-2010
آخر تحديث 24-09-2010 | 00:01
 أروى الوقيان هنا في بقعة ما في الأرض أناس يعيشون في رفاهية مطلقة لا يشتكون سوى من بضعة أمور كالملل والروتين وعدم الارتباط وبعض الأمور الهامشية، في حين هناك من يموت جوعاً في هذه اللحظة، وهناك من يتاجر به وهناك من يُستغل في عمله دون أن يتقاضى أجراً، وهناك من باع قطعة من جسده لينقذ أسرته. في هذه اللحظة التي أتناول فيها قطعة من «الستيك»، التي يقدر سعرها بـ15 ديناراً، آكلها دون أن تخطر لي أدنى فكرة بأن هناك في بقعة ما في الأرض من يتضور جوعاً بسبب فقر... اضطهاد... جشع، وأنا هنا أستمتع بالتهام قطعة من اللحم الطري قد ينقذ سعرها شخصاً من الموت في مكان ما.

حيث أكتب مقالتي هذه في أحد المقاهي المنتشرة في البلد أجد شباباً مراهقين لا يكترثون سوى بمعاكسة الفتيات وإزعاجهن غير عابئين بأي شيء آخر وغير مدركين أن هناك في بقعة ما في الأرض من يضطر للعمل ليل نهار وهو لم يبلغ العاشرة من عمره، يكدح ويبذل قصارى جهده لا لشيء سوى للحصول على لقمة عيشه فقط.

في أحد المجمعات الآن هناك من يتسوقن بدافع الملل منفقات مئات الدنانير على كماليات فقط، من أجل إبهاج النفس لدقائق والعودة إلى الشعور بالملل بعد ذلك غير مدركات أن هناك في بقعة ما في الأرض يتم تزويج قاصر لمن يبلغ أضعاف أضعاف عمرها، وهي لم تبلغ حتى الثالثة عشرة من عمرها، حيث ينتهك جسدها دون رغبتها ليتحمل بدنها الصغير مسؤولية حمل وولادة قد تودي بحياتها، كل ذلك بسبب الفقر والمتاجرة ببنات قاصرات من قبل ذويهن.

والآن في هذه اللحظة هناك مجموعة من الشباب يتجمعون في الديوانية كل مساء يحلم بعضهم بالغنى السريع، ويحلم آخرون بحياة الرفاهية، يخططون مع أصدقائهم كل مساء أين ستكون وجهة سفرهم القادمة؟ يحجزون اليخت والرحلة غير عابئين بأي شيء آخر سوى متعتهم الشخصية ورفاهيتهم، وغير مهتمين بحقيقة أن هناك شخصاً ما في العالم يتعرض للمتاجرة به وبجسده ويضطر لبيع أعضائه الآن لشخص آخر لا يعرفه، ولهذا الشخص كل الحق في المتاجرة به ومعاملته كعبد له، حيث يجُرد بائع أعضائه من كل حقوقه ليس له سوى حق التنفس، كل ذلك بسبب الفقر والجشع اللذين باتا متفشيين في بقاع الأرض.

هنا في بقعة ما في الأرض أناس يعيشون في رفاهية مطلقة لا يشتكون سوى من بضعة أمور كالملل والروتين وعدم الارتباط وبعض الأمور الهامشية، في حين هناك من يموت جوعاً في هذه اللحظة، وهناك من يتاجر به وهناك من يُستغل في عمله دون أن يتقاضى أجراً، وهناك من باع قطعة من جسده لينقذ أسرته.

وبعد هذا كله مازلنا نشتكي من الروتين والملل غير مدركين معاناة الآخرين في بقعة ما في مكان ما... يا لقسوة البشر!!

«قفلة»:

حتى ينمو لدينا الحس الإنساني لاسيما في الكويت، أقترح أن تقوم وزارة التربية بعمل رحلة للطلبة والطالبات حين يتخطون الخامسة عشرة من أعمارهم إلى إحدى الدول التي تعاني الفقر أو الجوع أو تلك التي تعرضت لكوارث طبيعية، لكي يقوموا بتوزيع المساعدات التي جمعوها مسبقاً بالتعاون مع جمعيات الهلال والصليب الأحمر حتى يتعرفوا على الجانب الآخر من الحياة.

back to top