ينتهي عام 2010 بينما تعيش عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مأزقاً بسبب تعنُّت حكومة بنيامين نتنياهو ورفضها الانصياع لشروط السلام. ويشعر الفلسطينيون بخيبة أمل بسبب فشل الرئيس الأميركي باراك أوباما في تنفيذ الوعود التي أطلقها بتحقيق حلم إقامة الدولة الفلسطينية. كما لا يبدو في الأفق أي مؤشرات لإمكان إنهاء الانقسام بين الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس»، بينما تحوم أجواء حرب إسرائيلية جديدة على القطاع.  

Ad

يودع الفلسطينيون عام 2010 بخيبة أمل من الوعود التي قطعها الرئيس الأميركي باراك أوباما بتحقيق رؤية الدولة الفلسطينية، وبسبب استمرار الانقسام الداخلي.

ورغم الجهود الأميركية التي بذلت منذ إعلان استئناف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في 2 سبتمبر الماضي، لم يتم التوصل مع نهاية العام إلى أي نتيجة تعطي الفلسطينيين بصيص أمل ودخلت عملية السلام في أزمة بسبب رفض إسرائيل تجميد الاستيطان بالرغم من الضغوطات الأميركية.

ويصف مدير مؤسسة "مواطن" للدراسات الديمقراطية جورج جقمان عام 2010 بالنسبة إلى الفلسطينيين، بأنه "عام خيبة الأمل من أوباما وعام نهاية الطريق السياسي عموماً، إلا إذا حصلت معجزة".

وكانت واشنطن أقرت بفشلها في حمل إسرائيل على إعلان تجميد جديد للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة الذي يطالب به الفلسطينيون من أجل إجراء مفاوضات.

ويتفق أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت سميح شبيب مع جقمان بالقول إن "2010 شهد مع نهايته طريقا مسدودا يؤكد استحالة الوصول إلى حل سياسي في ظل حكومة (بنيامين) نتنياهو" الإسرائيلية.

ودفع فشل المفاوضات القيادة الفلسطينية إلى تبني استراتيجية جديدة تقوم على التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967.

ويبدو أن هذا التوجه بدأ يؤتي ثماره إذ أعلنت البرازيل والأرجنتين وبوليفيا والإكوادور أخيرا اعترافها بهذه الدولة دون انتظار لجوء القيادة الفلسطينية رسميا إلى الأمم المتحدة، بينما رفعت عدة دول غربية مستوى التمثيل الفلسطيني لديها.

الانقسام والمصالحة

على الصعيد الداخلي، زاد التشاؤم في عام 2010 ازاء فرص تحقيق المصالحة بين فتح، حزب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، لدرجة أن البعض بدأ يدعو إلى التعايش مع حالة الانقسام الفلسطيني الداخلية كأمر واقع.

وقال سميح شبيب في هذا الصدد: "رغم أن جهودا كبيرة جدا بذلت لتحقيق المصالحة الداخلية، لم يتحقق أي مسار جدي يوحي بإمكانية رأب الصدع الداخلي، بل على العكس تبلورت مؤسسات إدارية جديدة في غزة توحي بتمادي الانقسام الفلسطيني". وسيطرت حركة حماس على قطاع غزة بالقوة في أواسط عام 2007، وتخللت السنوات الثلاث الماضية لقاءات بين حركتي فتح وحماس إلا أن هذه المحاولات جميعاً باءت بالفشل.

وقال جقمان: "في ما يخص المصالحة الفلسطينية، فإن عام 2010 شهد استفحالا للتدخل الإقليمي والدولي في الشأن الفلسطيني الداخلي، وهو ما أسهم في منع تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية".

إنجازات اقتصادية

ورغم الصورة القاتمة للمفاوضات مع إسرائيل والانقسام الداخلي، شهد الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية نموا هذا العام في حين بقي الحصار الإسرائيلي قائماً على قطاع غزة.

فقد واصلت الحكومة الفلسطينية التي يقودها سلام فياض تنفيذ مشاريع اقتصادية في الضفة الغربية، في سياق خطة أعلنها فياض في أغسطس من عام 2009 تقضي ببناء مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال عامين. وأعلن فياض في خطاب حديث له أن حكومته نفذت حتى الآن 1854 مشروعاً.  إلا أن المحلل الاقتصادي نصر عبدالكريم يرى أن النمو الاقتصادي وإن حقق معدلات مرتفعة يبقى "غير مستدام" في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي واعتماد السلطة الفلسطينية على الدول المانحة.

وقال عبدالكريم: "لا يمكن انكار وجود نمو اقتصادي انعكس على الشارع الفلسطيني في عام 2010، لكن هذا النمو غير مستدام كونه يبقى رهنا بملايين الدولارات التي تتدفق إلى شرايين الاقتصاد من الدول المانحة"، وأضاف : "ما جلب النمو هو الإنفاق الحكومي الكبير الممول من المساعدات الدولية، والذي يصل إلى حوالي مليار ونصف المليار دولار بشكل سنوي، وهذا هيأ الظروف لنمو اقتصادي لكن ليست خطة الحكومة هي التي قادت إلى النمو"، معتبراً أن "تأثير الحكومة في تحويل هذا النمو إلى تنمية كان محدودا وهذا ما يمكن القول إنه تميز به عام 2010".  وشهد عام 2010 كذلك تحسنا ملحوظا في حرية حركة الفلسطينيين بين المدن الفلسطينية، إلا أن هذه الحركة بقيت محدودة في المناطق الفلسطينية خلف الجدار الفاصل الذي بنته إسرائيل، كما يقول مدير مؤسسة "الحق" شعوان جبارين.

وأشار جبارين كذلك إلى أن عام 2010 شهد ارتفاعاً في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وعلى أراضيهم، كذلك شهد حملة إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيمين في مدينة القدس التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولتهم المستقبلية.

 (رام الله - أف ب)