آمال: سحقاً لأم بندر

نشر في 09-09-2010
آخر تحديث 09-09-2010 | 00:00
 محمد الوشيحي عيدكم مبارك...

أحياناً أحسد «العجايز» (أقصد النساء الطاعنات في السن)، فالواحدة منهن اشترت دماغها وحفرت لها بئراً أسمتها «عين الحسود»، وألقت فيها كل ما يسوؤها... ليش الكويت تتراجع وتتقهقر يا جدة؟ عين يا ولدي... خلاص، العين هي السبب، لا علاقة للفساد بالموضوع ولا للمسؤولين غير الأكفاء الذين عُيِّنوا بالترضية والمحاصصة، ولا حاجة إلى تقارير ديوان محاسبة ولا لجان تحقيق ولا ولا ولا، عين وخلاص، وكل واحد يروح بيتهم.

وفشل الدول مثل تساقط شعر منيرة... سببه العين. طيب لماذا لا تراجع منيرة طبيباً متخصصاً، فقد يكون الخلل في بصيلات شعرها؟ لا، هي ستراجع «المطوّع» ليقرأ عليها ويزوّدها بـ»ماء مقري عليه، وزيت مقري عليه»، ويجب ألا تخرج منيرة أمام النساء ذوات الأعين الحارة.

وقبل سنوات، كانت الطائرة في الجو، تحلق بنا إلى أوروبا، عندما لفت نظري، أو لفت سمعي، صوت شخير لم تسمع أذني مثله من قبل، شخير يجمع بين حرفي «الغين والباء»، غبغبغبغب، مصدره امرأة كبيرة في السن تجلس إلى جوار شاب يفصلني عنهما الممر، واضح أنها والدته، فالتفتَ إليّ وتبسّم بخجل: «آسف، شخير الوالدة أزعجك؟»، فتبسّمت له: «عادي، لكن كان الله في عون ركّاب الطائرة اللي تطير جنبنا»، وعلت ضحكاتنا، وعلا شخيرها، فالتفتّ إليه مداعباً: «يبدو أن الوالدة تستعيد أيام الحرب العالمية الثانية، وتشارك في دك معاقل الحلفاء بالقنابل اليدوية»، وواصلنا الضحك، وبدأنا مسرحيتنا، لكن هجومها بالقنابل كان أعلى من صوت ضحكاتنا، وما هي إلا دقيقة، وإذا صوت شخيرها يتضاعف بطريقة مرعبة، لكن هذه المرة مع فواصل «غب غب غب غب»، فشرحت له الأمر: «والدتك حفظها الله، بعد أن أنهت الهجوم التمهيدي بالقنابل اليدوية، دخلت الآن مرحلة الهجوم بالدفعات الذي تعقبه مرحلة الحسم والهجوم البري الشامل»، ورحت أشرح له تطورات المعركة بحسب معلوماتي العسكرية الضئيلة، وطمأنته بأن العدو سيستسلم قريباً...

وشرح لي ابنها القصة: «والدتي لم تنم إلا ساعات معدودة طوال الأيام التي سبقت السفر، لشدة هلعها ورعبها من الطيران، وهذا هو سبب إرهاقها وشخيرها المرعب، وهي مصابة بأمراض عدة، وترفض العلاج في المستشفيات، وتصر على العلاج عند مطوع، وبسببها تركتُ كل شيء وتفرغت للتنقل بها من مطوّع في الكويت، إلى آخر في «الخفجي» إلى ثالث في الأردن، إلى رابع في عُمان، وكل رحلاتنا بالسيارة، إذ ترفض السفر بالطائرة رفضاً قاطعاً...».

ويكمل: «المشكلة هي أنني بعد سنين من اللأي والتعب استطعت إقناعها بالسفر للعلاج في المستشفيات المتطورة، لكنها اشترطت أن تحمل معها أكياس البلاستيك التي تحوي (الماي والزيت المقري عليهم)، فرفض موظفو حماية الطيران ذلك، وصادروا الأكياس لخطورة السوائل على الطيران كما تعرف، فغضبت الوالدة وكادت تتراجع عن فكرة السفر، فطمأنتها بأنها ستتسلم أكياسها بعد الوصول... الله يستر».

أعطيته اسمي واسم الفندق وتوادعنا، وبعد أيام تلقيت اتصالاً منه والتقينا في مقهى، فسألته: «بشرني عن أخبار قائدة الفيلق»، فقال وهو ينتزع كلماته انتزاعاً من بين ضحكاته: «تخيّل، سألتها: يمّه ما رأيك بهذا البلد المنظم وحكومته التي وفرت للشعب هذه الحدائق والمتنزهات وأفضل المستشفيات ووو؟ فأجابتني: ما مرّت عليهم أم بندر»! ويضيف: قالت ذلك ثم توجهت بالدعاء إلى الله أن يحميهم من عينها.

سحقاً لأم بندر ولعينها التي لعبت في حسبة الكويت...

back to top