أين القائمة الممنوعة
أتساءل في كل مرة يثار فيها موضوع الرقابة على الكتاب عن الجدوى من سرية التعامل مع أسماء لجنة الرقابة والكتب الممنوعة. وبعبارة أكثر وضوحاً لمَ لا تعلن وزارة الإعلام أسماء أعضاء هذه اللجنة؟ ولمَ لا تنشر الوزارة في العلن قائمة بعناوين الكتب الممنوعة مع ملاحظة بسيطة لا تتعدى عبارة واحدة أو اثنتين عن سبب المنع؟ لمَ لا تفعل الوزارة ذلك وتعفينا شرّ التخمين والتوقع، والتوجّس. ألسنا نبحث عن الشفافية في التعامل مع جميع القضايا؟ أليست تتذرع لجنة الرقابة بمبررات كافية ومقنعة لمنع كلّ كتاب؟ كان الأجدى بوزارة الإعلام أن ترسل هذه القائمة إلى وسائل الإعلام بنفسها بدلاً من أن يجتهد الصحافيون في انتزاع هذه القائمة من أدراج مسؤولي الوزارة، وهي أدراج مقفلة بإحكام.
حين تقوم المسألة على التخمين ومتابعة أرقام وإحصاءات تصدر هنا، وهناك عن الكتب الممنوعة، فإنه يحق لنا أن ننظر إلى الأمر بتشاؤم أكبر، ونقول إن ما منع من الكتب ليس بقليل، مما يمنحنا مؤشراً بتراجع مريع في مستوى المعروض من الكتب، الأمر الذي أشار إليه في غير مكان الكاتب والناشط السياسي أحمد الديين، فبحسب قوله ابتدأت مسيرة التراجع في المعرض منذ عام 1997، وفي دورته الثانية والعشرين. حين انطلقت شرارة استجواب موجه إلى وزير الإعلام آنذاك الشيخ سعود الناصر.ومازالت الرقابة تزداد تعسفاً، بينما قائمة الكتب الممنوعة تتوسع بسرية تامة، حتى أصبحنا لا نرى في المعرض سوى كتب «الفلك، والطبخ وتفسير الأحلام». وليس في ذلك أية مبالغة، كنت أحسب هذه المقولة نوعاً من السخرية والتهكم، حتى تيقنت أن بها جانباً كبيراً من الحقيقة، ويمكننا أن نضيف إلى القائمة كتبا متعلقة بتنمية الذات، وأخرى للأنساب والقبائل، وهذه الأخيرة كثيراً ما تخضع للفحص والتدقيق. في استطاعة أي باحث توزيع استبيان مبسط أثناء أيام المعرض لاستطلاع رأي دور النشر حول أهم الكتب المعروضة، وكذلك القراء حول ما يقرأون، كي تتجلى له الحقيقة. يحدث هذا التراجع في الوقت الذي تشهد فيه معارض الكتاب في بعض دول الجوار توسعاً وانتشارا كبيرين.اعتذرت دور نشر عديدة عن عدم المشاركة في معرض الكويت، خصوصاً تلك التي تقدم كتباً ثقافية وفكرية جادة. إذ ما الجدوى من مشاركة دار نشر يمنع لها أكثر من عشرين كتاباً، فما المتبقي إذن للقراءة؟ وليست دور النشر وحدها من يعتذر بل ان بعض الأدباء العرب أعلنوا مقاطعتهم للمعرض.قد تبدو هذه المقاطعة شكلية بالنسبة إلى معرض يتمتع بميزانية كبيرة، وبلد يتميز مواطنوه بقوة شرائية لا يستهان بها، لكنها (المقاطعة) في حقيقة الأمر تؤثر سلباً على سمعة الكويت، وتخفض كثيراً من بريق المعرض. فهناك قراء كثر يهمهم رؤية المبدعين والمفكرين العرب بينهم. وربما تُقام هنا حفلات توقيع، ومناقشات ثقافية وفكرية مع هؤلاء المبدعين/ الضيوف، تثري في جملتها المعرض، وترفع من مكانته الثقافية. فقد انخفض كثيراً مستوى الأنشطة الثقافية المرافقة للمعرض، وأصبحنا لا نعول كثيراً على معرض الكتاب أو مهرجان القرين في إقامة نشاط بارز أو استضافة شخصية ثقافية عربية وعالمية مهمة، لما يرافق مثل هذه الأنشطة من مساءلات برلمانية، ونقاش سياسي تتقاسمه أطراف أبعد شأناً من المؤسسات الثقافية ذاتها. ولكن تبقى مسألة واحدة في متناول الجميع وهي إقامة الندوات الثقافية وتوعية الشارع والقراء في الأثر السلبي الذي تحدثه الرقابة على المدى المنظور والبعيد.