نتفق جميعا على أن الإنسان محور أساسي للتنمية، وأنه العنصر الرئيس خلف نجاح الرؤى التنموية أو فشلها، لذلك فالحرص على رفعة الإنسان وصيانة كرامته وتعزيز ثقافته محاور أساسية من محاور التنمية المنشودة للاستقرار والنمو.

Ad

أقول ذلك بعد متابعتي للقاء قادة دول التعاون قبل عدة أيام في قمة أبوظبي في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، وتزامنا مع الحاجة إلى إعادة تنظيم الأجندة الخليجية تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي.

وعودة إلى الإنسان في دول الخليج، فمن خلال المؤشرات التنموية التي نشرتها الأمم المتحدة أخيرا، وعلى الرغم من التشابه بين دول المجلس في خصائص كثيرة منها البشرية والثقافية والاجتماعية، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل قضية الاختلال السكاني التي يعتبر الكثيرون أنها في أمس الحاجة إلى المعالجة، إما عبر تعديل نسبة العمالة الوطنية وإما من خلال تعزيز استراتيجية للتناسق بين مخرجات سوق العمل والتعليم، أو الاثنين معا.

ولا شك أن الزيادة الكبيرة في نسب العمالة الوافدة والتي يعتبرها أهل الخليج مثيرة للقلق؛ لما لها من أبعاد سلبية بعد وصول نسبة الوافدين إلى أكثر من نصف السكان في بعض الدول الخليجية، ما زالت الهاجس الذي يبحث عن حل.

وفي ظل الارتفاع النسبي للمستوى الصحي، والذي يرتبط مباشرة بالخصائص البشرية، نلاحظ من خلال الإحصاءات أيضا انخفاضا في معدلات الوفيات وزيادة في أمد الحياة وذلك للقضاء على أغلب الأمراض والأوبئة، ولكن في الوقت ذاته تأتي التقارير الدولية لتحذر من ارتفاع مستوى الإنفاق على التعليم والصحة، وذلك لما له من أثر سلبي في مشاريع الاستثمار للأجيال القادمة.

واليوم يجمع الكثير من متابعي الشأن الخليجي على ضرورة التعامل مع قضية انخفاض مستوى المعيشة في بعض دول الخليج، والذي باعتقادي بحاجة إلى جهود مكثفة نحو تعزيز برامج تعلم مهارات الادخار وإدارة ميزانية الفرد والأسرة.

أما تساؤلاتنا كباحثين في الشأن الخليجي فمازالت تور حول أمور كثيرة منها:

هل وجدنا الصيغة المناسبة التي تنظم حق التملك لمواطني دول الخليج؟ وماذا عن الهيئة الاستشارية العليا التي يجب أن تحتوي على العدد الكافي من مواطني مجلس التعاون ومواطناته من ذوي الخبرة والكفاءة؟ وهل هناك مجال لاستيعاب الكفاءات من النساء؟

لا شك أننا بحاجة إلى تفعيل مفاهيم التخطيط الاستراتيجي في قراءة قضايا دول التعاون في مجالات عدة اقتصادية واجتماعية وحتى «برلمانية»... في إطار الرغبة المشتركة التي تجمعنا في تنظيم سياساتنا المالية والاجتماعية، لتحقيق الرؤية التي بدأت عام 1981.

وفي النهاية أدعو القراء والمهتمين إلى قراءة وثيقة متميزة ألا وهي «وثيقة الكويت» المطروحة عام 2006، والتي مثلت الخطوط العريضة لاستراتيجية التحرك المستقبلي وطرحت مرئيات المنظومة الخليجية على المدى الطويل والتي قدمتها دولة الكويت في القمة التشاورية بالرياض بتاريخ 6 مايو 2006. وتنتظر التنفيذ.

كلمة أخيرة:

جهود نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية + مشاريع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي= تحقيق التنمية البشرية عبرالارتقاء بالطاقات البشرية الكويتية.

وكلمة أخرى:

افتقدنا من خلال الزوابع البرلمانية الأخيرة الدور القيادي لأعضاء البرلمان السابقين والحاليين من أهل الخبرة، وذلك لاحتواء الاجتماعات، إما داخل البرلمان وإما التنسيق مع وزارة الشؤون لإقامة الندوات في صالة عامة لاستيعاب العدد الكبير من الحضور، فمشهد «العنف» بين رجال الأمن وأعضاء البرلمان رسالة إعلامية «مخيفة» نتمنى ألا تتكرر!!