منظور آخر: الطبقية عادة عربية اصيلة

نشر في 24-12-2010
آخر تحديث 24-12-2010 | 00:01
 أروى الوقيان مؤسف هذا التناقض الذي نعيشه، ويؤلمني كثيراً أن أجد جيلاً يتربى على ملاحقة آخر الألعاب الإلكترونية واقتناء آخر جهاز iphone أوipad ، فقط ليتسلى في أثناء تناوله الغداء على يد خادمته، وفي أثناء انشغال أمه في محادثة صديقاتها عن حزنها البالغ لعدم قدرتها على حضور عرض «إيلي صعب» الأخير. يتسم العالم العربي بالطبقية، وبالتطرف في كل شيء، ويعد الاعتدال حالة نسبية موجودة ولكن بشكل بسيط حتى أنه لا يلاحظ... ففي أي زيارة تقوم بها للدول العربية تجد مشاهد مكررة: فقراء يتسكعون على الطريق لا أعرف من اتخذ من التسول مهنة ومن يستخدمها كوسيلة للتكسب، وفي كل الأحوال هي مهمة «مهينة» رغم كل شيء، وتجد على الجانب الآخر ثراء فاحشاً وبذخاً غريباً بشكل يثير التقزز أحياناً.

هكذا هو العالم العربي يعاني عدم التكافؤ، ومن المفترض نحن الطبقة المتوسطة أن نكون الشريحة الأكبر في العالم العربي، لكن الموازين اختلت خلال العقود المنصرمة. إذ كنت أتصفح الإنترنت وإيميلي الشخصي، وإذا بي أجد فيديو لعيد ميلاد ابنة أحد الأثرياء الخليجيين، أعتقد أنها بلغت ربيعها العشرين كحد أقصى.

أزعجتني مشاهدة هذا الفيديو ولم أحتمل هذا التباهي بالثراء وتسخير الآخرين الأقل ثراء منهم لحمل الشموع لها في يوم عيد ميلادها المجيد، وغنّى لها كبار المغنين، ولكنني لم أحتمل أن أرى أكثر من ثوان كانت كفيلة بأن تجعلني وأشعر بالإحباط والأسى على هؤلاء المستضعفين الذين بلغوا من العمر أضعاف عمرها وهم يخدمونها بشكل مذل، فقط لأن عمرها زاد عاماً جديداً على حياة البؤساء.

وهذه المشاهد عادت بي متطوعي الهلال الأحمر وأنا أتصفح مجلتهم صباحا، فوجدتهم يجوبون هذا العالم لمساعدة أطفال الكوارث الطبيعية وضحاياها، وأمهات لم يذقن الزاد لأيام، ومسنين اكتفوا بالنوم داخل حفرة فقط ليتحاشوا السيول أو الزلازل.

مؤسف هذا التناقض الذي نعيشه، ويؤلمني كثيراً أن أجد جيلاً يتربى على ملاحقة آخر الألعاب الإلكترونية واقتناء آخر جهاز iphone أوipad ، فقط ليتسلى في أثناء تناوله الغداء على يد خادمته، وفي أثناء انشغال أمه في محادثة صديقاتها عن حزنها البالغ لعدم قدرتها على حضور عرض «إيلي صعب» الأخير بسبب خوفها من ركوب الطائرة بعد عملية التجميل الأخيرة، حيث حذرها الدكتور من الضغط الذي بإمكانة أن يفجرها.

وأنا بودي لو يتعرض التافهون في مجتمعاتنا لتفجير وزلزال معنوي، يخلصهم من سموم التفاهة وينمي عندهم الحس الإنساني ولو قليلا، لأن قليلاً من الرحمة بإمكانه أن تنقذ طفلاً يود إكمال دراسته، لكنه عانى فقراً جعله يقوم بالتسول والتسكع مع الكبار الذين حرموه من حق ممارسة طفولته.

مشاهد المعاناة مؤلمة وكثيرة في عالمنا العربي، ولكم مشاهد البذخ موجعة أكثر بالنسبة لي لاسيما إن محت الجانب الإنساني لدى الآخرين.

قفلة:

أصبح تقليد الغرب عادة عربية بامتياز وكويتية بمرتبة الشرف، حيث تم انتشار حفلات «وداعا للعزوبية» لبعض العرائس قبل حفلة زواجهن بأسابيع قليلة، وهي عادة أجنبية تتسم بقليل من الجنون، حولتها الكويتيات إلى حفلة فخمة يتم فيها البذخ من نوع آخر، لست ضد تقليد الغرب بالمجمل لاسيما إن قلدناهم بمدى تفانيهم بالعمل وبساطتهم وعدم الشخصانية، لكننا لا ننتقي سوى مظاهر احتفالهم ونزيدها بذخاً وتصنعاً!

back to top