لا يزال مسلسل الردح العنصري الداعي إلى الكراهية والحقد الاجتماعي بين المكونات الاجتماعية للشعب الكويتي مستمراً، وفي الوقت عينه لا يزال موقف الحكومة ضبابياً وغير حاسم، رغم أن حفظ الأمن الاجتماعي يعتبر من أولى أولويات الحكومة، إذ إن ما يطرحه "العنصريون الجدد" بجميع مراتبهم ومن الأطراف كافة يشكل تهديداً مباشراً للوحدة الوطنية التي تعتبر الدرع الواقية ضد الأخطار التي تهدد وطننا، خصوصاً ونحن نعيش وسط إقليم مضطرب وقابل للاشتعال في أي لحظة، إذ لا يزال الوضع السياسي في العراق غير مستقر، وهناك صراع سياسي صامت لكنه عنيف بين الدول والقوى الإقليمية والدولية الكبرى المؤثرة، أو ما يطلق عليه محورا أميركا وإيران وتوابعهما بشأن مستقبل الوضع في العراق، وهو ما نتج عنه تأخير في تشكيل الحكومة الجديدة رغم مضي أكثر من خمسة أشهر على الانتخابات البرلمانية.

Ad

أما في إيران، فإن الصراع السياسي الداخلي، الذي تفجر إثر نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة، لا يزال محتدماً بين المعارضة والحكومة الإيرانية، فضلا عن الخلاف السياسي الدائم والمستمر بين إيران وأميركا، والتهدد الأميركي الذي يخفت أحياناً ويبرز أحايين كثيرة بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران من المرجح أن تنفذها إسرائيل أو على الأقل تشترك في تنفيذها، أضف إلى ذلك العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضها المجتمع الدولي على إيران، وما ستسببه من قلاقل ومشاكل داخلية.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار موقعنا الجغرافي-السياسي، فإنه من المفروغ منه أن للوضع الإقليمي تأثيراً بالغاً على وضعنا المحلي، وهو ما سيجعلنا أول الضحايا وأكثرهم ضرراً من أي تطورات سلبية في الأوضاع الداخلية لكل من العراق وإيران، أو في حالة نشوب حرب بين أميركا وإيران مثلاً، لذلك فإنه من المفترض أن نحافظ على تماسك جبهتنا الداخلية التي تعرضت ولا تزال، مع كل أسف، للتفتيت والشرذمة والتفكيك من قبل مجموعة من العنصريين والطائفيين الذين يبثون سمومهم الداعية إلى الكراهية والبغض الاجتماعي بين المواطنين، في ظل صمت حكومي مريب، رغم أن ذلك يعتبر لعباً خبيثاً بالنار التي ستحرق الجميع بمن فيهم من يتولى رعايتها ويستفيد منها في الوقت الحاضر.

أضف إلى ذلك أنه لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة حقيقية في ظل وضع اجتماعي مفكك وغير مستقر، إذ إنه من البديهيات المعروفة أن الإنسان هو هدف التنمية ووسيلتها، لذلك يتعين على الحكومة أن تتدخل بسرعة لوقف هذه المهاترات العنصرية السخيفة التي تهدد بالدرجة الأولى الأمن الاجتماعي، لأن ما يطرحه العنصريون بأشكالهم كافة ليست له علاقة البتة بحرية التعبير عن الرأي، إذ إنه يعتبر خطاب كراهية ودعوة صريحة إلى البغض الاجتماعي، وهو ما يحظره الدستور وتجرمه قوانين الدول الديمقراطية المتقدمة.