كالعادة، يدخل السيناريست وحيد حامد «عش الدبابير» بأحدث أعماله مسلسل «الجماعة» الذي يرصد من خلاله تاريخ جماعة «الإخوان المسلمين» منذ تأسست على يد حسن البنا لغاية اليوم، مروراً بالقضايا والاشتباكات بين الجماعة والنظام الحاكم المصري في مختلف العصور، لعل أشهرها قضية «ميليشيات الأزهر» (2006 ) حيث تنطلق الأحداث.

Ad

قد يكون من المبكر الحديث عن هذا المسلسل المثير للجدل، الذي يراه البعض معداً خصيصاً لتجميل صورة جهاز الأمن المصري لدرجة أنه أطلق عليه «دراما أمنية»، نظراً إلى الصورة الملائكية التي يقدّمها عن رجال الأمن وهي مخالفة تماماً للواقع.

في المقابل، يشوّه المسلسل صورة الجماعة وتاريخها، فيكشف النقاب عن الدور الحقيقي الذي تمارسه في المجتمع والهدف الذي تسعى إليه وتحارب من أجله، خصوصاً أننا على أعتاب انتخابات برلمانية، كما يرى قادة «الإخوان» الذين هاجموا العمل وانتقدوه حتى قبل عرضه.

غير أن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن، وما لم ترضَ به «الجماعة» في البداية قد يصبّ في صالحها في نهاية الأمر، بحيث تكسب مع نهاية العرض أرضاً جديدة وجمهوراً عريضاً نجح العمل، عمداً أو سهواً، في الاستحواذ على تعاطفه.

صورة نموذجيّة

هل يستطيع أحد أن يخفي إعجابه بطفل يجتهد في نصرة الدين ويشكل جمعية لمحاربة الفساد وأخرى تروّج لمكارم الأخلاق؟ باختصار طفل نابغة قوي الحجة يقنع الجميع بوجهة نظره، ما يدفعنا إلى السؤال: هل فات الأمر على كاتب مخضرم مثل وحيد حامد، أم أنها «غلطة الشاطر»، فلم ينتبه، في رحلة بحثه في الجذور للتدليل على أن «المقدمات تصل بنا إلى النتائج»، إلى أنه رسم صورة نموذجية وردية للجماعة ومؤسسها؟ أم أنه رفع شعار «الحياد التام» فأعطى كل ذي حقّ حقه، ما يجعلنا نسأل مجدداً، هل دراما السير الذاتية نقل مباشر أم كتابة بتصرّف؟ هل تخلّى حامد عن مهاجمته التيارات الدينية، كما هي عادته في أعماله؟

فخّ الاستسهال

وحيد حامد كاتب لديه القدرة على تطويع أدواته لخدمة ما ينتصر له حياتياً وفنياً، لكنه في «الجماعة» لم ينجُ بعمله من فخ الاستسهال، تحديداً ما يتعلق ببناء العمل درامياً، فمثلاً لجأ إلى حيلة «الفلاش باك» التي استهلكتها الدراما لاستعراض تاريخ الشخصية والأحداث المؤثرة فيها، ثم التعليق في بعض المشاهد على الحدث من وجهة نظره بالطبع.

كذلك، جاءت مشاهد رصد الأمن لتحرّكات الجماعة ساذجة أو بالأحرى على طريقة «المخبر القديم»، ناهيك عن حشو المسلسل بتفاصيل وأحداث لا علاقة لها بالحدث الرئيس الذي يرصده العمل، مثل حادثة التحقيق في واقعة الرشوة التي استغرقت الحلقة الأولى بأكملها من دون مبرر درامي يقنعنا بوجودها.

النص... البطل

يُحسب لحامد والمخرج محمد ياسين حرصهما على ردّ الاعتبار إلى عناصر المسلسل الفنية من تأليف وتصوير ومونتاج وموسيقى... فيما يتوارى التمثيل في خلفية الكادر، وهذا ما تؤكده التترات التي يتصدّرها صناع العمل من الفنيين بينما النجوم على تترات النهاية، وهي رسالة أراد حامد من خلالها التنبيه الى الحدّ من سطوة النجوم على الأعمال، والتأكيد على أن النص هو البطل أو بالأحرى العمود الفقري الذي لا يمكن تحقيق النجاح من دونه.

قد يكون من المبكر تكوين وجهة نظر مكتملة عن مسلسل ما زال في بداياته، لكننا أمام عمل درامي محكم الصياغة، قد نختلف حوله فكرياً لكنه في النهاية يستحقّ المشاهدة والمتابعة، وستمتد آثاره والجدل حوله بين مؤيّد ومعارض إلى فترة طويلة بعد عرضه.

المسلسل من بطولة الأردني إياد نصار، القدير عزت العلايلي، حسن الرداد، يسرا اللوزي ومجموعة من النجوم.