نسيت، دون قصد، اسم الكاتب الكبير محمد مساعد الصالح وأنا أتذكر في المقال الماضي أسماء الذين غادرونا من رجالات الأدب والفن والاقتصاد، وأشكر القارئ الذي ذكّرني بهفوتي وأعتذر لروح الكاتب الكبير ولعشاقه ولعل لاسم محمد مساعد الصالح أهمية كبرى في هذا المقال.

Ad

قبل كل شيء أتقدم بالتهنئة إلى وطني أرضاً وشعباً بحلول عامنا الميلادي الجديد، وأتمنى أن يكون هذا العام هو عام التسامح بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وليسمح لي الإخوة الكتاب في صفحاتنا اليومية أن أذكرهم بالدور الكبير الذي يقع على عاتقهم وهم يقودون مشاعر الناس أكثر من الاعتناء بوعيهم، وأذكرهم بأن لهم قراء خارج حدود الكويت، ومازالت الصحف الكويتية تحظى بالمتابعة كما هو عهدها السابق، وأحياناً لا نجد ردوداً على اتهام صحفنا بالانحدار الكبير الذي تعيشه حالياً.

تعلمنا على مقاعد الدراسة أن الكتابة الأدبية تشمل القصة القصيرة والشعر والرواية والخاطرة والمقال الأدبي الذي أصبح يشكل الخبز اليومي والمادة الرئيسية لأغلب الصحف، والكويتية على وجه الخصوص. هذا المقال الصحافي، إن شئتم، أصبح ينحدر تحت وطأة ردة الفعل والانفعال الزائد إلى ما يقترب من الإسفاف إن لم يكن هو الإسفاف بعينه.

سأضطر إلى الرجوع إلى الماضي وأتذكر وأذكّر بصحيفتين شكلتا الزاد الثقافي لنا نحن جيل الثمانينيات، ترأس الأولى المرحوم محمد مساعد الصالح، وترأس الأخرى السيد محمد جاسم الصقر. وكانت الصحيفتان تنشران ملحقين مرة في الأسبوع يكتب فيه خيرة كتاب الكويت والعالم العربي. ونحتاج إلى الأسبوع كله لنكمل المقالات التي تنشر في الملحقين. لم نكن نقرأ مقالاً مسفاً ولا نرى سباباً وحروباً شخصية بين أطراف خلطت العام بالخاص. هذا السباب الذي انتقل إلى البرلمانيين وأصبحت الصحف تنقل عنهم بذيء الكلام حتى أصبحت حوارات أعضاء البرلمان وسيلة للتندر بين المتابعين لأحوال الكويت.

أكثر من هذا فتحت صحفنا مجالاً للعامة للردود على مقالات كتابها، فأخذ الطالب يشتم أستاذه وتبادل المعلقون الشتائم في ما بينهم، وازدادت حمى العنصرية والفوقية، وساهمت الصحف ولنقل دون قصد في تجزئة الشعب الواحد الذي لم تستطع أكبر أحداث القرن الماضي أن تفرقه.

على الجميع أن يدرك أهمية الكلمة ودور المقال الصحافي بالذات في تشكيل مشاعر الناس وما يقدم إليهم اليوم من مادة مكتوبة نراها تزيدهم بغضاء وفرقة وكراهية حذرنا منها ويحذر منها بعض الزملاء الذين التزموا الطرح العقلاني والحوار الجاد.

أيها الأحبة تعالوا نجعل من عامنا الجديد هذا عام تسامح ننسى فيه ما مضى ونرسم صورة مقبولة ولا أقول مثالية لحوارنا مع الآخر الذي نختلف معه. صورة يحترمنا فيها من اختلفنا معه ويحترمنا القارئ القريب أولاً والبعيد ثانياً. وليراجع أصحاب القلم كتاباتهم ولينظروا ماذا قدموا طوال السنة الماضية فليس هناك نقد أفضل من نقد الذات. ليكن اختلافنا كما كان دائماً دليل صحة لا دليل مرض.

إذا لم تفعلوا هذا من أجل الكلمة التي حملتم أمانتها فافعلوه من أجل الوطن، ولتساعدونا في الدفاع عنكم أمام محبيكم ومبغضيكم والشامتين بنا وما أكثرهم.