غازي القصيبي صوت خليجي متفرد وقلب نابض بحب الكويت

نشر في 17-08-2010 | 00:01
آخر تحديث 17-08-2010 | 00:01
السعودية شيّعت شاعرها الراحل
شيّعت المملكة العربية السعودية بحضور رسمي وشعبي كبير الشاعر الدكتور غازي القصيبي، الذي ووري الثرى أمس في مدينة الرياض. كما نعته مؤسسات ثقافية عربية عديدة، منها جامعة الدول العربية إضافة إلى مجلس الأمة الكويتي.

ارتبط الشاعر والدبلوماسي الراحل غازي القصيبي مع أهل الكويت بوشائج محبة، وعاطفة إنسانية راقية تنامت في أحلك الظروف، وأقسى الأيام، إذ لم يتردد القصيبي لحظة في إعلان وقوفه مع الكويت إبّان فترة الاحتلال، وسطر في ذلك قصائد رائعة سرت شهرتها في أرجاء المعمورة، ولم يتوقف عند موهبته الشعرية التي وظفها لخدمة الحق الكويتي، بل زاد على ذلك مقالات صحافية نشرت في "الشرق الأوسط" بعنوان "في عين العاصفة".

وقال مراقبون كثر إن القصائد الوطنية التي كتبها القصيبي وتغنى بها المطربون لم تقل أثراً عن فعل القوات المتحالفة التي حررت الكويت، وجُمعت القصائد تلك في ديوان شعر بعنوان: "مرثية فارس سابق"، وقد أهدى الشاعر ديوانه إلى الكويت.

وكان القصيبي يصرّح في غير مكان بحبه للكويت وارتباطه بها وجدانياً، كما أن أمسياته الشعرية التي أحياها في الكويت كانت تحظى بحضور جماهيري كبير، وتغطية إعلامية موسّعة، ولم تكن تلك الأمسيات تخلو من قفشاته الطريفة وتعليقاته التي يبتهج بها الحضور، وكان دائماً ما يجد مدخلاً لربط تلك المواقف الطريفة بأفراد من أسرته وعائلته ليمنح الحدث خصوصيته، وحميميته.

يحوي ديوان "مرثية فارس" قصائد منوعة، وإن كان جلها يصب في غرض شعري واحد، فبالإضافة إلى القصيدة التي تحمل العنوان ذاته نجد قصائد أخرى من بينها: "يا كويت"، و"المباراة" في ذكرى الشهيد أحمد الفهد، و"رسالة من صغار الكويت"، و"رسالة إلى طفل عراقي" والأخيرتان يمكن إدراجهما ضمن أدب الأطفال إذ جاءتا بلغة مبسطة، وصور شعرية قريبة من أذهان الأطفال. وفي الديوان ذاته يرثي القصيبي الشاعر العربي الكبير عمر أبا ريشة الذي تصادف رحيله في سنة الغزو ذاتها.

الخليج

عُرف الشاعر الراحل كذلك بحبه لكل التراب الخليجي وانشغال قصائده بقضايا المنطقة، كما أن له العديد من الإصدارات في هذا الجانب، من ذلك كتاب "صوت من الخليج" الذي يحوي مجموعة مقالات نشرت تباعاً في "المجلة العربية" وكذلك كتاب "الخليج يتحدث شعراً ونثراً" الذي يحوي نبذة عن أشهر الشعراء والكتاب الخليجيين كتبها القصيبي، واستشهد لها بنماذج من أعمالهم.

 وبالرغم من تفرّع نشاط الشاعر الراحل وتوزعه بين الأدب والإدارة والعمل الدبلوماسي، فإن الشعر غالباً ما كان يشغل الحيز الأكبر من حياته، وكان هو السبب الأبرز الذي تحققت عنه النجومية الكبيرة التي تمتع بها القصيبي، وفي كتابه "سيرة شعرية" يسرد القصيبي أهم محطات حياته في هذا الجانب، مشيراً إلى أن ديوانه الأول "أشعار من جزائر اللؤلؤ" الذي نشر في سنة 1960 لم يكن سوى محطة لفترة الشباب والمراهقة الأولى، نشره إبان دراسته في جامعة القاهرة. كما أن دواوينه التالية "قطرات من ظمأ" و"معركة بلا راية" لم تكن سوى امتداد لهذه التجربة التي بدأت قوية، وحظيت باحتفاء إعلامي منقطع النظير. يذكر القصيبي في هذا الصدد أن للناقد المصري عبدالقادر القط فضلاً في انطلاق مسيرته الشعرية، إذ شجعه على نشر ديوانه الأول، بل زاد أن كتب عنه "كلمات طيبة" فور صدوره. وتختلف مضامين القصائد في الدواوين الثلاثة بناء على الحالة الشعرية التي يتمخض عنها كل منها، ففي حين جسد الديوان الأول لحظات القلق والشعور بالحرمان الناجمة عن فترة المراهقة، نجده في الدواوين التالية ينطلق إلى مرحلة النضج والاستقرار، وأما الديوان الثالث فقد أحدث دوياً كبيراً، وصنف البعض قصائده بأنها تركن إلى لغة العشق، إلا أن القصيبي نفى ذلك، وإن أقر بأن بعض قصائده تتحدث عن علاقته بالمرأة.

ياكويت

أقسمت يا كويت

برب هذا البيت

سترجعين من خنادق الظلام

لؤلؤة رائعة

كروعة السلام

أقسمت يا كويت

برب هذا البيت

سترجعين من بنادق الغزاة

أغنية رائعة

كروعة الحياة

***

أقسمت يا كويت

برب هذا البيت

سترجعين من جحافل التتار

حمامة رائعة

كروعة النهار

***

كويت! يا كويت!

ياوردة صغيرة

قد صدمت بعطرها صدام

وهزت بعطرها

الغدر والجحود والإجرام

غازي القصيبي

أغسطس سنة 1990م

مقتطفات من حياته

• تاريخ الميلاد: 1359 هـ - 1940 م.

• مكان الميلاد: الأحساء – السعودية.

• الحالة الاجتماعية: أب لأربعة سهيل ويارا وفهد ونجاد.

• بكالوريوس قانون - كلية الحقوق – جامعة القاهرة 1381 هـ - 1961 م.

• ماجستير علاقات دولية – جامعة جنوب كاليفورونيا 1384 هـ - 1964م.

• دكتوراه في القانون الدولي – جامعة لندن 1390 هـ - 1970 م.

المناصب التي تولّاها

• أستاذ مشارك في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض 1358 هـ.

• عمل مستشاراً قانونياً في مكاتب استشارية وفي وزارة الدفاع والطيران ووزارة المالية ومعهد الإدارة العامة.

• عميد كلية التجارة في جامعة الملك سعود 1391 هـ.

• مدير المؤسسة العامة للسكك الحديد 1393 هـ.

• وزير الصناعة والكهرباء 1396 هـ.

• وزير الصحة 1402 هـ.

• سفير المملكة في مملكة البحرين 1404 هـ.

• سفير المملكة في المملكة المتحدة 1412 هـ.

• وزير المياه والكهرباء 1423 هـ.

• وزير العمل 1425 هـ.

المؤلفات

في الشعر:

- ورود على ضفائر سناء: ديوان شعر.

- للشهداء: ديوان شعر.

- الأشج: ديوان شعر.

- سلمى: ديوان شعر.

- قراءة في وجه لندن: ديوان شعر.

- يا فدى ناظريك: ديوان شعر.

- واللون عن الأوراد: ديوان شعر.

- سحيم: ملحمة شعرية.

- الإلمام بغزل الفقهاء الأعلام: مختارات شعرية.

- بيت: مختارات شعرية -في خيمة شاعر(1+2): مختارات من الشعر العربي.

الروايات

- العصفورية: رواية.

- شقة الحرية: رواية (صورت كمسلسل تلفزيوني).

- رجل جاء وذهب: رواية.

- سلمى: رواية.

- حكاية حب: رواية.

- سبعة: رواية.

- سعادة السفير: رواية سياسية.

- العودة سائحاً إلى كاليفورونيا: رواية.

- هما: حكاية الرجل والمرأة.

كتب ومؤلفات متنوعة

- الأسطورة: يتكلم عن أميرة ويلز ديانا.

- التنمية (الأسئلة الكبرى): مواضيع التنمية السعودية.

- ثورة في السنة النبوية: تعمق لدراسة السنة النبوية.

- الخليج يتحدث شعراً ونثراً: سير أعلام من الخليج العربي.

- أبو شلاخ البرمائي: إبحار في عالم متنوع.

- دنسكو: عن ترشحه لمنظمة اليونيسكو.

- حياة في الإدارة: سيرة عملية.

- العولمة والهوية الوطنية: محاضرات مجمعة عن العولمة.

- أمريكا والسعودية، حملة إعلامية أم مواجهة سياسية: عن الحملة الإعلامية الأميركية ضد السعودية بعد 11 سبتمبر.

- استراحة الخميس: استراحات متنوعة وطريفة.

- صوت من الخليج: إلقاء الضوء على كتّاب الخليج.

- مع ناجي... ومعها: مختارات شعرية من شعر إبراهيم ناجي.

- الغزو الثقافي ومقالات أخرى: محاضرات وكتابات متنوعة عن الغزو الثقافي وغيره.

جامعة الدول العربية تنعى القصيبي

نعت جامعة الدول العربية وزير العمل السعودي الدكتور غازي القصيبي، الذي وافته المنية صباح أمس الأول بمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض. وأعرب الامين العام للجامعة عمرو موسى في بيان صحافي عن تعازيه ومشاطرته أسرة الفقيد والأمة العربية والإسلامية احزانهم داعيا الله عز وجل أن يسكن الفقيد فسيح جناته.

وتقلد القصيبي مناصب حكومية عديدة، منها وزارة الصحة والمياه والكهرباء والعمل، اضافة الى انه عمل سفيرا للسعودية في عدد من الدول، فضلا عن أنه واحد من أبرز الأدباء السعوديين الذين كتبوا الدواوين الشعرية والرواية.

 (كونا)

من قصائد القصيبي

مرثية فارس سابق

عجباً! كيف اتخذناك صديقا؟

وحسبناك أخاً براً شقيقا؟

وأخذناك إلى أضلاعنا

وسقيناك من الحب رحيقا

واقتسمنا كسرة الخبز معاً

وكتبنا بالدما عهداً وثيقا

وزرعناك على أجفاننا

ونشرنا فوقك الهدب الوريقا

وزعمناك ولم تبرق - سناً

وكسوناك- ولم تلمع - بريقا

***

سيفنا كنت؟! تأمل سيفنا

كيف أهدى قلبنا الجرح العميقا

درعنا كنت؟! وهذا درعنا

حربة في ظهرنا شبت حريقا

جيشنا كنت؟! أجب يا جيشنا!

كيف ضيعت إلى القدس الطريقا؟!

***

ذلك العملاق... ما أبشعه

في الدجى يغتال عصفوراً رقيقا

مسخ الفارس لصاً قاتلاً

مسخ الفارس كذاباً صفيقا

***

رحمة الله عليه! إنه

مات! هل عاش الذي خان الرفيقا؟!

أغسطس سنة 1990م

أدباء وشعراء: القصيبي فارس الكلمة وقاهر قوى الظلام

بألم وحسرة شديدين استقبل الشعراء الأدباء في الكويت خبر وفاة الأديب غازي القصيبي، معبرين عن عميق حزنهم وأسفهم برحيله.

● لافي الشمري

في مفتتح حديثه، أكد الأديب سليمان الحزامي أن رحيل غازي القصيبي خسارة كبيرة للثقافة العربية، مشيراً إلى تميّز نتاجه الذهني المتنوع بين الشعر والرواية وكتابة المقال، حزنت لرحيل هذه القامة الفكرية والأدبية كما حزنت لتزامن هذا الغياب مع رحيل شخصية كويتية فذة تنويرية فخلال بضعة أيام فقدنا علمين بارزين في الثقافة والفكر العربي هما غازي القصيبي وأحمد السقاف، نأمل أن يعوضنا الخالق عنهما خيرا من المفكرين الحقيقيين الملتزمين بقضايا وطنهم ودينهم.

وتحدث الحزامي عن موقف الراحل القصيبي من قضية الكويت العادلة أثناء فترة الاحتلال العراقي، مؤكداً أن القصيبي لم يدّخر جهداً في الدفاع عن الحق الكويتي مؤيداً عودة الشرعية الكويتية وخروج القوات العراقية، كان القصيبي عربي الهوى وقومي النزعة.

   واستطرد الحزامي متحدثاً عن مناصرة القصيبي لقضية الكويت العادلة أثناء فترة الاحتلال العراقي، مشيداً بالتأييد التام للحق الكويتي الرافض لما يروجه النظام العراقي السابق من أكاذيب وتلفيقات مناهضة للحقيقة، لم يدّخر القصيبي جهداً لخدمة قضايا الكويت منذ اللحظة الأولى للاحتلال العراقي للكويت مجيراً قلمه وشعره للدفاع عن الحق الكويتي المسلوب.

في قراءة في نتاجه الادبي يؤكد الحزامي أن ما أنجزه الراحل من روايات كانت مكتنزة بالواقع الصعب والظروف العصيبة التي يمر بها الإنسان العربي بالرغم من أنه ينتمي إلى أسرة ثرية، متلمساً القهر والاضطهاد والظلم الذي يطبق على أبناء هذه البقعة الجغرافية المترامية الأطراف، مشيراً إلى أن نتاجه الشعري لا يقل أهمية عن السرد، فلقد تميزت قصائده بتنوع الأغراض الشعرية وتعددها.

غياب حزين

أما الدكتورة ليلى السبعان فتؤكد أن تزامن وفاة الأديب أحمد السقاف مع رحيل غازي القصيبي دليل على وحدة المصير، فالأحزان والأفراح مشتركة بيننا نحن أبناء دول مجلس التعاون، مشيرة إلى أن الفراغ الذي تركه رحيل القصيبي عند مريديه لاسيما أن نتاجه الأدبي جذب إليه الكثير من المحبين بالإضافة إلى عمله في الحقل السياسي جمع من حوله المؤيدين له ولنهجه.

وتضيف: "غياب غازي القصيبي آلمنا وأحزننا لعدة أسباب في طليعتها أن هذا الرجل يعي جيدا معنى الإنسانية قبل أن يكون مسؤولاً أو وزيراً، كما أنه اكتسب صفات قل أن نجدها مجتمعة في شخص واحد، فكان يرحمه الله دمث الأخلاق دبلوماسيا في تعاملاته وسلوكياته، نبيلاً في أخلاقه".

واستطردت السبعان في الحديث عن أسباب الحسرة والحزن لرحيل الكبار، مشيرة إلى أن رحيل السقاف والقصيبي خسارة كبيرة لأنهما قدما الكثير لبلديهما بدئاً من السمعة الطيبة والمثال الحسن لخير سفراء يمثلون أبناء وطنهم خير تمثيل، لذلك نشعر بالأسى والحزن لرحيلهما.

وعن نتاجه الادبي تؤكد السبعان أن أعماله الأدبية حققت نجاحاً كبيراً دفع المؤسسات الإنتاجية التلفزيونية والإعلامية إلى تحويل هذا الأدب إلى أعمال تلفزيونية ومسرحية وسينمائية، وساهم هذا الإنتاج بتنوع شرائح المتلقين  لما أنجزه القصيبي من السرد والشعر، معتبرة أن مسلسل "شقة الحرية" حقق نجاحا كبيراً وقدّم رصداً توثيقياً لمرحلة مهمة من التاريخ العربي.

وختمت السبعان حديثها: "وضع القصيبي بصمة أدبية وفكرية في ذاكرة الثقافة العربية وترك إرثاً سردياً وشعرياً كبيرا لن تؤثر فيه الأيام".

بطل معركة التحرير

وفي السياق نفسه، يؤكد الشاعر ابراهيم الخالدي أن غياب غازي القصيبي عن الساحة العربية خسارة عظيمة لعدة حقول سياسية وعملية وأدبية، لأن الراحل كتب اسمه في سجل أهل السياسة والفكر والثقافة والأدب، مقدماً عطاءاته وإنجازاته بسخاء، أعتقد أن القصيبي تجربة فذّة في عالم الإدارة فهو كتلة من المميزات وما يؤكد كلامي ترشحه لمنصب رئيس منظمة اليونسكو.

ويضيف: "سجّل القصيبي انجازاته بحروف بارزة ستبقى ثابتة على مر الزمان وستبقى حاضرة في ذاكرة بلده وكذلك البلدان التي أقام فيها، كما أن ذاكرة الأدب والفكر تحتفظ بالكثير من نتاجه الذهني المميز، يُشكل القصيبي مرحلة مهمة في تاريخ وطنه، مجسداً الأحداث التاريخية من خلال أعماله السردية ونتاجه الشعري".

وختم الخالدي حديثه: "برحيله فقدت الكويت أحد الأبطال الذين خاضوا معركة التحرير، متأبطاً سلاح الكلمة النزيهة المناصرة للحق والشرعية، فهو خاض المعركة ببسالة، كالجندي الذي يقود آليته الحربية متفوقاً على جنود العدو".

بدوره، أكد الشاعر وليد القلاف أهمية الدور الذي قام به الشاعر غازي القصيبي اثناء فترة الاحتلال العراقي لدولة الكويت، مشيراً إلى أنه كان في مقدمة جيش الشعراء الذين انتصروا إلى الحق الكويتي، كنت اشعر أن القصيبي كويتياً أكثر من الكويتيين حينما أرى حماسته وغيرته على بلدنا، تبع الحق ورفض الباطل.

ويضيف: "الحديث عنه يطول ولا يمكن اختصاره ببضعة سطور، لما تمثله هذه القامة السياسية والفكرية والأدبية في الخليج العربي، فهو حديث عن النزاهة والشرف اللذين تمثل في رفضه لأكاذيب أبواق النظام العراقي وافتراءاتهم أثناء أحداث 90".

وختم القلاف حديثه: "حضرت الأمسية التي أحياها الشاعر القصيبي في الكويت بعد التحرير مباشرة، واستمعت إلى القصائد التي قرأها وشعرت بمدى تأثر هذا الرجل بما كانت تمر به الكويت من محنة، واستمتع الحضور بهذه الأمسية وشهدت حضوراً كبيراً لم تتسع له القاعة، كما أن الراحل كان يحرص على قراءة مقدمة نثرية قبل الشروع في القصيدة".

back to top