عبدالله بن جعفر... يتيم في حجر النبي

نشر في 01-09-2010 | 00:01
آخر تحديث 01-09-2010 | 00:01
عندما قبل جعفر بن أبي طالب أولاده الثلاثة قبل خروجه على رأس جيش الإسلام في غزوة مؤتة كانت المرة الأخيرة التي وقعت أعينهم عليه، فقد استشهد جعفر وجاء الخبر للرسول (صلى الله عليه وسلم) باستشهاد جعفر وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة قادة الجيش الثلاثة. أبناء جعفر -ومن ضمنهم عبدالله- كانوا صغاراً عندما جاء خبر استشهاد والدهم في ساحة المعركة فلم يكن يتجاوز عمر أكبرهم "عبدالله" الثامنة، فجرى عليهم اليتم بعد فقد الأب، إلا أن رسول الله ضمه هو واخوته إليه وتولى رعايتهم في صورة رائعة من صور حنان النبي (صلى الله عليه وسلم). فقد أبلغ الرسول بنفسه الخبر الأليم لأسرة جعفر واحتضن أبناء جعفر الطيار، وليبعد الأطفال الصغار عن جو الحزن اصطحبهم الرسول مدة ثلاثة أيام في بيوت نسائه حتى أرجعهم إلى منزلهم بعد انتهاء مراسم الحزن والبكاء. ولما رأى الرسول معالم الحزن بادية على وجه أم الأطفال الأيتام قال لها: "أتخافين عليهم العيلة وأنا وليهم في الدنيا والآخرة". فخفف الرسول عن أبناء جعفر بالدعاء لهم وخص عبدالله بأن يبارك الله في صفقة يمينه، ويقول عبدالله: "فما بعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك لي فيه" من أجل هذه الدعوة... فكان عبدالله بن جعفر مباركاً في تجارته يقسم ما يكسبه على فقراء المسلمين حتى عد من أسخى العرب وممن يضرب بهم المثل في الكرم.

  كان عبدالله بن جعفر أول طفل يولد للمسلمين في أرض الحبشة -بعد أن هاجر أبوه وأمه أسماء بنت عميس على رأس مجموعة من المسلمين إلى هناك- فاستبشر به المسلمين، خصوصاً أن النجاشي حاكم الحبشة ولد له ابن في نفس الوقت سماه عبدالله تيمناً باسم مولد المسلمين، وأرضعته أسماء بنت عميس فصار أخاً لعبدالله بن جعفر من الرضاعة.

بعد أن قضى عبدالله أيام طفولته الأولى في بلاد الحبشة قرر أبوه العودة إلى بلاد العرب، والتقى عبدالله في المدينة لأول مرة بالرسول (صلى الله عليه وسلم) والذي طالما سمع عنه من أحاديث والديه فتشوق لرؤيته وأحبه قبل أن يراه.

  وفي الثامنة من عمره تعرض عبدالله لمحنة فقد الأب، ومنذ هذه اللحظة أصبح عبدالله بن جعفر وإخوته كأبناء الرسول ويعاملهم كالحسن والحسين، فإذا عاد الرسول بعد غياب اجتمع حوله الأطفال تستقبله بالابتسامات المشرقة، وفي إحدى المرات سبق عبدالله بن جعفر إلى الرسول فوضعه أمامه على حصانه وعندما لحق بهما أحد ولدي فاطمة أردفه الرسول خلفه فدخلوا المدينة على دابة واحدة في مشاهد إنسانية للرسول الكريم تبين عطفه على الصغار.

تربيته في حجر النبي علمته الشجاعة وحب هذا الدين والدفاع عنه حتى إنه وعبدالله بن الزبير بايعا النبي (صلى الله عليه وسلم) وهما طفلان صغيران ليس عليهما فرض ولا حد، فلما رآهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تبسم وبسط يده وبايعهما.

وتوفي عبدالله بن جعفر سنة ثمانين للهجرة عن ثمانين عاماً، وكان أبان بن عثمان بن عفان صديقه ووالي المدينة آنذاك هو من صلى عليه وودعه، قائلا: "كنت والله خيراً لا شر فيك، وكنت والله شريفاً واصلاً براً، كنت والله وكنت".

back to top