ما قل ودل: نيرون العرب يحرق ليبيا

نشر في 28-03-2011
آخر تحديث 28-03-2011 | 00:00
 المستشار شفيق إمام أبو جهل وليس معمر القذافي: «اللهم أيد الإسلام بأحد العمرين»... الدعاء الذي دعاه الرسول «صلى الله عليه وسلم» للمولى عز وجل عندما كان المسلمون قلة مستضعفة يتعرضون لأقصى ألوان الاضطهاد وصنوف التعذيب.

وسرعان ما استجاب المولى عز وجل لدعاء نبيه، عندما فوجئ المسلمون في اليوم التالي، وهم مجتمعون ورسول الله يقرئهم القرآن ويعلمهم الدين، فوجئوا بعمر بن الخطاب، وهو أحد العمرين اللذين قصدهما الرسول يقرع الباب عليهم ليعلن إسلامه. أما عمر الآخر وهو، على حد معلوماتي المتواضعة في التاريخ الإسلامي، كان عمرو بن هشام «وهو أبو جهل» وليس العقيد معمر القذافي، الذي اكتشف طريقاً لنشر الإسلام برشوة الحكام والسلاطين في إفريقيا بدلاً من الطريق الأصيل لنشر الدعوة الإسلامية، التي انتشرت بالعدل والمساواة بين البشر والإحسان. استهللت بهاتين الفقرتين مقالاً لي نشر على هذه الصفحة يوم 3/10/2010 إلا أن مسؤول هذه الصفحة استأذنني في حذف عبارة «وليس العقيد معمر القذافي»، مبرراً طلبه بأن هذه العبارة مفهومه سواء من عنوان المقال «على هامش إسلام بعض ملوك وسلاطين إفريقيا» أو من سياقه.

واقتنعت بما قال وإن لم أقتنع بحجته الأخرى في أن هذه العبارة ربما تعرض «الجريدة» للمقاضاة، كونه رئيساً لدولة، لأن العقيد يعلن دائماً أنه ليس رئيساً ولا يشغل أي منصب، وهو ما استندت إليه محكمة التمييز في الكويت في تبرئة أحد الصحافيين من تهمة القذف في حق رئيس دولة، عندما وجه نقداً شديداً للقذافي.

اتهام المعارضين للقذافي بالعمالة: إلا أنني أستميح «الجريدة» عذرا في أن أستخدم هذه العبارة فيما تقدم بعد أن شاهدت حواراً على إحدى القنوات الفضائية يوم الخميس 24/3، يدافع فيه أحد ضيوف القناة عن العقيد معمر القذافي بعد المجازر التي قام بها في سحق معارضيه، حيث يتهم الضيف الثورة الليبية بالعمالة للغرب ولأميركا، وأن العقيد مستهدف من الغرب ومن أميركا، لأنه الزعيم العربي الوحيد الآن على الساحة العربية والإسلامية، الذي اهتم بإفريقيا، ومن دعاة الوحدة العربية والإسلامية مع إفريقيا، القارة التي يمكن أن تعتبر سلة العالم من الغذاء من ناحية، ولمصادر الطاقة التي يفتح الغرب وأميركا عيونهم عليها.

إهدار العقيد لأموال الشعب الليبي: ويضيف المحاور أن العقيد أنفق أموالاً طائلة في إفريقيا لتحقيق هذه الوحدة العربية والإسلامية مع إفريقيا، والوقوف في وجه الأطماع الغربية الأميركية، تفوق ما أنفقته المملكة العربية السعودية.

وكنت قد تمنيت في مقالي المنشور على هذه الصفحة يوم 3/10/2010، لو أن إغداق العقيد العطايا على الملوك والسلاطين وأمراء القبائل وشيوخها في إفريقيا، قد وجه في صورة خدمات صحية واجتماعية إلى الشعوب التي ترزح تحت حكم هؤلاء السلاطين والملوك.

العقيد مستعد لحرق ليبيا كله: وربما آن الأوان بعد الثورة الليبية ليفكر العقيد لو أنه أنفق هذه الأموال على شعبه الذي أضناه الجوع والفقر والقهر ليجنب نفسه ونظامه هذه الثورة الشعبية، بدلاً من سحق معارضيه على مدى سنوات حكمه، وبدلاً من وصف الشعب الليبي بـ»الجرذان»، وضرب الشعب في بني غازي وغيرها من المدن بطائراته ودباباته ومصفحاته، بالأوامر التي أصدرها، في الوقت الذي يعلن فيه العقيد أنه لا يشغل أي منصب رسمي، وكأن هذه الطائرات تطير وحدها، وقد بدا للعالم كله أنه يريد البقاء في الحكم ولو قتل شعبه كله وأحرق ليبيا كلها، كما أحرق نيرون روما. وأعود إلى ضيف القناة الفضائية الذي اعتبر القذافي عقبة أمام المطامع الغربية والأميركية في إفريقيا، التي تعتبر هذه القارة المخرج الآمن لأوروبا الغربية ولأميركا من أزمات الغذاء والمياه والطاقة وباعتبارها المصدر البديل للطاقة الأرخص، من خلال شلالاتها المنهمرة والتي يمكن أن تولد طاقة كهربائية تكفي العالم كله.

الثورات الشعبية فضحت نظرية المؤامرة: وتحليل الضيف المذكور يقوم على نظرية المؤامرة، وهي نظرية أصبحت مفضوحة بعد الثورات الشعبية التي اجتاحت الوطن العربي، ضد الحكم الاستبدادي، الذي فقد شرعيته في بعض الأنظمة العربية التي لا تستطيع أن تدفع عنها الغضب العربي، بارتداء مسوح الوطنية أو القومية أو عدائها للغرب وللولايات المتحدة الأميركية، وهي أنظمة تنفذ المخططات الأميركية منذ زمن بعيد، ولا أحد يشكك في ولائها الكامل للغرب، وأن نظام العقيد لم يعد يختلف عن هذه الأنظمة في هذا الولاء، بعد أن لقنه الغرب درساً في الحصار الذي فرضه على ليبيا سنوات عدة بسبب إسقاط طائرة أميركية عام 1988 فوق مدينة لوكيربي الأسكتلندية واستسلامه لقرارات المجتمع الدولي وتسليمه المواطنين الليبيين لمحاكمتهما أمام سلطة أجنبية، ودفع التعويضات الباهظة بالمليارات من ثروات الشعب الليبي لضحايا لوكيربي، ولم يكن إسقاط الطائرة الأميركية بقرار أصدره الشعب الليبي، بل كان تحقيقاً لنزوات العقيد الليبي الذي جعل الشعب الليبي يدفع ثمنها مثلما دفع الشعبان الليبي والعربي ثمن نزوة من نزوات القذافي الذي كشف عن المشروع العربي لتخصيب اليورانيوم، والذي كان قد اتخذ ليبيا مقراً له، إظهاراً لولاء العقيد إلى الغرب.

نظام القذافي يقود البلاد إلى كارثة منذ عشرين عاماً: كانت المعارضة في المنفى أصدرت بياناً لها عقب اجتماعها في الجزائر في 15 أكتوبر سنة 1993 الذي ضم إلى جانب وزير خارجيته الأسبق، الذي استقال ليعارض النظام، الصديق العزيز منصور رشيد الكيخيا الأمين العام للتحالف الوطني الليبي، كلا من رئيس هيئة التنسيق لقوى الديمقراطية والوطنية وأمين عام الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، نبهت فيه القذافي إلى أن النظام يقود البلاد إلى كارثة، وأن الأوضاع الاقتصادية بلغت حداً يهدد حياة المواطن، ولكن العقيد ونظامه أصما آذانهما عن الاستماع إلى نبض الشارع الليبي، والذي كانت تعبر عنه المعارضة من خارج ليبيا، وقد كان النظام الليبي يطارد معارضيه ويقوم بتصفيتهم في داخل ليبيا وخارجها، فقد تصور النظام الليبي أنه يستطيع تصفيه كل معارضيه.

جريمة لا تسقط بالتقادم: وقد كان أحد المعارضين الذين تمت تصفيتهم هو المرحوم المناضل منصور الكيخيا، الذي تم اختطافه في مصر، بعد أقل من شهرين من إصدار بيان المعارضة السابق، عندما كان يشارك في مؤتمر الجمعية العمومية لـ»المنظمة العربية لحقوق الإنسان» الذي عقد في القاهرة في شهر ديسمبر سنة 1993، بالتعاون مع جهاز أمن الدولة المصري الفاسد، وقد قدمت اليوم بلاغاً إلى النائب العام المصري الدكتور عبدالمجيد محمود لإعادة التحقيق في اختفائه وتحديد دور هذا الجهاز في ذلك، ومحاسبة المسؤولين الذين شاركوا المخابرات الليبية في اختطافه، والذي تم بغرض تصفيته جسدياً من النظام الليبي، وهي جريمة قد نص الدستور المصري في المادة (57) على ألا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top