اختفت كل الأخبار الهامة من الساحة الإعلامية لتتربع أحداث مصر العزيزة على قمة الاهتمام الإعلامي، بالطبع يعود ذلك إلى أهمية مصر ثم إلى تداعي الانتفاضة الشعبية والمتغيرات المتسارعة غير المسبوقة.

Ad

قلنا مسبقاً إنه لن يستفيد الحكام العرب من ثورة الياسمين في تونس، وإنهم لن يستوعبوا الدروس، وإن تلك الحكومات ومن يدعمها سيظلون يكررون أنهم «غير... وتونس غير»، أو أن مقارنة تونس بمصر مثلاً هي «كلام فارغ» كما أعلن وزير الخارجية المصري المنصرف أبوالغيط.

بالطبع، وبالتأكيد لكل بلد خصوصيته، ولكن نقطة الانطلاق أصبحت واضحة شيئاً فشيئاً، حيث أصبحت القيادة في الحراك التغييري للشباب ولعبت التنظيمات السياسية التقليدية دوراً أقل، وتحرك تويتر والفيس بوك ليقللا من فعالية وتأثير أجهزة الإعلام التقليدية كفضائيات مرئية أو مقروءة ليكررا أحداثاً متشابهة في سياقها العام ومختلفة في التفاصيل.

لو قرأ الحكام العرب وعلى رأسهم الرئيس حسني مبارك ما جرى في تونس قراءة سليمة، واستفاد من دروسها، لقام بإجراءات إصلاحية أكبر بكثير من مجرد إقالة حكومة وتسليم السلطة للجيش. إجراءات مثل إلغاء قانون الطوارئ، وحل مجلس الشعب، والدعوة إلى انتخابات نزيهة وغيرها.

ومع أن الدعوة إلى انتفاضة مصر الشعبية لم تكن بعفوية ثورة تونس، وعلى الرغم من أن القيادة الشبابية كانت قد حددت موعد 25 يناير لبدء الانتفاضة، فإن القيادة السياسية المصرية لم تقرأ «الكتابات على الجدران»، كما أنها لم تقرأ الدرس الذي تم في تونس، ولا يبدو أن الحكام العرب يقرأون وإن هم قرأوا فإنهم لا يستوعبون نحن الآن في مراحل صناعة تاريخ، وحقبة تتجدد على مدار الساعة، ولن ننتقل إلى قطف ثمار هذا الحراك السياسي إن نحن ركزنا على تغيير الأشخاص فقط، فالمطلوب هو تغيير النهج تماماً، بنهج يحترم كرامة الإنسان ويقيم وزناً للعدالة والمساواة بين البشر.

وبغض النظر عن تداعيات الأحداث في مصر العزيزة، وما يشاع عن تآمر الدقائق الأخيرة لتشويه حركة الشباب وجعلها تبدو كحركة حرامية وبلطجية، فإنه بات مؤكداً أن النظام المصري كما كنا نعرفه قبل 25 من يناير قد انتهى، ونسأل الله الاستقرار ودوام الأمن والحرية والديمقراطية لأهلنا في مصر العزيزة.

أما على من سيأتي الدور فذلك أمر متروك للشعوب بعد أن سطر شعبا تونس ومصر الرؤية، ورسما الطريق الواضح للتغيير السلمي الذي تأخر كثيراً عن هذه المنطقة فباتت ربعاً خالياً مجدباً آن له أن يتحرك وينهض.