المغرب والاردن والتعاون الخليجي العربي
هل سنطلق على شهر مايو شهر المبادرات الخليجية؟ ولمَ لا؟ فانطلاق مبادرة مجلس التعاون وتحولها إلى مشروع إقليمي كان في شهر مايو، عندما أطلقها المغفور له الشيخ جابر الأحمد لإيمانه بأن العصر القادم هو عصر التكتلات الإقليمية، وحرصه على تعزيز الروابط الثقافية والتاريخية بين شعوب المنطقة، وما إن تبلورت المبادرة وانسجمت مع تطلعات قادة دول الخليج الست؛ بالإضافة إلى استحسان قادة بعض الدول العربية حتى تشكلت «منظومة دول مجلس التعاون الخليجي» بميثاق ذي تطلعات خليجية؛ تجمع ما بين الاقتصاد والأمن والتطور الاجتماعي.ولكن هل هناك مرونة في الميثاق تحسبا لسيناريويات التوسعة؟ وهل هناك شروط لقبول أعضاء جدد كالتي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الراغبين في الانضمام إليه، كالمركز المالي والاقتصادي ومعايير الشفافية والديمقراطية؟ وهل سيشارك مواطنو الدول المنضمة في التسهيلات الممنوحة لمواطني دول «التعاون»؟
اليوم وفي شهر مايو أيضا طرحت الأمانة العامة فكرة «توسعة» المنظومة دون تحديد آليات الخروج عن الميثاق, سواء من خلال التعديل أو التبديل.دعونا نلقِ نظرة على الدول المرشحة للانضمام: الدولة الأولى هي المملكة الأردنية الهاشمية، والتي لها مكانة تاريخية مرموقة, ومرشحة للعب دور مهم كطرف تفاوضي للقضية الفلسطينية من موقعها كشريك بمعاهدة السلام مع إسرائيل، والتي تم التوقيع عليها عند معبر العقبة «إيلات» عام 1994، بالإضافة إلى أنها طرف في 12 اتفاقية اقتصادية أبرزها «الكويز» الخاصة بإنشاء المناطق الصناعية المؤهلة والسلع المصدرة المعفاة من الرسوم الجمركية... وهنا نتساءل: هل لدى الأمانة العامة الفريق الدبلوماسي الخليجي الفاعل للتعامل فنيا وإعلاميا مع الوضع الجديد؟ أما الدولة الثانية المرشحة للانضمام فهي المملكة المغربية، وما يميزها اقتصاديا تلك العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي، والتي بلغت حصيلتها مئتي مليار يورو، أبرزها تجارة المنتجات الزراعية في منطقة البحر المتوسط إلى جانب إنتاج معدن مهم وهو الفوسفات، والمشاريع الضخمة المربوطة بأموال كويتية وإماراتية كميناء طنجة، وما يسمى بالمحطات الشاطئية؛ مما سيعطي دول الخليج إطلالة «متوسطية»، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضا معاناة دول الشمال الإفريقي من معدل البطالة المرتفع وضخامة القطاع العام وتعرض الإنتاج الزراعي لموجات من الجفاف.يتضح مما سبق أن الدول المرشحة للانضمام أو الشراكة أمامها فرص وتحديات:فالفرص تتمثل بأنها مصادر للتأمين الغذائي والزراعي المستقبلي لدول الخليج, وإن كانت الموارد المائية فيها شحيحة نوعا ما، أما التحديات فتتمثل بالأعباء التي ستنال من الامتيازات الخاصة بالسوق الخليجية المشتركة ودعم الاقتصاد الخليجي, إلى جانب مدى الاستعداد الدبلوماسي والإداري لدول الخليج لاحتواء النموذجين الاقتصادي والسياسي الجديدين.ويبقى عدم الحماس «الشعبي» للتوسعة ليس اعتراضا على الدول المرشحة بقدر ما هو اعتراض على آلية الأمانة العامة في اتخاذ القرار بشكل مفاجئ، مما يؤكد حاجة الأمانة العامة إلى مهارات «الإعلام الاستباقي»، وهو مصطلح جديد أدخله «توني بلير» على القاموس الإعلامي الخليجي!!