فيما وصف برغبة الحكومة المصرية في "تعرية" الانتخابات من الرقابة ونزع غطاء الرقابات الدولية والمحلية والإعلامية عن الاستحقاق الانتخابي المقرر إجراؤه الأحد المقبل، دخلت اللجنة العليا للانتخابات في معركة مع منظمات المجتمع المدني الداخلية والصحف لمنع رقابتهما على عملية التصويت، بفرض عدة قيود تعطل عملهما. ودفعت هذه القيود المنظمات إلى التهديد بالانسحاب من مراقبة الانتخابات، إلا أنها عادت وتراجعت عن تهديدها وقررت الاستمرار.

Ad

وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار السيد عمرعبدالعزيز أعلن أن "المراقبين الحاصلين على تصريح منها لن يتمكنوا من دخول لجان الاقتراع إلا بإذن من رئيس اللجنة - في الدائرة التي يقع بها مكتب الاقتراع الذي يريد المراقب دخوله أو من رئيس اللجنة الفرعية"، كما حظرعلى المراقب أن يوجه أية أسئلة إلى رئيس مكتب الاقتراع، أو التحدث إلى مندوبي المرشحين.

وأيضاً قرر منع بث عملية التصويت على الهواء مباشرة ومنع التصوير داخل اللجان، واعتبرت منظمات المجتمع المدني غير الحكومية هذه القرارات تعرقل عملها وتعبر عن "رغبة من السلطات المصرية في الإطاحة بفكرة مراقبة الانتخابات حتى لا تفضح تجاوزاتها"، وهددت بالانسحاب من المراقبة.

واجتمع أمس، ممثلو ائتلاف مراقبة الانتخابات، والذي يضم 123 منظمة غير حكومية، لبحث موقفهم من قرارات اللجنة العليا.

وكشف أحمد فوزي، عضو الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، أن الائتلاف قرر أنه لن ينسحب من مراقبة الانتخابات بالرغم من "تضييق اللجنة العليا على عملنا".  وأضاف: "لقد تعودنا أن نراقب الانتخابات بدون حماية أو أي غطاء قانوني ونعرف جيداً أن اللجنة العليا للانتخابات لجنة غير محايدة وأنها تتبع وزارة الداخلية".

وقال فوزي: "نحن نعتبر أن وجودنا مستقل ولدينا وسائلنا الخاصة لدخول اللجان سواء وافقت اللجنة العليا أم لم توافق ولدينا لجنة لتقصي الحقائق مهمتها كشف كل التجاوزات بالانتخابات، والتي يحدث معظمها أمام اللجان وليس بداخلها مثل أعمال البلطجة والرشوة". موضحاً "تراجعنا عن فكرة الانسحاب حتى لا نتهم من قبل الحكومة بأننا غير قادرين على المراقبة وهو غير صحيح".

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات من جانبها انتهاءها من إعداد جميع التصاريح لممثلي 76 منظمة من منظمات المجتمع المدني المصرية، التي سبق لها التقدم بتصاريح في المواعيد المقررة لمتابعة انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى يوم الأحد المقبل، سواء تلك الطلبات التي تقدمت عن طريق اللجنة العليا للانتخابات أو المجلس القومي لحقوق الإنسان.

 وأكد المتحدث الرسمي للجنة العليا للانتخابات المستشار سامح الكاشف أن "إعطاء تلك التصاريح للمنظمات المصرية يأتي تحقيقاً لمبدأ الشفافية والوضوح ولتأمين سير العملية الانتخابية وانطلاقا من أن هذه المنظمات تمثل جزءاً من منظومة العملية الانتخابية".

  وناشد المستشار الكاشف تلك المنظمات المصرح لها بمتابعة الانتخابات بالالتزام بالقواعد والضوابط والمعايير التي وضعتها اللجنة في المتابعة بدءاً من عملية الاقتراع ومروراً بإجراءات الفرز وختاماً بإعلان النتيجة.

  وأوضح أنه "لا يجوز لمَن يتابعون الانتخابات الوجود داخل اللجان الفرعية إلا بتصريح من رئيسها ولا يجوز لهم إجراء حوارات مع أحد من العاملين باللجنة أو مندوبي المرشحين، كما يمتنع عليهم إجراء دعاية انتخابية لأحد من المرشحين أو الأحزاب، إلى جانب أنه يشترط فيمَن يقوم بالمراقبة ألا يكون منتمياً لأي حزب من الأحزاب السياسية".

 وبينما أعلنت منذ أسابيع ترحيبها بقصر الرقابة على الانتخابات على الرقابة الداخلية، أصدرت السفيرة الأميركية في القاهرة مارغريت سكوبي تصريحات صحافية عن القضية مساء أمس الأول، اعتبرها المراقبون تراجعاً عن موقفها السابق. وقالت سكوبي: "إن الولايات المتحدة لاتزال ملتزمة بدعم انتخابات حرة ونزيهة في مصر"، وشددت على "ضرورة وجود عملية انتخابية مفتوحة تتضمن آلية ذات مصداقية وحيادية لاستعراض الشكاوى المتعلقة بالانتخابات والمراقبة المحلية للانتخابات، وفقاً للمعايير الدولية في حضور مراقبين دوليين".

وفي تأكيد رفض القاهرة لدعاوى المراقبة الدولية، قال الأمين العام للحزب "الوطني" صفوت الشريف، إن "الرقابة الدولية محاولة لفرض الوصاية، والدول التي تقبل بالرقابة الدولية هي تلك التي لديها شكوك في شرعيتها أو أن تاريخها في إدارة الانتخابات تاريخ ناشئ، أو تتعرض لضغوط وتدخل في صفقات سياسية، ومصر ليست كذلك".

موقف «الإخوان»

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت جماعة "الإخوان" موقفاً مفاجئاً على عكس مواقفها السابقة بالترحيب بالرقابة الدولية على الانتخابات المصرية.

وقال عضو مكتب الإرشاد في الجماعة عصام العريان: "الرقابة الدولية عبر الأمم المتحدة لا نمانعها ولا نعتبرها تدخلاً في الشأن الداخلي أما رقابة دولة معينة كالولايات المتحدة للتدخل في شؤوننا الداخلية بدعوى أنها تريد انتخابات حرة فهذا مرفوض".

وفي إطار الصراع الشرس بين الحزب "الوطني" وجماعة "الإخوان المسلمين" تستمر المطاردات الأمنية لمرشحي "الإخوان" وأنصارهم في المحافظات المختلفة، ففي حلوان (جنوب شرق القاهرة) أجهضت قوات الأمن بالقوة مسيرة انتخابية لرمضان عمر، مرشح "الإخوان" على مقعد "العمال" في الدائرة الأولى في حلوان في منطقة المعصرة، إذ أغلقت الأجهزة الأمنية المنطقة وحولتها إلى ثكنة عسكرية. كما منعت مسيرة لأنصار جمعة البدري، مرشح "الإخوان" على مقعد "الفئات" في دائرة أخرى بحلوان، واعتقلت في منطقة حدائق القبة التابعة للقاهرة 4 من أنصار المرشح عمرو زكي.

الحزم

وكان وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي شدد على "التزام قوات الأمن بالحزم إزاء أي عمل يتجاوز الشرعية أثناء الانتخابات".

 وقال الوزير إن "أجهزة الشرطة سوف تتصدى بكل حسم وحزم لأي محاولة للخروج عن الشرعية، وكذا لتجاوز ضوابط الدعاية الانتخابية"، موضحاً أن "الدعاية الانتخابية ليس من بين آلياتها التظاهرات التي قد تتطور إلى أعمال شغب بين مؤيدي الجانبين تؤدي إلى إعاقة تدفق حركة المرور بالمحاور الرئيسية بالمدن خاصة أن تلك التظاهرات تهدف لافتعال مواجهات لأهداف مفضوحة يقصد بها بعض المتغافلين عن مصالح الوطن فرض مصالح غير شرعية ولو بتنفيذ أجندات تتعارض مع المصالح العليا للدولة".