آمال: شعب... بصلعة ونظارة
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
واصل الموكب مسيره، وصاحبنا الأصلع ذو البذلة السوداء يصرخ هنا وهناك، إلى أن دخل الموكب باحة القصر، وترجل الزعيم من سيارته، واختفى في إحدى الفلل المتناثرة... هنا التفت صاحبنا إلى فريق الحماية وراح يربّت على زنودهم: «أحسنتم صنعاً لكن تذكروا جيداً ما قلته لكم، لا أريد أن أرى نساء بعباءات، ولا أريد كذا، ولا كذا»! تبادل أعضاء الفريق نظرات الدهشة، قبل أن يسأله القائد بأدب جم: «عفواً سيدي لم نعرفك... من أنت؟»، صمت صاحبنا برهة، وصمت معه الكون، ثم أطلق ساقيه للريح في اتجاه البوابة! هنا ارتفع صراخ الحراس وأعضاء فريق الحماية والخدم والمرافقين وهم يعدون خلفه: «قف قف قف» وألقوا القبض عليه، ليتبين أنه لا يحمل مسدساً بل غلاف مسدس خالياً، واكتشفوا لاحقاً أنه «مهووس» بهذا النوع من المغامرات، وبعد تفتيش منزله وجدوا أنه يحتفظ بأشرطة فيديو لهذا النوع من الأفلام والصور التي يظهر فيها كلها بصورة قائد فريق الحماية، وغير ذلك من العَته والهبل المدمس.تطورت الأمور فتم فصل رئيس فريق الحماية وإنزال عقوبة قصوى عليه، وأُلقي بالمهووس في السجن، وتغير نظام الحماية بالكامل. كتب بعد ذلك طبيب نفسي: «أرجوكم لا تقسوا عليه، يبدو أنه مصاب بالمرض الفلاني، وراح يشرح أعراض المرض، وكيف أن المصاب به سلمي لا يحب العنف وإن تظاهر به، وكيف أنه يتقمص الشخصية بصدق إلى أن تتلبسه بالكامل، تتلبس تفكيره وجسمه ونبرة صوته، ويكمن علاجه بتكرار شرح الأمر له، وتنبيهه بطرق مختلفة بأنه ليس قائد فريق حماية...أنا مقتنع أن هذا المرض موجود، وأنه قد يتلبس جماعات وشعوباً، نحن في الكويت شعب كامل مصاب بهذا المرض، صدّقنا أننا في بلد ديمقراطي فرحنا نجري حول موكب الديمقراطية بنظاراتنا السوداء وصلعاتنا اللامعة، وصدقنا أن لدينا أدوات رقابة فجرينا حول موكبها بالسماعات الصغيرة والمايكروفونات المثبتة على ياقات قمصاننا، وصدقنا أن لدينا صحافة حرة فرحنا نصدر الأوامر ونمنع العباءات، وصدقنا وصدقنا وصدقنا، حتى تلبستنا الأوهام وسيطرت على تفكيرنا وجوارحنا ونبرة صوتنا.بالله عليكم، هل لو كنا في بلد ديمقراطي حقيقي كان يمكن أن تختفي مليارات النفط رغم كل هذه الأجهزة المحاسبية؟ كيف يتم الاستحواذ على أراضي الدولة وتحويلها إلى مشاريع بالترسية المباشرة، وبسعر لا يكاد يُذكر بالعين المجردة، تحت أعين الأجهزة المحاسبية وفوق أنوفها؟... زوروا منطقة «الحزام الأخضر»، رئة الكويت، التي تضم «النافورة الراقصة» وتفرجوا على المشروع التجاري المقام هناك، ثم اسألوا أنفسكم: «مشروع تجاري بهذا الحجم، على أرضٍ في هذا الموقع، بكم كان يجب أن تُباع لو عُرضت على الجميع؟»، وإذا لم تجدوا الإجابة فأعطوني نظارة وسماعة... الله لا يهينكم.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة