حاشية كل حاكم وبطانته هم سر نجاحه وتحقيق ما يصبو إليه، وهم أيضاً سر سقوطه وانهيار حكمه، هم أحد أسباب حب الناس له وتمسكهم به، وهم أيضاً السبب الرئيس في انفضاض الناس من حوله، وتحولهم عنه، فهم الذين يدخلون عليه كل يوم ويشيرون عليه في كل رأي، وينقلون إليه صورة الشارع، رضاه وسخطه، آماله وآلامه، همومه ومشاكله، يرى بعيونهم، ويسمع بآذانهم، وينطق بألسنتهم، ينقلون عنه، ويأمرون باسمه، ويوقعون بخاتمه فإن نجحوا نجح، وإن سقطوا سقط، وإن أخلصوا نفعوه، وإن مالوا أطاحوا به، إنهم فريقه الذي لا يستطيع أن يعمل إلا من خلاله، والجيش الذي لا يستطيع أن يحارب إلا به، لذلك كله إذا أردت أن تتعرف على الحاكم وتحكم عليه فابحث عمن حوله وتعرف عليهم جيداً تعرف الحاكم، لذلك كله كان الصالحون يدعون للحاكم بالبطانة الصالحة التي بها يصلح أمره ويرشد قراره.

أول ما بدأ الميزان في مصر بالميلان وبدأت كفة المتظاهرين بالرجوح كان أول إجراء تتخذه القيادة هناك إقالة أحمد عز من منصبه، وسحب جميع صلاحياته لأنهم شعروا بفداحة ما قام به خاصة في عملية انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وغيرها من الأمور التي زادت الهوة اتساعاً بين الرئيس وشعبه، ومازالت حبات السبحة تتساقط واحدة تلو الأخرى، وانكشف أكثر المقربين وظهر للرئيس سوء ما كانوا يشيرون عليه به وما يفعلونه من خلفه ويزينونه له، لكن بعد فوات الأوان وبعد أن سقط الفأس بالرأس وما عاد ينفع صريخ.

Ad

وأحمد عز ودوره في ما حدث في مصر ليس استثنائياً بل أكاد أجزم أنه صورة تتكرر في كل قصر وحول كل زعيم وقائد عربي، بعضهم معروفون ويشار إليهم بالبنان سراً وعلانية، لكن السلطة والجاه تجعله في منعة من الناس فمتى يصحو الزعماء العرب ويسارعون إلى تنظيف مكاتبهم ودواوينهم من أحمد عز قبل فوات الأوان ودنو الأجل.

 ***

تصريحات الرئيس الأميركي والقادة الأوروبيين تكشف للرؤساء والقادة العرب أنهم ليسوا سنداً يستطيعون الاحتماء به عندما تشتد الأمور عليهم... فبعد الله ليس للقائد إلا شعبه فاعتبروا يا أولي الألباب.