البحث عن العبقري

نشر في 24-10-2010
آخر تحديث 24-10-2010 | 00:01
 ناصر الظفيري وأنت في أيام معرض الكويت للكتاب لا بد لك أن تتجول في أروقة المعرض ليس بحثا عن كتاب يلفت انتباهك، ويستحق الوقت الذي تقضيه في قراءته، وليس بحثا عن صديق قديم تجده في دار نشر اعتدت أن تراه فيها، ليس كل هذا، وانما هو بحث عن العبقري الذي قرر موعد معرض الكتاب العربي في هذا اليوم من هذا الشهر تحديدا. يبدأ المعرض حسب ما قرره صانع القرار الجهبذ في منتصف الشهر، وينتهى في اليوم الذي قررت فيه الحكومة صرف رواتب الموظفين.

الذين يمتلكون القدرة الشرائية في هذه الأيام من الشهر هم التجار والنواب وعلية القوم وهؤلاء، ولله الحمد والمنة، لا يقرأون ولا يزورون وعائلاتهم أرض المعارض الا في أيام معرض العطور والهدايا. والقراء الذين يهمّهم اقتناء الكتاب ويبحثون عن فرصة المعرض لإضافة كتب جديدة الى مكتباتهم هم جيش موظفي الحكومة الذين يستلمون رواتبهم وتنتعش قدرتهم الشرائية يوم نهاية المعرض.

ما هو الضير من أن يتقدم موعد المعرض ليشمل الأسبوع الأول من بداية صرف المرتبات، فإذا كان الرجل العبقري الذي قرر موعد المعرض يعتقد أن الكويتيين يمتلكون القدرة الشرائية في أي وقت من السنة فهو للأسف لا يعرف شيئا عن المجتمع ولا يعرف نوع الطبقة المثقفة فيه، واذا كان مصرا على أن الكويتيين لا يهتمون بأول الشهر وآخره فهو لا يدرك أن هناك قراء عرب وطلاب وطالبات وأطفال أحوالهم المادية لا تسمح لهم في هذا الوقت من الشهر من اقتناء الكتاب. أضف الى ذلك أن الرجل العبقري غاب عنه أن الناس قد أثقلتها مصاريف رمضان والعيد وبداية العام الدراسي الجديد.    

تجولت في المعرض نصف يوم لم أجد العبقري أو زميلا له وأعلم أنني لن أجده ليجيب عن أسئلة الناس والأصدقاء وأسئلة أخرى تدور في ذهن مرتادي المعرض عن حمّى المنع. فإذا كان الكتاب الورقي يعاني أصلا من ضراوة عداء كتب شبكة المعلومات وانتشار المعلومة السريع فما يحدث له من منع وسوء توقيت في عرضه للمستهلك يزيد من عنائه ويزيد من قلق الناشر والموزع في طباعة كتب لا تسد تكلفة شحنها واقامة الموظفين واستئجار أرض المعارض ويسد "نفس" المؤلف والمترجم.

نتفق أولا أن الكتاب يحمل صفتين مهمتين: صفته كمنتج ثقافي وصفته كمنتج استهلاكي. في صفته الأولى يتم منع ما هو جدير بالقراءة وسنجد عذرا هنا للقائمين على المعرض وسنلقي باللوم على السياسيين والأحزاب المتنفذة، أما بصفته الاستهلاكية فهو سلعة يجب أن تخضع لظروف المستهلك وقدرته الشرائية. كان الأجدر بالرجل صاحب قرار موعد المعرض أن يقدم استبيانا شعبيا بسيطا من مئة ورقة توزع على مئة عينة عشوائية تساعده في معرفة ما يريده المستهلك، هذا لو كان مهتما أصلا بما يريده المستهلك، أو مهتما أصلا بالكتاب كاهتمامه بمقص المعرض في حفل الافتتاح.

back to top