الأغلبية الخربانة

نشر في 25-05-2011
آخر تحديث 25-05-2011 | 00:00
 أحمد عيسى صعّدت قوى المعارضة لهجتها ضد الحكومة ورئيسها، ونزلت مجددا إلى الشارع لتمارس عملها البرلماني من هناك.

نزول المعارضة إلى الشارع ليس بأمر مستحدث كممارسة لقوى المعارضة الجديدة، فقد تكرر ذلك منذ تولى رئيس مجلس الوزراء مهامه في 2006، لكن بعد تجمع «نبيها 5» والاعتصام السلمي في «ساحة الإرادة» التي أطلق عليها هذا المسمى في ذلك الوقت، ثم انحرفت الممارسة وتحولت إلى مجاميع تمارس مراهقة سياسية دفعت الحكومة إلى التعامل معها بأكثر من طريقة بدءا من مراقبة «ساحة الإرادة» التي كانت ضمن محاور استجواب وزير الداخلية، ووصولا إلى منع الندوات والاعتداء بالضرب على النواب والمواطنين بديوانية الحربش، وانتهاء بشل وسط العاصمة التجاري الجمعة الماضية.

المكان الدستوري لممارسة العمل السياسي هو مجلس الأمة، وليس الشارع، وبما أن من حق الأغلبية تحديد ما تراه مناسبا وفقا للقانون والدستور، فعلى الأقلية قبول القرار مع حقها بأن يحترم رأيها، لكن في الحالة الكويتية الطارئة الأمر مختلف، فعندما تقرر الأغلبية قرارا تعارضه الأقلية لا نجدها تنصاع له، بل تنزل إلى الشارع لأنها تعتبر الأغلبية «أغلبية خربانة» كما وصفها النائب مسلم البراك.

وعلى الطرف الآخر نجد أن كلفة بقاء الشيخ ناصر المحمد رئيسا للوزراء أصبحت عالية جدا، فتشكيل 7 حكومات خلال خمس سنوات أفضى إلى خروج 37 وزيرا من الحكومات الست السابقة، وقُدّم بحقه مع وزرائه 27 استجوابا من أصل 60 على مدى تاريخ الكويت الدستوري، وعندما تقدمت الحكومة باستقالتها الأخيرة بعد تعسف النواب باستخدام أدواتهم الدستورية استبعد الوزراء الذين لم تُقدم بحقهم استجوابات وأبقى على عناصر التأزيم حاضرة في حكومته.

ما يعننا اليوم، أن تحويل المواجهة إلى الشارع واستخدام العنف أمران يعصفان بنظامنا الديمقراطي ويسيئان إلى هذا الوطن، ويدفعاننا إلى القلق على مستقبلنا في ظل وجود بعض العناصر الموتورة داخل مجلس الأمة والشارع. ربما غاب عن النواب المتشاجرين الأربعاء الماضي، وكذلك قوى المعارضة الجديدة التي تريد اختطاف قرار المجلس ومن يلحقهم من نواب موتورين ناشطين سياسيين، أن الدستور الذي نتفيأ بظله اليوم، أتى بعد أن مشت الكويت أربعين عاما على طريق نضالي وعر سالت على جوانب منه دماء طاهرة انتهى بوضعه عام 1962، وأن هذا الدستور حجّم نفوذ الأسرة الحاكمة وأرسى قواعد للمشاركة الشعبية بالحكم ورقابة على المال العام، كما كفل للمواطن حريات وضمن له عيشا كريما، وتخللت مسيرته عثرات وتزويرا للرغبة الشعبية حيناً، ومواجهات شعبية حادة وتعسفا من السلطة في أحيان أخرى، إلا أنه عاد إلى الحياة ولا نزال نتفيأ بظله.

وربما غاب عنهم أيضا أن للكويت تاريخا عريقا، وللبرلمان مسيرة قادت الوطن إلى مراحل مشرقة ساهمت بوضعها في موقع الريادة، وأن مشكلتنا ليست في النظام بل في رموزه، وليست في الشكل بل في الممارسة، فمعارضة عبدالعزيز الصقر وأحمد الخطيب وسامي المنيس ليست كمعارضة وليد الطبطبائي ومبارك الوعلان وخالد الطاحوس.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top