خاب أمل الذين سمعوا وعود الشيخ حسن نصرالله بأنه سيكشف "الطابق"، وأنه سيضع النقاط على الحروف، وأن لديه من المستمسكات والوثائق ما سيقطع الشك باليقين ويثبت أن إسرائيل دون غيرها هي التي ارتكبت جريمة اغتيال رفيق الحريري، عندما لم يجدوا في الكلام الذي قاله زعيم "حزب الله" اللبناني أمس الأول أي شيء يمكن الاعتماد عليه لنقل تحقيقات واستقصاءات المحكمة الدولية من خط سيرها الحالي إلى مسار الاستخبارات الإسرائيلية.
وحقيقة إنها مهزلة، فالشيخ حسن نصرالله لم يأتِ بما يشفِ الغليل، فكل ما عرضه هو مجرد أشرطة مصوّرة بالإمكان استنساخها من موقع "غوغل" العالمي الشهير. والمعروف أن الطائرات الإسرائيلية التي بقيت تسرح وتمرح في الفضاء اللبناني على مدى أكثر من أربعين عاماً تمكّنت من تصوير كل "زاروب" وكل شارع وحارة في بيروت، وفي كل المناطق اللبنانية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب. لا شيء جديداً على الإطلاق، واكتشاف كل هؤلاء الجواسيس لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، ومن بينهم أعضاء على مستوى القيادة في "حزب الله" والمساعد العسكري الأول لزعيم "التيار الوطني الحر" واسمه فايز كرم، المكلف التنسيقَ الأمني بين هذا الحزب وهذا التيار الذي يتزعمه الجنرال ميشال عون، يعزز الشكوك في أن القرار الظني الذي قيل إن المدعي العام الدولي اتهم فيه أعضاء في حزب نصرالله غير بعيد عن الحقيقة. والمضحك فعلاً أن السيد حسن نصرالله بكل وقاره لم يتردد في أن يورد اسم أحد هؤلاء الجواسيس، ويشير إلى أنه شوهد في مسرح عملية اغتيال الحريري قبل يوم واحد من تنفيذ هذه العملية... فمن الذي شاهد هذا العميل في المكان المشار إليه؟ ولماذا وُجِد هذا الذي شاهده في المكان ذاته وفي الزمان إياه؟! إنها أُمنية ما بعدها أُمنية أن يثبت فعلاً أن إسرائيل هي التي تقف وراء اغتيال رفيق الحريري، فهذا أفضل له ولأهله ولبلده وللعرب والمسلمين كلهم، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار دائماً وأبداً أن أعضاء "حزب الله" الذين اتهمهم القرار الظني الدولي بارتكاب هذه الجريمة البشعة ربما يكونون من ضمن هؤلاء الجواسيس، الذين تحدث عنهم السيد حسن نصرالله أمس الأول بفرح طافح، وهذا في الحقيقة لا يعيب "حزب الله" طالما أن الاختراقات الجاسوسية لم تسلم منها لا الولايات المتحدة ولا الاتحاد السوفياتي حتى عندما كان الاتحاد السوفياتي قلعة ستالينية مغلفة بالرصاص!
أخر كلام
مهزلة!
11-08-2010