عبدالمحسن تقي مظفر: المرأة جزء من المجتمع فلماذا المطالبة بقانون خاصّ بها؟

نشر في 19-08-2010 | 00:00
آخر تحديث 19-08-2010 | 00:00
في خطوة رائدة على صعيد العالم العربي، دخلت أربع نساء البرلمان الكويتي، وقد وضعن نصب أعينهن تحقيق مصالح الوطن على غرار النواب الرجال، كما يؤكد الكاتب والناشط الحقوقي عبد المحسن تقي مظفر مشيراً إلى التقدم الذي تحقق في الكويت سياسياً مقارنة بالنواحي الاجتماعية التي تأخرت، برأيه، بسبب حالة التزمت الديني التي شهدتها البلاد منذ أوائل الثمانينيات، نتيجة التحالف الذي نشأ بين الحكومة والتيارات المتزمّتة.

ما حقيقة أوضاع المرأة في الدول العربية؟ إلى أي مدى يظلمها الإرث الديني والاجتماعي ويعوق تطوّرها؟ أين هي من الحركات المتزمتة؟ وغيرها من الأسئلة يجيب عنها مظفر في الحوار التالي.

كيف ترى وضع المرأة في الكويت سياسياً واجتماعياً؟

سياسياً شهدت الكويت، في الآونة الأخيرة، تطوراً إيجابياً لصالح المرأة، بالتالي لصالح المجتمع ككل، مقارنة بالدول المحيطة بنا، ففوز أربع نساء بمقاعد في البرلمان، أمر إيجابي، على رغم موجة التخلّف والتراجع في النواحي الاجتماعية منذ منتصف الثمانينيات لغاية اليوم، نتيجة تمدّد التيار المتزمّت ومحاربة مظاهر التقدّم بما في ذلك الديمقراطية، لذا يعدّ دخول المرأة البرلمان في هذه الظروف مكسباً اجتماعياً كبيراً.

ما أبرز الإنجازات التي حققتها المرأة بعد وصولها إلى البرلمان؟

لم تدخل المرأة البرلمان لتحقيق مصالح للنساء، إنما التحقت بالعمل السياسي، على غرار الرجل، لتحقق مصالح الوطن أجمع، لكن لا يمنع ذلك من أن تكون لها اهتمامات خاصة بشؤون المرأة. من خلال متابعتي المشهد السياسي في الفترة الماضية اتضح لي أنها أكثر حرصاً على الاهتمام والحضور ومتابعة القضايا التي يناقشها البرلمان.

طرحت مجموعة من النائبات فكرة إصدار «قانون المرأة»، ما رأيك؟

شخصياً أنا ضدّ هذا التوجّه، لأن هذا القانون المقترح هو، في حدّ ذاته، قانون مميِّز، يفصل بين الرجل والمرأة في المجتمع. وصلت المرأة إلى البرلمان لتؤكد مساواتها بالرجل وسعيها إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وليس الى تحقيق مصالح فئوية خاصة بالمرأة، فهي جزء من المجتمع، لذا أتعجب كيف يطالب نواب بسن قانون خاص بها. إذا كان ثمة جوانب سياسية يشوبها قصور ونقص فهي شاملة وتعمّ المجتمع كافة، وفي حال إصلاحها وتغييرها وإعادة النظر فيها تدخل المرأة كجزء من المجتمع.

من الأجدر استحداث قوانين جديدة لتنمية المجتمع بأطيافه المختلفة، من بينها حقوق السكن وهي ليست خاصة بالمرأة إنما بالأفراد كافة، بحيث يحق الحصول على سكن سواء بالنسبة إلى المرأة أو أبنائها أو الزوج وقس على ذلك في قانون الأحوال الشخصية.

إذا كانت ثمة مثالب أو ملاحظات على هذا القانون فهي قضايا تمس المجتمع ككل وليس المرأة وحدها. قضايا الميراث ليس المرأة المتضرر منها وحدها، إنما أولادها أيضاً. في حال إقرار هذا القانون هل نحتاج في المقابل إلى استصدار «قانون الرجل» أو «قانون الأطفال»؟

يقول بعض المستشرقين إن المنطقة العربية تحمل إرثاً تاريخياً في اضطهاد المرأة يصعب التخلص منه، هل يعدّ ذلك اتهاماً أو تجنياً على الموروث؟

ليس اتهاماً، برأيي، إنما حقائق تاريخية، شئنا أم أبينا لا يعطي الفكر الاجتماعي في المنطقتين العربية والإسلامية المرأة حقوقها كافة. لا أريد الدخول في جدال ديني، لكن الملاحظ للعيان أن ثمة قوانين ولوائح وممارسات وأحكاماً للقضاء تصبّ ضد مصلحة المرأة، إذا تذكرنا فيلم «أريد حلاً» لفاتن حمامة، نلاحظ أنها تبحث عن حلّ أو طريق للطلاق من رجل تراه هي ظالماً ومستبداً، لكنها تفشل لأن القوانين والأحوال الشخصية تقف ضدها، هي المضطهدة وعليها أن تنفذ هذه الأحكام من دون جدال.

في منطقتنا العربية موروث فكري وديني وتشريعي يقف ضد المرأة ويقيد حريتها، ليس من السهل التخلص منه لأن جزءاً منه نابع من نصوص دينية، بالتالي يصعب معارضة النصوص الدينية. تكمن المشكلة الأساسية في فهم هذه النصوص وتفسيرها بما يتفق وتقدّم المجتمعات.

علينا أن نعي أن النص الديني ذاته يمكن أن يفسّر في حقبة تاريخية محددة، أو منطقة جغرافية تفسيراً يختلف عن منطقة جغرافية أخرى أو حقبة تاريخية راهنة.

لا تتساوى المرأة في جمهورية تونس، مثلاً، مع المرأة في المملكة العربية السعودية أو مصر، مع أن الشريعة الإسلامية واحدة والنص الديني ذاته هنا وهناك. تحرم المرأة في السعودية من حقها في قيادة السيارة، وهي حاجة اجتماعية ملحة راهناً ولا يمكن للبلاد الحديثة أن تسن قوانين تحرمها من هذا الحق، مع العلم أن ثمة أحاديث حول إعادة النظر في هذا الأمر في المملكة، ما يبرهن إذاً أن النص الديني ذاته يمكن أن يفسَّر بشكل مختلف هنا وهناك.

أجل إرثنا الديني والاجتماعي زاخر بالأمور التي تستند إلى العادات والتقاليد وتعيق تقدم المرأة أو حقها في ممارسة حياتها بصورة طبيعية في المجتمع. لا أتحدث عن عدم صحّة هذه النصوص، إنما أجادل بشأن فهمنا وتفسيرنا لها بما يتوافق مع التقدم الحاصل في المجتمعات.

ترفض التشريعات العربية بما فيها الكويت منح المرأة التي تتزوج رجلاً من غير بلدها جنسيتها لأولادها، ما تعليقك؟

ليس لهذا الأمر علاقة بالمرأة، إنما يتعلق بقانون الجنسية في الكويت، وسعيه إلى وضع حدود وضوابط لمن يمكنه الحصول على الجنسية، قد يكون بعض هذه الحدود أو الضوابط منافياً للحقيقة والتقدم الحضاري الحاصل في العالم كله.

كيف لنا، في الكويت مثلاً، أن نجري تعديلاً على قانون الجنسية يحرّم غير المسلم من الحصول على الجنسية الكويتية؟ بأي حق يُسنّ مثل هذا القانون ونحن لدينا مواطنون مسيحيون؟ بإقرار هذا القانون نحرم مجموعة من الناس مكتملة الشروط باستثناء شرط الدين من الحصول على الجنسية، بالإضافة إلى ذلك أهين، بسبب هذا القانون، مواطنون كويتيون، بعضهم يتقلد مناصب حساسة في البلد.

بالعودة إلى أبناء المواطنة الكويتية، أرى في حرمانهم من الجنسية ظلماً كبيراً لهم، والأدهى من ذلك أن تُحجب الجنسية عن هؤلاء الأبناء المستحقين في حالة وفاة الزوج، بحجة أن أباهم «بدون»، من دون النظر ما إذا كان هذا الأب مرتكباً جناية أو خطيئة معينة يجرمها القانون.

نتجاهل أن كلمة «بدون» تعني أنه، لظروف اجتماعية محددة أو إدارية سيئة بسبب تخلف الآباء عن تسجيل أبنائهم في سجل الجنسية، حرم هؤلاء الأبناء من الجنسية. بحسب القوانين المتاحة اليوم، ما لا يقل عن 50% من هؤلاء البدون لهم حق التجنس من دون لبس، لكن الإجراءات الحكومية فيها تسويف ومماطلة ما أعاق هذه العملية.

هل إنصاف المرأة ونيل حقوقها السياسية مفتاح حقيقي لتطور المجتمعات؟

ينصبّ الحديث دائماً على الجوانب السياسية، كأنه، بوصول المرأة إلى سدة البرلمان، تُحل العقد والمشاكل الاجتماعية جميعها، هذا افتراض غير صحيح، ذلك أن وضع حدود على ممارسات المرأة وعلى حقوقها هو بحد ذاته موقف مضاد لها، بغض النظر عن وصولها إلى البرلمان أو لا.

يتحجج المعارضون لنيل المرأة حقوقها بأنها، حتى في البلاد الغربية المتقدمة، تُضرب ويمارس ضدها العنف والتمييز على الرغم من القوانين التي تكفل حقوقها، كيف تردّ على ذلك؟

في هذا القول مبالغة شديدة، تحصل في الدول الغربية، كما في دول العالم، ممارسات خاطئة وتعدّ هذه جرائم اجتماعية، لكن ليس معنى ذلك خلق مبررات لظلم المرأة.

إنها حالات فردية وليست ظاهرة سواء في المجتمعات الغربية أو في أوطاننا. تصبح المشكلة عادة معقدة وذات بعد اجتماعي عندما تتحول إلى ظاهرة تتكرر على نطاق واسع.

ماذا عن تعليم المرأة في الكويت والمنطقة العربية بعامة؟

خطت الكويت خطوات واسعة نحو تعليم المرأة، ولم يعد الأمر مشكلة أو قضية، لكنه يواجه، في بعض البلدان العربية، معارضة ويصطدم بمعوقات أحياناً، من الأمثلة على ذلك الجمهورية العربية اليمنية، ثمة مناطق تعاني فقراً ولا تتاح للمرأة الفرص للتعليم خصوصاً في القرى والأرياف، ليس بالضرورة أن يكون المجتمع ضد تعليمهن، لكن ظروف الحياة لا تسمح لهن بذلك. في الإجمال تتجه البلاد العربية نحو تسهيل تعليم المرأة، وإن وجدت المعوقات التي تحدثنا عنها.

ثمة مشكلة أخرى، علينا الانتباه إليها. قد يكون من الإيجابي تقبلنا تعليم المرأة، لكن أن نقبل بتعليمها إلى مرحلة محددة كالمتوسطة أو الثانوية فحسب هو ، برأيي، هدر للأموال والموارد. الأكثر سوءاً أن نتيح لها إنهاء تعليمها الجامعي، ثم نطلب منها البقاء في المنزل وعدم المشاركة في الحياة العملية، في هذه الحال علينا أن نعي الخسارة المترتبة على هدر الأموال في تعليم المرأة حتى نيلها الشهادة من ثم وضعها في الظلّ وعدم الاستفادة من قدراتها وإمكاناتها، للأسف يحدث ذلك كثيراً إلى درجة تحوّل معها إلى ظاهرة.

ترددت أصوات أخيراً تطالب بصرف رواتب لربات البيوت وهن في المنزل من دون أي عمل!

الهدف من هذه المطالبة إبقاء المرأة في المنزل، يغفل أصحابها أنها تهميش للمرأة وهدر للأموال. برأيي أن هذا القانون يعدّ جريمة في حق المجتمع، إذا أقرّ.

يتحجج أصحاب هذه الدعوة بتربية الأبناء!

هل يعني ذلك أن النساء اللواتي يخرجن إلى العمل يفشلن في تربية أبنائهن؟ غير صحيح. حتى القول إن الوقت غير كاف للمرأة العاملة غير دقيق. تصرف المرأة العاملة 8 ساعات خارج المنزل، ويتبقى لديها 16 ساعة تفعل فيها ما تشاء. تجد المرأة الحريصة على أبنائها الوقت دائماً ولدينا نماذج لنساء عاملات استطعن تربية أبنائهن بكفاءة عالية جداً.

هل لظهور النفط أثر في تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة سواء بالسلب أو الإيجاب؟

يتيح ظهور النفط أو أي ثروة أخرى في مجتمع من المجتمعات الفرصة للتلاقي مع المجتمعات الخارجية، حدث هذا الأمر في الكويت وبقية المجتمعات الخليجية، إذ أتاحت الثروة النفطية الفرصة لانتشار التعليم، وفتحت الآفاق أمام سكان هذه الدول للانطلاق نحو العالم الخارجي، والاطلاع على ما يجري هناك، وربما تفتح المشاهدات العينية الفرصة للتعلم وتقليد الإيجابي والصالح في سلوك هذه المجتمعات المتقدمة. هذه الثروة نعمة، وليست نقمة.

تحدثت عن تمدد التيار الديني في الكويت منذ فترة الثمانينيات، كيف أثر ذلك على الحياة الاجتماعية؟

بين الخمسينيات ومنتصف السبعينيات كانت الحكومة أو سلطة اتخاذ القرار في الكويت تستند على التحالف مع أصحاب رأس المال الوطني والأغنياء من رجال غرفة المال وغيرهم... كان لهؤلاء دور أساسي في التشاور مع الحكم في ما يتعلق بتقرير مصير البلد والقرارات السياسية والاجتماعية.

بعد مرور فترة من الزمن تخلخل هذا التحالف، لسببين رئيسيين: الأول أن الحكومة أصبحت في وضع أقوى مما كانت عليه في السابق وتغيرت بعض الموازين، في السابق كانت الحكومة بحاجة إلى هؤلاء التجار، لكنها أصبحت اليوم أكثر غنى منهم فاستغنت عن السند الذي كان يأتيها من هذه الطبقة، واتخذت قرارات مؤسفة منذ منتصف الستينيات إلى منتصف السبعينيات، تمثلت بتجنيس أفراد دون المستوى الثقافي والاجتماعي لعموم الناس في البلد، بهدف إيجاد توازن في القوة بين الحكومة والتيارات الوطنية، فكانت عملية سياسية ذكية، من وجهة نظر الحكومة، لا سيما أن هؤلاء أصبحوا يشاركون في اتخاذ القرار في ظل وجود نظام ديمقراطي.

لكن لهذا التجنيس سلبياته أيضاً من بينها أن التيار الديني المتزمت وجد في هذه المجموعة أرضاً خصبة ونشأ تحالف بين الحكومة وبين هذا التيار المتزمت المستند إلى طبقة من هؤلاء الذين تم تجنيسهم. اليوم هم كويتيون، ومن العيب والخطأ الجدال في كون أنهم كويتيون، لكن تاريخياً حدث الأمر الذي ذكرته.

من المفارقة، أنه بعد مرور فترة من الزمن وجدنا الحكومة ذاتها، التي استندت إلى هؤلاء، تشتكي منهم، فمعظم المشاكل التي تعانيها تأتي من هذه المجموعة. أرى أن ذلك حقّ لهم، فهم مواطنون وأصبحوا من أصحاب القرار ولهم توجهاتهم ومصالح معينة يطالبون بها، حتى لو كان في ذلك معارضة للحكومة.

ما أثر هذا الوضع على الطموحات التي تتحدث عنها الحكومة راهناً بتحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي عالمي؟

تصطدم الطموحات التي يتحدث عنها سمو الأمير ومجلس الوزراء في ما يتعلق بخطة التنمية الخمسية مع هذا الفكر المتزمت، وليست هذه قضية الكويت وحدها، بل تعاني الدول العربية من هذا النوع من الفكر، لأنه يحول دون التقدم في النواحي الاجتماعية والاقتصادية، كونه يضع حواجز بينه وبين المجتمعات العالمية الأخرى ويعتبر الآخر معادياً له، وهذا ما نسمعه دائماً عن التكفير الذي يعني معاداة بقية العالم. لا يمكن تحقيق طموحات سمو الأمير في الكويت مع وجود هؤلاء.

كيف ترى غياب المرأة الكويتية عن ميادين حقوق الإنسان والمجال التنويري الفكري؟

قد يكون هذا الكلام صحيحاً في جزء منه. إن صح أن ثمة أسباباً لغياب المرأة الكويتية عن الميادين التي ذكرتها، فهي نتيجة لتغييب المرأة الكويتية فترة طويلة، وبروز الرجل اليوم في شتى الميادين هو نتيجة حريات وممارسات واسعة تمتع بها منذ الخمسينيات حتى وقتنا الراهن.

دخلت المرأة هذه الميادين منذ فترة قريبة ومن الطبيعي أن تتأخر عن الرجل، علاوة على محاربة السلطات الدينية وبعض الأسر لها فكرياً وسياسياً واجتماعياً لمنعها من البروز، مع ذلك نجد سيدات فاعلات في مجال حقوق الإنسان وفي الفكر والأدب وثمة أسماء بارزة.

لماذا نواجه بسياج حديدي عندما يتعلق الأمر بتطوير الفكر الإسلامي وإعادة قراءة التراث وتجديد المفاهيم الفقهية الدارجة؟

لأن المهتمين بالقضايا الدينية يرفضون الحوار حولها، لنقرأ التراث مجدداً وننظر ما إذا كانت فيه زوايا تعيق تقدم المجتمع وإمكانية تقديم قراءة جديدة لهذه المعطيات التاريخية، أحياناً نجد تفسيراً ضيقاً وتأويلاً متعسفاً للنصوص الدينية. التزمت سبب رئيسي في إعاقة تجديد التراث وبالتالي تقدم المجتمع.

في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الصادر أخيراً ورد اسم الكويت ضمن اللائحة السوداء في ما يتعلق بالاتجار بالبشر، كيف تنظر إلى المسألة؟

هذا التقرير مهم ويلفت انتباهنا إلى جوانب القصور والنقص، نعتقد بأننا مجتمعات كاملة وخالية من العيوب، وهو أمر غير صحيح. في الكويت مثلاً ثمة توجه لمعالجة قضايا حقوق الإنسان، لكن ما زالت مشكلة «البدون» إحدى القضايا المهمة التي تنادي بها المجتمعات الدولية وهي تسيء إلى سمعة الكويت، عدد هؤلاء حوالى 100 ألف، جميعهم محرومون من حقوق المواطنة.

تردنا نداءات من المنظمات الحقوقية في العالم بضرورة حلّ هذه المشكلة، لكن للأسف تردّ الجهات الحكومية على تلك النداءات بمجاملات من دون حلول جذرية.

كذلك نواجه قضايا العمالة الوافدة التي كثر الحديث فيها ونشرت تقارير صحافية موسعة عنها، رأينا إضرابات بين العمال، سواء عرب أو غير عرب، حُرموا من حقوقهم الدنيا، على رغم أن رواتبهم متدنية جداً.

حصل بعض التقدم في شأن حقوقهم، لكن للأسف ما زالت النظرة دونية لهؤلاء العمال واعتبارهم مجرد أغراب جاؤوا لنهب البلد وليس المشاركة في عملية التنمية.

ثمة عمال لجؤوا إلى الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، ومازلنا نرى الآلاف يُجلبون إلى الكويت بحجة انفتاح الرزق والعيش الكريم، ثم يواجهون بموقف مأساوي لا يحتمل، مع ذلك نجد من ينفي وجود مشاكل للعمالة في الكويت! هذا أمر غير صحيح، نعم لدينا مشاكل العمالة في الكويت ولا بد من المبادرة إلى حلّها. الأسوأ من ذلك أن يتم طرد هؤلاء العمال في حال الاحتجاج أو الاضراب من دون منحهم حقوقهم.

التقرير الأخير الصادر من وزارة الخارجية الأميركة فيه تجني، حين وضع الكويت في القائمة السوداء، خطت الكويت خطوات لا بأس بها يجب أن تؤخذ في الاعتبار، لكن للأسف هذه الخطوات وحدها ليست كافية للمعالجة.

وضعنا قانوناً للعمل في القطاع الأهلي، لكن ماذا عن التنفيذ؟ كذلك وضعنا حدوداً دنيا للأجور، لكن من يجبر أرباب العمل على التزام هذه الحدود الدنيا؟

وماذا عن خدم المنازل؟

خدم المنازل للأسف خارج نطاق أي تغطية قانونية حقيقية، هؤلاء واقعون تحت سيطرة وزارة الداخلية، وهو أمر مخالف، لأنهم جزء من العمالة الوافدة، كان يفترض أن يكون لهم قانون خاص أو مواد معينة تتعلق بأوضاعهم ضمن قانون العمل في القطاع الأهلي.

من الناحية الإنسانية يجب اعتبار عامل المنزل فرداً من الأسرة، وإذا لم يعامل هؤلاء بإنسانية من الطبيعي أن تكون ردة فعلهم سيئة، لا سيما أنهم، بطبيعة الحال، مطلعون على أسرار البيت وخباياه. يبلغ عدد هؤلاء 600 ألف شخص. 

back to top