"نحن بزمن معكوس والعكوووس، من لا يؤمن بالديمقراطية والدستور  أصبحوا قادته ورموزه، ومن حملوا لوائه أصبحوا تبع مثل النيباري والمنبر الديمقراطي تبا لهكذا ندوات وتجمعات..."! الفقرة السابقة باللهجة  الكويتية كتبها "مهند" معلقاً على خبر جريدة الآن الإلكترونية، جاء فيه أن الحركة السلفية ستقيم ندوة (الخبر كان بالأمس) بعنوان "الدستور بين  التعديل والتفريغ"، ويشترك في الندوة عدد من النواب والكتاب بينهم النائب السابق عبدالله النيباري...! تعليق "مهند" على الخبر أفضل من عشرات المقالات التي نكتبها من غير نتيجة لا على السلطة الحاكمة الرسمية ولا السلطة الدينية القبلية الموازية لها... وإن كنت أتحفظ عن وصف مهند لعبدالله النيباري والمنبر الديمقراطي بأنهما "تبع"... فليس هذا الوصف صحيحاً لكن للزمن أحكامه، فماذا  يمكن للمنبر أو عبدالله أن يفعلا أمام واقع ضمور الوعي السياسي للمجتمع الكويتي (حاله من حال أشقائه بالدول العربية) وسيادة القوى الدينية والطائفية والقبلية على العقل الكويتي والعربي...!

Ad

المضحك في الندوة ليس فقط الداعي لها من قوى الأحزاب الدينية، بل ما جاء في عنوانها بكلمة "التفريغ"...! فنحن ندرك ببساطة الرفض "الشكلي" لتعديل أي مادة من الدستور، ونعرف أن الأكثرية ضد طرح النائب علي الراشد لتعديل بعض مواد الدستور، إلا أن هذا النائب كان واضحاً وصريحاً في دعواه بالتعديل، لكن ماذا عن الذين "أفرغوا" الدستور من محتواه، حين أضحت نصوصه مجرد كلمات مسطرة لا حياة فيها... أين هي النصوص الدستورية التي تؤكد حرية الاعتقاد والمساواة بين المواطنين حين شرع مجلس النواب عام 81 حظر منح الجنسية الكويتية لغير المسلمين؟ فأين الحياد القانوني المفترض للدستور المنسي؟ وأين مبدأ قدسية الحريات الشخصية ومجالس النواب المتعاقبة تخنقها يوماً بعد يوم بتواطؤ صريح أحياناً وضمني في أحيان أخرى؟ ماذا عن فرض قانون منع الاختلاط بالجامعة ومحاولة فرضه على التعليم الخاص؟ ماذا عن قرارات ملابس الحشمة للنساء؟! وماذا عن سحب جناسي أكثر من مواطن من قبل الحكومة ولكن بتحريض وترويع من نواب الغم، ليس لسبب يتسق مع حكم القانون سوى أنهم عبروا عن آرائهم وأثاروا  نعرات الدعاة الصالحين في هذا الوطن...؟

الدستور ليس نصوصاً جامدة... وإنما هو روح العدل والحرية ومفتاح التقدم، وقد تاهت تلك الروح في طيات "البشوت" السوداء عند الحكومة ولحى نواب الأمة الكثة... فلا ديمقراطية حقيقية من غير حرية... ولا  يوجد لدينا اليوم دستور بعد أن أصبح  فضيلتكم حماته...