قبل ساعات من افتتاح البرلمان نتساءل بما ستؤول إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية أيضاً بتطوراتها المتلاحقة, والتي أصبحت المحدد الحقيقي للمشهد الكويتي المحلي, ولن نستطيع تجاهل ارتفاع أصوات «شعبية» خارج إطار البرلمان تمثل الأغلبية الصامتة، والتي على الرغم من إيمانها وحرصها على التمسك بالمؤسسة التشريعية, فإنها تشعر بعدم الرضا عن المسار الذي تجرنا إليه الأوضاع من التطاول على القانون وجرح المواثيق الأخلاقية والإعلامية معاً.

Ad

واليوم نتساءل: هل يمكننا استعادة التاريخ المشرف للحياة السياسية والبرلمانية الكويتية؟ وهل نستطيع التكيف مع عولمة الإعلام دون اللجوء إلى مقص المرئي والمسموع؟ كثيرون يتساءلون عن المسؤول عن تشويه العمل البرلماني والشعبي, وسر غياب النائب «القدوة» في العمل البرلماني، وعزوف النائب المستقل عن الحياة البرلمانية، وازدياد جاذبية العمل البرلماني لعناصر الضجيج والمصالح الشخصية، وتحويل اللجان من منابر تهدئة وحوار إلى منابر خلاف واستهداف.

أما الحكومة فتستكمل جهودها في تسويق الخطة التنموية المطروحة، وتسعى إلى نيل القبول البرلماني لتمرير المشاريع المساندة للخطة، والمجلس يتربص لالتقاط بوادر «عدم الشفافية» ليضع العصا في عجلة التنمية، لذا فليس أمام الحكومة إلا التنفيذ بشفافية والتمسك بالإصلاح الإداري... فهل سنشهد إغراق الصحف والمواقع الإلكترونية بالأسئلة البرلمانية العشوائية والتهديد بالمساءلة، أم سيقوم النواب أنفسهم بحملة «ترشيد» للسلوك البرلماني؟

دعونا نتذكر خارطة الطريق الموجودة أمامنا من خلال مبدأ المعالجة المنهجية لمسيرة العمل الوطني, والتي أفصح سمو الأمير عنها من خلال الخطاب الأميري للفصل التشريعي السابق تحت قبة البرلمان, والخطاب نابع من خلال متابعته الشخصية لمسيرة العمل الوطني, حيث أشار مرات عدة إلى استمرارية الملفات التي تشكل أساساً ومصدراً لما تشهده البلاد من اختلال وأزمات, والتي عرقلت في السابق مشاريع عديدة.

وأعلن سموه مراراً تمسكه بالمسيرة التنموية والنهج الإصلاحي الذي يراه محققاً للنقلة النوعية المطلوبة؛ أولها، ملف الوحدة الوطنية وحمايتها من مظاهر الفرقة والتشتت والفتن, ثم ملف تطبيق القوانين والانتقال به من مرحلة الشعارات إلى مرحلة التطبيق الفعلي الجاد الذي يجسد العدالة والمساواة وسيادة القانون، ويتلوهما ملف العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, وتطوير العلاقة بينهما في ما يجري معالجة العثرات والاختناقات التي تعرقل مسيرة العمل الوطني، وآخر تلك الملفات, ملف تصحيح المسار الإعلامي بمؤسساته وأدواته المختلفة.

أما السلطة التنفيذية، فأمامها التطلع إلى ترسيخ العمل فيما بينها وبين السلطة التشريعية كشرط للأداء والإنتاجية، وعليها صياغة وتنفيذ برنامجها للفترة المقبلة, من خلال نهج تنفيذي جديد يتطابق مع البرنامج التنموي ويعكس رؤية الدولة حتى عام 2035.

أما القطاع الخاص، فمازال يتطلع الى الإنفاق الحكومي المحلي المنشود والذي سيحرك الفرص التجارية ويصنع مؤشرات النمو الاقتصادي المنشود.

وأخيراً... فإن امتعاض المواطن من عشوائية العمل البرلماني وصل إلى ذروته، والناخب يتوق إلى رؤية ممارسة برلمانية سليمة تحت قبة الصرح البرلماني الذي كان ومازال رمزاً للاعتزاز بحصيلة الإنجاز البرلماني في الماضي.