التحركات والتجمعات التي نشهدها في الكويت حالياً للإخوة الوافدين، والتي كان آخرها تجمع المدرسين على «الفيس بوك» ومطالبتهم بامتيازات مالية ووظيفية مبالغ فيها، تشير إلى بداية تحركات غير مريحة وتمثل مخاطر على الأمن الوطني خاصة من الجاليات التي وقعت في دولها حركات احتجاجية ضخمة وثورات أدت إلى تغييرات سياسية أثرت على سلوكيات ونهج مواطنيها، والتي يحاولون نقلها إلى أماكن وجودهم خارج بلدانهم للسعي إلى الحصول على مكاسب غير معقولة وربما تكون مستحيلة.
فطالما كانت الجالية المصرية في الكويت من الجاليات المؤسسة للنهضة الوطنية في مجالات متعددة، ومن الجاليات التي تصنف كذلك بأنها آمنة على السلم الاجتماعي الكويتي ومندمجة معه، وكذلك بسبب عدم انغماسها في التنظيمات السياسية وحركات الشغب، وكون معظم عناصرها من العمالة التي تسعى إلى تحقيق إثبات الذات وتكوين نفسها اقتصادياً، بالإضافة إلى الجالية التونسية التي يستعان بها بشكل واسع في القطاع التعليمي، ولكن المتغيرات التي شهدها البلدان الشقيقان (مصر وتونس) وتأثر الجاليات العربية الأخرى بأحداثهما، تستوجب أن نبحث في الكويت أثر ذلك على المقيمين العرب الذين بدأوا في تكوين تجمعات مطلبية وأحياناً سياسية، وانعكاس ذلك على الأمن الوطني والسلم الاجتماعي في بلد يزيد عدد الوافدين فيه على مليونَي وافد.لا يمكننا أن نتجاهل اليوم مخاطر هذه التجمعات على الوطن، التي بدأت تتكون على مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية بمطالب وظيفية، ولا ندري في أي اتجاه ستتطور وبأي الوسائل ستسعى إلى تحقيقها، وهو ما يتطلب تحركاً سريعاً من جميع أجهزة الدولة لبحث هذه التطورات وكيفية التعامل معها، خاصة جهاز الأمن الوطني والوزارات المعنية، وتحديداً وزارتي التربية والصحة اللتين تستعينان بأكبر عدد من العمالة العربية. وفي هذا التحرك يجب أن تراجع التركيبة السكانية ونسب الجنسيات العربية والآسيوية منها وتوزيعها في البلاد وأماكن تجمعها.ونعلم أن قطاع التعليم هو مرفق حيوي يحتاج إلى قوة عاملة كبيرة، خاصة في وظائف التدريس والوظائف المعاونة، ولكن لا يمكننا أن نوفر القوى العاملة لهذا المرفق بأعداد ضخمة على حساب الأمن الوطني وسلامة واستقرار المجتمع، لذا فإننا بحاجة إلى عمل كبير وخطط ذكية لسد النقص محلياً وإيجاد البدائل حتى لو كان بواسطة سداد الدولة لمصاريف الطلبة في المدارس الأجنبية، علما بأن هناك تسرباً من هذه الوظائف التربوية بسبب تهاون جهاز الخدمة المدنية في النقل والندب إلى الجهات الحكومية المختلفة، ووجود فائض من المدرسات الإناث في بعض التخصصات لا يمكن الاستعانة به في مدارس البنين بسبب الإجراءات الرجعية بمنع الاختلاط بين الجنسين، والتي ستتأثر أكثر بنقص المدرسين في جميع المستويات التعليمية نتيجة هذه المفاهيم والقوانين المتخلفة، لذا فإن وزيرة التربية والتعليم العالي د. موضي الحمود مطالبة بتحرك سريع ووضع خطط في مجال نقص الكوادر التدريسية لكونها قضية أصبحت متعلقة بالأمن الوطني، رغم شكّي في قدرة الحمود على ذلك بسبب أدائها المتواضع في الوزارتين اللتين تولت حقيبتيهما منذ أكثر من عامين، وكل ما أنجز فيهما هو حصيلة الخطط والبرامج والقراراتِ التي وضعتها الوزيرة السابقة نورية الصبيح.التحرك السريع يستوجب أن يتم استيعاب هذه الجماعات في الجمعيات والنقابات المهنية، ومحاولة تلبية المطالب الحقة والمعقولة لهم، وإفهامهم الفرق بين المطالب المقبولة والتعجيزية، وفي حالة استمرارهم في التحريض وتعكير السلم الوطني، فيجب أن تكون الإجراءات صارمة بإنهاء التعاقد معهم مهما كانت الحاجة إلى خدماتهم بعد منحهم كل مستحقاتهم ومغادرتهم البلد بشكل لائق، فأمن الكويت وشعبها فوق كل اعتبار وحاجة.
أخر كلام
مطالب المعلمين... والامن الوطني
03-03-2011