منظور آخر: تسول وظلم واغتصاب للطفولة!

نشر في 04-02-2011
آخر تحديث 04-02-2011 | 00:01
 أروى الوقيان الكثير من المتسولين بشر أصحاء وبقوى ذهنية سليمة، وبعضهم تم استغلاله من قبل أهله ليتسكع عند إشارات المرور ليبيع عطوراً رخيصة أو ألعاباً، مستغلين (الأهل) ملامح طفولتهم البريئة لكسب الدنانير، والشعب الكويتي معروف بأنه عطوف بطبعه ويشجعهم على هذا التسول دون أن يقصد، ولكن أين الأبوة الحقيقية أو الأمومة الحقيقية؟ لم يعد منظر المتسولين والمتسولات من المناظر الغريبة، سواء في الخليج أو في باقي الدول العربية، ومشكلة التسول أنها أصبحت تجارة أكثر من كونها وسيلة لسد الجوع كما كنا نعتقد سابقا، واليوم بتُّ أجري حوارات مطولة معهم فوجدت مفارقات كثيرة في إجاباتهم في أحيان كثيرة، فهناك من يعترف وبكل بساطة بكم يكسب في يومه من التسول، وهناك آخرون «يتمسكنون» عليك بإبراز شهادات مرضية عن أبنائهم أو بأوراق تشير إلى أنهم من ذوي الإعاقات من فئة الصم والبكم وأنهم يحتاجون إلى الصدقات!

إن من العار أن ينسب أحدهم الإعاقة إلى نفسه فقط ليكسب شفقة الغير، فالأصم والأبكم ليسا سوى إنسانين طبيعيين ومكافحين وقادرين على العمل، وينطبق الموضوع على العديد من الإعاقات الجسدية، فكل المصابين يودون العمل وإثبات الذات؛ شرط أن تؤمن الدول وأجهزتها الحكومية والخاصة بهم وبقدراتهم، والحمد لله في الكويت بدأت في السنوات القليلة الماضية بعض المطابع الحكومية والقطاع الخاص بتوظيفهم، وبات الوعي منتشرا أكثر من السابق، ويرجع ذلك للمهتمين، بحق، بقضية المعاقين، وهم ناشطون لا يملكون أي منصب رنان في البلد، ولا يستخدمونهم في برامجهم الانتخابية لكسب ود الغير، فهم أناس عاديون ولكنهم مكافحون، ومنهم فواز الحصبان الذي سخر كل طاقته لخدمة هذه القضية، ورحاب بورسلي التي جعلت من وقتها وجهدها في خدمة المعاقين، فتلك أسماء تستحق كل التقدير والمحبة.

لكن الكثير من المتسولين بشر أصحاء وبقوى ذهنية سليمة، وبعضهم تم استغلاله من قبل أهله ليتسكع عند إشارات المرور ليبيع عطوراً رخيصة أو ألعاباً، مستغلين (الأهل) ملامح طفولتهم البريئة لكسب الدنانير، والشعب الكويتي معروف بأنه عطوف بطبعه ويشجعهم على هذا التسول دون أن يقصد، ولكن أين الأبوة الحقيقية أو الأمومة الحقيقية التي تسول لها نفسها اغتصاب طفولة أبنائها بعرضهم على الغرباء. حتى أني وجدت طفلة في أحد أحياء الدول العربية تقوم بالتسول عن طريق السب والشتيمة لمن لا يعطيها النقود، وحينما سألتها أين أمها أشارت إليها وقالت إنها تراقبها حتى لا تسرق نقود التسول، وكانت الطفلة ترتدي ثيابا نظيفة ومهتمة بشكلها لتجذب جمهورا معينا من ضعاف النفوس لممارسة الدعارة، أليس ذلك أقسى أنواع الظلم؟!

وبعدها نستنكر البلطجة التي تحدث في القاهرة والغضب العارم في الشوارع العربية، فهناك من لم يعش طفولة طبيعية وعانى منذ صغره، وتعلم ألا يرحم لأنه لم يرحم، فعندما كان طفلا كان مصيره التشرد في الشوارع لظروف كثيرة يصعب حصرها.

قفلة:

من الحكم والأمثال التي أود سردها عن الظلم: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»... «الظلم أسرع شيء إلى تعجيل النقمة وتبديل النعمة»... وأخيرا «لمن تشكو إذا كان خصمك القاضي!».

back to top