جاءت خسائر البورصة الكويتية منذ بداية السنة نتيجة عوامل عدة، منها: المزاج العام السلبي والمديونية العالية لبعض الشركات، وارتفاع عدد الشركات الموقوفة عن التداول، والتطورات الخارجية، وشح تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، والجدل حول تمويل مشاريع التنمية.

Ad

اصدرت إدارة بحوث الاستثمار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول تقريرا يهدف إلى تحليل وإلقاء الضوء على أداء اسواق الاسهم الخليجية منذ بداية عام 2011.

وقال التقرير ان العوامل تمازجت بين إيجابية وسلبية ولكن غلبت عليها العوامل السلبية التي كان لها دور أساسي في تحديد اتجاهات المؤشرات المالية لأسواق الأسهم الخليجية منذ بداية العام الحالي ونتج عنها خسائر في القيمة السوقية وانخفاض في السيولة. 

وبالرغم من النتائج المالية الجيدة للشركات المدرجة خلال عام 2010 والربع الأول من عام 2011 وارتفاع أسعار النفط إلى مستويات جيدة تخطت الـ 100 دولار للبرميل، فإن امتداد الاضطرابات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت لها نتائجها السلبية على الأسواق المالية وعلى الجو العام لدى المستثمرين نظراً لتعرض بعض الشركات الخليجية لأسواق المنطقة والترابط الاقتصادي بين دول منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي نتج عنها عمليات بيع مكثفة تحديداً خلال الربع الأول من العام الحالي نتيجة حالة الخوف التي أصابت المستثمرين. بالإضافة الى ذلك، كان لهروب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية والبحث عن استثمارات آمنة في دول تتمتع بالأمن والاستقرار، الأثر السلبي في الضغط على اسعار الأسهم.

أداء بورصات الخليج

تسارعت الأحداث منذ بداية العام الحالي وأثرت سلبا في جميع أسواق الأسهم الخليجية من دون استثناء حيث فقدت الأسواق الخليجية حوالي 15 مليار دولار أميركي منذ بداية السنة لتصل قيمتها السوقية الإجمالية إلى نحو 758 مليار دولار أميركي في نهاية تداولات يوم 17 مايو 2011.

وشهدت جميع الأسواق الخليجية خسائر في قيمتها السوقية باستثناء بورصة قطر التي ارتفعت بـ1.9 مليار دولار أميركي. كانت أكبر الخسائر في بورصة الكويت التي تراجعت بقيمة 12.6 مليار دولار أميركي ونتج عنها فقدان بورصة الكويت مركزها كثاني أكبر بورصة خليجية من حيث القيمة السوقية لصالح بورصة قطر، وفي حال تمت عملية اندماج بورصتي دبي وأبو ظبي في بورصة واحدة (بورصة الإمارات) فذلك يعني أن بورصة الكويت سوف تصبح في المرتبة الثالثة خليجياً.

وفي تحليل لأداء سوق الأسهم السعودي، اكبر الاسواق الخليجية من حيث القيمة السوقية، انخفضت قيمته السوقية بنسبة طفيفة 0.1 في المئة أو ما يعادل 342 مليون دولار أميركي منذ بداية عام 2011، علماً بأن السوق السعودي كان قد شهد أسوأ تراجعات له خلال العام الحالي مقارنة بالأسواق المالية الخليجية الأخرى حيث تراجع بنسبة 6.43 في المئة خلال تداولات يوم 29 يناير 2011 حين أغلقت جميع الأسهم المدرجة من دون استثناء على تراجعات حادة. إلا أن النتائج المالية الإيجابية عن السنة المالية المنتهية 2010 ونتائج الربع الأول من العام الحالي التي جاءت بدعم خاص من قطاع الشركات البتروكيماوية لعبت دوراً إيجابيا في تصحيح مسار السوق وتعويض الخسائر التي لحقت به منذ بداية العام الحالي.

أما بالنسبة الى بورصة قطر فقد ارتفعت قيمتها السوقية بنحو 1.9 مليار دولار أميركي بدعم من جميع قطاعات السوق وتحديداً من قطاع البنوك الذي تمكن من تحقيق نتائج مالية جيدة خلال عام 2010 والتي ارتفعت بنسبة 20.5 في المئة لتصل إلى 3.39 مليار دولار أميركي، كما عززت البنوك القطرية من أرباحها خلال الربع الأول من عام 2011 حيث ارتفعت أرباحها بنسبة 24 في المئة لتصل إلى 978 مليون دولار أميركي مقارنة مع أرباح الربع الأول من عام 2010.

لماذا خسرت بورصة الكويت مركزها كثاني أكبر بورصة في الخليج لمصلحة بورصة قطر؟

تخطت القيمة السوقية لبورصة قطر التي تتضمن 42 شركة مدرجة، القيمة السوقية لسوق الكويت للأوراق المالية لأول مرة حيث بلغت القيمة السوقة لبورصة قطر 125.5 مليار دولار أميركي مع العلم أن عدد الشركات المدرجة في بورصة الكويت اعلى بكثير (217 شركة). ويعود السبب في ذلك إلى أن 96 شركة أو ما يعادل 45 في المئة من إجمالي الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية تتداول أسهمها ما دون قيمتها الاسمية البالغة 100 فلس كويتي. وهذا ما يفسر انحدار الأسعار إلى مستويات متدنية لم تشهدها سابقاً وذلك مقارنة مع أسعار الأسهم قبل بدء الأزمة المالية في عام 2008 حيث لم يكن هناك أي سهم يتداول ما دون قيمته الاسمية.

وتمثل القيمة السوقية لسوق الكويت للأوراق المالية حالياً حوالي 16 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لأسواق الأسهم الخليجية بعد أن وصلت حصتها من الإجمالي إلى 20 في المئة وذلك قبل بدء الأزمة المالية في سبتمبر 2008، بينما ارتفعت مساهمة القيمة السوقية لبورصة قطر من الإجمالي إلى 17 في المئة بعد أن كانت 12 في المئة في عام 2008.

والاسباب باتت واضحة وراء هذا الانخفاض منها ازمة الائتمان المحلي وتعثر عدد كبير من الشركات وقلة السيولة وانتقاء المستثمرين للاسهم التشغيلية بدلا من المضاربة التي ادت الى انتفاخ اسعار عدد كبير من الأسهم التي لم تصمد مع اول صدمة في السوق.

شهد سوق الكويت للأوراق المالية خسائر حادة منذ بداية السنة حيث فقد حوالي 12.6 مليار دولار أميركي من قيمته السوقية بالتزامن مع انخفاض حاد في حركة التداول والسيولة. وجاءت هذه الخسائر نتيجة عدة عوامل أثرت سلباً وهي: المزاج العام السلبي، و الجمود في سوق الائتمان، والمديونية العالية لبعض الشركات، وارتفاع عدد الشركات الموقوفة عن التداول، والتطورات الخارجية، وشح تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، والجدل الذي كان قائما حول تمويل مشاريع التنمية والشركات المساهمة العامة التي سوف تتأسس لهذا الغرض.

مؤشرات التقييم

أما بالنسبة الى مؤشرات التقييم لأسواق الأسهم الخليجية، فبعد أن وصلت إلى أعلى مستويات لها خلال العامين الماضيين نتيجة الخسائر التي لحقت بعدد كبير من الشركات المدرجة، عادت لتسجل تحسنا ملحوظاً مدفوعة بتحسن الأداء المالي للشركات المدرجة، حيث سجل معدل مضاعف السعر للربحية لأسواق الأسهم الخليجية 15.3 مرة كما في 17 مايو 2011 وهي قريبة جداً من مضاعف السعر إلى الربحية لمؤشر SandP500 التي تبلغ حالياً 15 مرة. ويُعتبر سوق مسقط للأوراق المالية من أرخص الأسواق الخليجية وبمضاعف سعر إلى الربحية 10.5 مرة، تليه بورصتا قطر والبحرين بمضاعف سعر إلى الربحية 15.3 مرة و15.8 مرة على التوالي.

وتعتبر الأسواق الإماراتية حالياً من أغلى الأسواق الخليجية حيث وصل مضاعف السعر إلى الربحية لكل من سوق دبي المالي وسوق أبو ظبي للأوراق المالية إلى حوالي 25.5 مرة و18.6 مرة على التوالي. أما بالنسبة الى سوق الاسهم السعودي، فقد بلغ مضاعف السعر للربحية حوالي 17.0 مرة، ومن المتوقع أن ينخفض تدريجياً بعد النتائج المالية الجيدة التي حققها قطاع الشركات البتروكيماوية خلال الربع الأول من عام 2011، ومن المتوقع أن تستمر الشركات السعودية المدرجة في تحقيق نتائج مالية أفضل خلال عام 2011.

النتائج المالية للبنوك

جاءت النتائج المالية للبنوك الخليجية المدرجة التي يبلغ عددها 64 بنكاً إيجابية خلال الربع الأول من عام 2011 حيث بلغ صافي الربح 5.1 مليارات دولار أميركي بنسبة نمو بلغت 12 في المئة مقارنة مع أرباح الربع الأول من عام 2010 التي بلغت 4.6 مليارات دولار أميركي.

واحتفظت البنوك السعودية بالمرتبة الأولى من حيث الربحية بإجمالي صافي ربح بلغ 1.67 مليار دولار أميركي في حين بلغت أرباح البنوك الإماراتية نحو 1.63 مليار دولار أميركي (1.06 مليار دولار أميركي لبنوك أبو ظبي و576.8 مليون دولار أميركي لبنوك دبي). أما أرباح البنوك القطرية التي كانت أكثر نمواً من نظيراتها الخليجية، فقد ارتفعت بنسبة 24 في المئة خلال الربع الأول لتصل إلى 978 مليون دولار أميركي مقارنة مع 789 مليون دولار أميركي سجلتها خلال الفترة نفسها من عام 2010. أما بالنسبة للبنوك الكويتية فقد حافظت على نسبة نمو مرتفعة بلغت 19.6 في المئة لتصل أرباحها إلى 559 مليون دولار أميركي. وجاءت هذه النتائج للبنوك الخليجية بالرغم من النمو المتواضع في الائتمان والمخاطر التي تواجهها البنوك حيث ساهم الانخفاض في المخصصات في دفع نمو الأرباح، ومن المتوقع ان تستمر الارباح في اتجاهها التصاعدي مدفوعة بسياسات الانفاق التوسعية على البنية التحتية وتطوير القطاعات الاقتصادية المنتجة.