ما قل ودل: الاستجواب... والمنعطف الدستوري الخطير

نشر في 03-01-2011
آخر تحديث 03-01-2011 | 00:00
 المستشار شفيق إمام إلا الدستور

كان طبيعيا أن ترفع بعض الديوانيات هذا الشعار، وتتداوله حركة نشطة من بعض النواب، عندما ساد فهم خاطئ بأن رفع الحصانة القضائية أو الإجرائية عن النائب د. فيصل المسلم، قد انطوى على انتهاك للحصانة البرلمانية التي لا يجوز رفعها عن العضو، وانتهاك للدستور، وهو ما دللنا على خطئه من المنظور الدستوري والقانوني في مقالنا «ويظل د. المسلم محتفظا بحصانته البرلمانية» المنشور على هذه الصفحة يوم 25 من الشهر الماضي، وفي مقالنا في اليوم التالي تحت عنوان «وتظل أحكام الدستور مصونة».

الاستجواب

وقد كان من تداعيات، رفع الحصانة القضائية عن الدكتور فيصل المسلم، والأحداث التي جرت بعد ذلك في الديوانيات وخارجها، أن قدم استجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء.

وهو ما طرح العديد من الأسئلة وأولها: لماذا استجواب رئيس مجلس الوزراء، في الشق المتعلق برفع الحصانة القضائية؟ ولا سلطان لسموه على القضاء، ولا يجوز له التدخل في سير العدالة بموجب المادة (163) من الدستور.

ولم يكن هناك انتهاك الدستور، عندما مثلت الحكومة بوزير واحد في الجلسات التي كان طلب رفع الحصانة على جدول أعمالها، وهو حق دستوري لها فيما جرى عليه العرف من تفسير للمادة (116) من الدستور.

كما لم يكن هناك انتهاك للدستور في رفع الحصانة عن العضو ضمنا بانقضاء ميعاد الشهر الذي حدده الدستور للبت في طلب رفع الحصانة، وإلا اعتبرت مرفوعة بفوات هذا الميعاد.

موقف مختلف لمجلس الأمة

وفي هذا السياق فقد كان لمجلس الأمة موقف مختلف، عندما رفض بأغلبية الأصوات في اجتماعه المعقود بتاريخ 23/11/1999 مناقشة طلب رفع الحصانة عن أحد الأعضاء، رغم أن رئيس المجلس نبه الأعضاء إلى أن عدم البت في رفع الحصانة في هذه الجلسة، سوف يترتب عليه أن ترفع ضمنا بعد أيام، وترك مجلس الأمة الحصانة لترفع ضمنا عن النائب.

وهو موقف لم أجد فيه غضاضة، فقد كان انتصافا لحق التقاضي، ولمبدأ المساواة أمام القانون وأمام القضاء، فلا أحد فوق القانون والحصانة البرلمانية هي استثناء من هذا الأصل، والمساواة أمام القضاء هي أحد المبادئ الأساسية التي قام عليها القضاء في الإسلام، والذي كان دستوره قول الرسول عليه الصلاة والسلام «الناس سواسية كأسنان المشط « وقوله صلى الله عليه وسلم «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والله لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها».

تجاوزات قانون التجمعات العامة

ولئن كان الاستجواب قد ارتكن كذلك إلى ما وقع من تجاوزات لقانون التجمعات العامة يوم 8 ديسمبر، فإن مسؤولية من وقعت منهم هذه التجاوزات، تحكمها نصوص قانونية تقرر عدم مسؤولية الموظف العام، إذا ارتكب فعلا تنفيذا لأمر يعتقد أن القانون يوجب عليه طاعته المادة 37 من القانون رقم 16 لسنة 1960 والمادة 237 من القانون 67 لسنة 1980.

وقد قال صاحب السمو أمير البلاد حسبما طالعتنا الصحف بعد أيام «أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنا الذي أمر بمنع التجمعات العامة» و»أنا المسؤول، وأنا من أعطى الأوامر... لأن هيبة الدولة في مصلحة الجميع».

وقد أجمع كل من تداول الأمر من نواب ومن شخصيات عامة لها وزنها على أن طاعة الأمير واجبة، لذلك لا يكون هنا محل لاستجواب سمو رئيس مجلس الوزراء حول ما حدث من تجاوزات لقانون التجمعات العامة، والدستور ينص على أن الأمير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس.

وقد حرص الدستور- كما جاء في مذكرته التفسيرية- على أن يظل رئيس الدولة أبا لأبناء هذا الوطن جميعا، ونأى بسموه عن أي مساءلة سياسية.

منعطف خطير

والبادئ من تداعيات الأحداث أن الكيل قد طفح، نتيجة إساءة استخدام الأدوات الدستورية، الأمر الذي دعا صاحب السمو الأمير، إلى ممارسة صلاحياته، مباشرة وليس من خلال وزرائه، وهو يضع أدوات الرقابة البرلمانية في منعطف خطير، ما كان أغناها عنه، لو التزمت الإطار الدستوري السليم لها، لتبقى الكويت، واحة الديمقراطية، في وطن عربي مترامي الأطراف، فشل حتى الآن في أن يتبوأ مكانه، تحت شجرة الديمقراطية الباسقة، التي تظل أوراقها شعوب العالم المتقدم، بظل من العلم والتقدم والتنمية.

وللحديث بقية إن شاء الله.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top