استقالت الحكومة، مجدداً... لسبب ما...
هي تقول إنها استقالت بسبب الاستجوابات «الطائفية»، التي كانت ستمس الوحدة الوطنية، على حد تعبيرها، والبعض يقول إنها استقالت لأنها غير قادرة على مواجهة الاستجوابات الدامغة التي كانت ستودي بها وتسقطها لا محالة.وبعض الظرفاء يقولون إنها استقالت لأن الشيخ أحمد الفهد، وللمرة الأولى في تاريخه السياسي، كان أحد المستهدفين بالاستجوابات، وأن الشيخ أحمد لا يمكن أن يصعد المنصة، ويضيف هؤلاء الظرفاء إلى قولهم: وهكذا ستدركون من هو الرئيس «الحقيقي» للحكومة!وغير ذلك من الأسباب، التي قد تصدق أو لا تصدق... المعقول منها وغير المعقول، بل والمضحك جداً في أحيان كثيرة، لكن المفارقة هي أن الأسباب، كائنا ما كانت، لن تغير شيئاً من حقيقة الأمور أو نتائجها، فلا فرق بين استقالة الحكومة اليوم والاستقالات التي سبقتها لحكومات الشيخ ناصر المحمد، مهما قيل عن اختلاف الأسباب، ولن يكون هناك فرق، بطبيعة الحال، في طريقة تشكيل النسخة القادمة من الحكومة، وذلك لأنه لا آليات جديدة تم إيجادها من أجل ذلك، بل مازال الأمر يقوم على ما كان يقوم عليه دائماً وأبداً، وسيقوم التشكيل على بقاء مجموعة معروفة من الأسماء في مواقعها التي لن تتزحزح عنها، وعلى تركيب البقية، كيفما اتفق، بطريقة المحاصصة والترضيات والتوازنات السياسية الباهتة المعتادة.وهكذا فالنتيجة تكاد تكون معروفة ومحسومة سلفاً، وهي أننا لسنا مقبلين على تغيير كبير أو حصاد كثير، بل ستظل محتويات السلة الحكومية في الغالب هي ذاتها.المعارضة النيابية والشعبية لإعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد برئاسة الحكومة على أشدها هذه المرة، وهناك تحرك شبابي، يسنده بعض النواب، لجمع أكبر عدد من التوقيعات لمعارضة عودة الشيخ ناصر المحمد رئيساً، إلا أن الإشارات الواردة تقول إن الشيخ ناصر المحمد عائد مجدداً.التكتل الشعبي أعلن صراحة أنه سيسائل الشيخ ناصر المحمد وسيستجوبه إن أُعيد تكليفه، وهذا منطقي ومتوقع، وكتلة العمل الوطني أعلنت أنها ستسائل الشيخ أحمد الفهد إن أعيد توزيره، وهذا منطقي ومتوقع، ولا أستبعد أن من كانوا ينوون استجواب وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح، سيعودون إلى ذلك عند أقرب منعطف سياسي إقليمي قادم، وهو المتوقع نظراً لما نشاهده من سخونة وتسارع الأحداث من حولنا.إذن فنحن في الواقع نمارس ضرباً من الجنون، فكما قال آينشتاين: «من الجنون أن تقوم بذات الفعل مرة تلو مرة، وأن تتوقع نتائج مختلفة»!وأنا أدرك أن كلامي هذا لن يروق للبعض، خصوصا المأخوذين، ليل نهار، بفكرة رحيل الرئيس، والتي لا ألومهم عليها، فالشيخ ناصر المحمد عجز مرة تلو مرة عن تقديم أي شيء، بل تدهورت الأشياء، على كل صعيد، في عهوده كثيراً، سواء بسببه شخصياً، أو بسبب الوزراء الذين قام باختيارهم، فأفسدوا الكثير.قلت إني لا ألوم أحداً إن هو صار لا يرى سوى فكرة رحيل الشيخ ناصر المحمد، لكنني لا أزال غير مقتنع البتة بأن برحيله فقط سيكون المخرج، خصوصا أن الخيارات المحتملة الأخرى، لا يوجد ما يشير إلى أن لديها الشيء الكثير لتقدمه.نحن مقبلون في تقديري على فترة ستتسم بفوضى سياسية ضاربة، ستتخطفها الصراعات السياسية والأجندات الطائفية والفساد الإداري والمالي والضجيج الإعلامي، وغير ذلك. وليس أمامنا لذلك إلا أن نتوقف عن الحركة لبعض من الوقت ونعترف لأنفسنا ولبعضنا بأننا في حاجة إلى تغييرات جذرية في عمق البنية السياسية التحتية، قد تستوجب تغييرات دستورية.ولا أزعم بأن لدي تصوراً تفصيلياً متكاملاً عن شكل هذه التغييرات، ولكنني أدرك، على الأقل، بأننا في حاجة إلى تغيير آلية اختيار رئيس الحكومة وتشكيلها، وأننا في حاجة إلى تغيير آليات الانتخاب البرلماني لمعالجتها من أمراضها. وحين نتفق على هذه الأسس، فيمكن بعدها التداول حول أسئلة كيف ومتى؟!
مقالات
واستقالت... وستعود... فكان ماذا؟!
03-04-2011