مبروك للدولة العراقية ثورتها الفنية والثقافية؟ هكذا يجب أن  تسير الأمور بين الجيران، بين العراق والكويت، بين الشقيق وشقيقه في الشقاء والبقاء للأفضل في اللعبة السياسية بثوبها الديني. الحمد الله، فليست الامبراطورية الكويتية العظمى التي حرمت سلطتاها التشريعية والتنفيذية الفكر والفن والثقافة بوسائل الرقابة والحظر والممنوع والعادات والتقاليد حتى أضحت الدولة ساحة ترابية من الخواء والملل والسطحية الفكرية وحدها، فالعراق "الديمقراطي" يماثلنا، ونحن الاثنان (العراق والكويت) أصبح كل منا صورة ومرآة للآخر... الكويت تمنع الخيم الرمضانية وحفلات الموسيقى والمسرح والطرب وتفرض الرقابة على الكتب في معارض الكتاب لمصلحة القارئ كما برر لنا السيد الوالد بدر الرفاعي عميد المجلس الوطني للثقافة، والعراق يسير أيضاً في الدرب ذاته، فنائب محافظ بغداد ألغى حفلات فنية يوم السبت الماضي بعد أن حلمت وزارة الثقافة هناك بإحياء الاحتفالات البابلية كما كانت قبل الإطاحة بصدام.

Ad

 الفنانون الذين جاؤوا من ديار قريبة وبعيدة رجعوا إلى ديارهم يجرّون معهم أذيال الخيبة... فنائب المحافظ الذي شتت البهجة وطعن الفن لم يجد عذراً يروج للجماهير غير أن هذه الحفلات الراقصة صادف توقيتها ذكرى ميلاد الإمام السادس...! طبعاً  سيادة نائب المحافظ هناك يسير على هدي الإشعاع الفكري لمسؤولينا في الامبراطورية الكويتية، حين يغتالون الفن والجمال ممتثلين لأوامر نواب الشعب...! فهناك دائما "مناسبة" حفل فني تصادف ذكرى ميلاد أو وفاة رمز ديني أو تحدث بقدرة قادرة في زمن حاضر نجترّ فيه (نحن الرعية) كل مآسي الماضي التي لا تنتهي.

مبروك للعراق بلد المتنبي وهارون الرشيد والمأمون... ومهد الثقافة العربية ما حققته لها "ديمقراطية  الطوائف والقبائل"... فلسنا وحدنا هنا في الكويت بديمقراطية الدين والقبيلة ساحة ترابية من الخواء، فالعراق الآن مجلس دائم للعزاء.