تحت يد الشيخ أم تحت أيديهم؟
أين ستودع أموال مدينة ألف ليلة و"نيلة" للصندوق الوطني المقترح للتنمية، ومن سيشرف على صرف الأرقام الفلكية المقدرة له لخدمة مدينة الأحلام القادمة؟ لم يعد سراً خافياً، فهناك معركة داخل بطن الحكومة بين وزير ووزير، بين وزير المالية الشمالي والشيخ أحمد الفهد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وهي معركة أيضاً بين البنك المركزي ومعه البنوك المحلية من جهة، ومن يريد أن تكون أموال الصندوق بيد الحكومة وتحت إدارة الشيخ أحمد الفهد.كل طرف في دولة "اغنم زمانك" له حجة وسند، أما مستقبل أولادنا فله الله...! المؤيدون لاستقلال الصندوق ووضعه تحت يد الحكومة أو تحت إشراف الشيخ أحمد، مثل النائبة رولا دشتي، يقولون إن البنوك المحلية غير قادرة على حمل هذا الثقل، فالحكومة مثلاً أودعت أربعة مليارات دينار لدى البنوك كضمان ولتحريك الائتمان، فماذا فعلت البنوك لزيادة التمويل للقطاع الخاص... لا شيء... فالانكماش على حاله والوضع الاقتصادي "مكانك راوح"، وتقول محامية الصندوق الوطني رولا دشتي لجريدة "الأنباء": "هناك تشويه منظم لفكرة مساندة الحكومة في تمويل هذه المشاريع، وهو (تقصد التشويه) لخدمة مصالح خاصة وقطاع بعينه..."! وكأن ما صرحت به رولا أمر جديد على الكويت... فالدولة، ومنذ زمن بعيد، كلها مفصلة على مصالح وقياسات البعض من جماعات إن "حبتك عيني ما ضامك الدهر".
أما المعارضون لولاية الحكومة على الصندوق أو فكرة خلقه من الأساس، ومنهم من أهل الحكومة ومنهم اقتصاديون وتجار وبنوك، فيقولون إن إنشاء مثل هذا الصندوق يعد سلباً لصلاحيات البنك المركزي في الرقابة على الائتمان، ويضعف النظام المصرفي، والصندوق يفتح أبواب التعدي على المال العام، وذكر الاقتصادي جاسم السعدون لجريدة "الجريدة": "أن الصندوق سيخلق منافسة غير شريفة بين الحكومة والقطاع الخاص... فالشركة التي تملك حظوة تمويلها سيكون أسهل من التي لا تملك مثل هذه الحظوة... وسيستخدم الكيان الجديد كمركز لتوظيف سيئ يرتكز على مصالح شخصية وعائلية وقبلية وطائفية كشروط توظيف أكثر من الكفاءات نفسها، وقد يشمله الفساد نظراً إلى محسوبية التوظيف والولاء لغير جهة العمل...".أياً كان الأمر... فلا يبدو أن هناك اتفاقاً قريباً لتقسيم كعك العيد لمشروع مدينة الأحلام، لكنه من المؤكد في نهاية المطاف أن أصحاب النفوذ المؤلفة قلوبهم سيقولون مثلما قاله هارون الرشيد: "امطري يا سحابة حيثما شئت فسيصلنا خراجك..." أما أولادنا فسيقولون غداً: كفاية... فقد غرقنا بخرابك...!