خرق كلام رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس، مشهد التهدئة السياسية، إذ ألقى خطاباً عالي النبرة، محذراً من «الانقلابيين» ومؤكداً أنه لا سلمَ أهلياً من دون المحكمة الدولية، كما دعا شباب «التيار الوطني الحر» إلى العودة للمبادئ التأسيسية لحزبهم.

Ad

شهدت الساحة السياسية الداخلية اللبنانية ارتياحاً شبه نسبي أمس، بعد تصريحات مصادر مقربة من سورية أمس الأول، تفيد بأن «دمشق أبلغت اللبنانيين الذين قصدوها أخيراً ضرورة التزام التهدئة والحرص على السلم الأهلي باعتباره خطاً أحمر متفقاً عليه داخلياً وإقليمياً».

وذكرت المصادر أن «الانزلاق نحو أخطاء تمس بالأمن والاستقرار في الوقت الراهن في لبنان ممنوع على الجميع أياً تكن درجة بعدهم عن سورية أو قربهم منها».

ويأتي الكلام السوري بعد تحذير رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الخميس الماضي، من «حرب» في حال توجيه القرار الظني الاتهام إلى «حزب الله» في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وبعد تصريح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» نواف الموسوي مساء أمس الأول، الذي أكد فيه أن «أي مجموعة في لبنان قد تلتزم بالقرار الظني، سيتم التعاطي معها على أنها واحدة من أدوات الغزو الأميركي- الإسرائيلي، وستلقى ما يلقاه الغازي»، مضيفاً: «على هؤلاء ألا يقلقوا فقط، بل عليهم أن يكونوا مذعورين».

في غضون ذلك، أقام حزب «القوات اللبنانية» أمس، قداسه السنوي في ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية» وسط حضور شعبي وسياسي حاشد.

 وألقى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» سمير جعجع كلمة قال فيها: «نلتقي اليوم والانقلابيون على الأبواب، تعدَّدت العناوين والذرائع لكن المطلوب واحد: رأس الدولة بل رأس الجمهورية، حتى المحكمة الدولية باتت هدفاً ملحقاً بالهدف الأكبر».

وأضاف: «الانقلابيون على الأبواب، صحيح، لكن الأبواب هذه المرة ليست مشرعة بوجود حكومة جوهرها سيادي ورئيسها سيادي، ومؤسسات رسمية من قضاء وجيش وقوى أمن داخلي ساهرة على الدولة. لن نترك الجمهورية تسقط من جديد، لن نترك الحرية تغيب إلى البعيد، لن نترك السماسرة وأكلة الجبنة والمرتزقة والمهووسين وأصحاب المشروع الآخر يسيطرون بالنار والحديد». وتابع: «مستعدون لـ14 «14 آذار»».

وقال: «أسوأ ما تشهده عملية محاولة تدمير المحكمة فصولاً، هو فصل شهود الزور، الذين اخترعَهم الفريق الآخر وسوَّقهم إعلامياً إلى أبعد الحدود، ومن ثمّ ربط كلّ القضية بهم»، مضيفاً: «يُخيِّروننا إمّا المحكمة وإما السلمُ الأهلي، وجوابنا المحكمة والسلم الأهلي معاً، لأنه بالأساس لا سلم أهلياً حقيقياً فعلياً عميقاً من دون مساءلة وملاحقة ومتابعة لوضع حد للإجرام والمجرمين. كونوا مطمَئِنين نحنُ قوم لا يقتل لهم الشهيد مرتين، مرة بالاغتيال ومرة بالنكران والنسيان».

وتوجّه جعجع بنداءٍ صادقٍ صريح ومباشر إلى شابات وشبَّان «التيار الوطني الحر»، قائلاً: «لقد جمعتنا خمس عشرة سنة من النضال المشترك حيث اضطُّهدنا سوياً ولُوحِقنا سوياً وقُمِعنا سوياً وسُجنّا سوياً، كلُ ذلك من أجل مجموعة مبادئ وقناعات تمسَّكنا بها، فَتعالوا نتحلّق من جديد حولها ونُكمل معاً ما كنّا بدأناه معاً».

لقاءات «حزب الله»

وسط هذه الصورة، سجل أمس الأول، لقاء لمسؤول العلاقات العربية في «حزب الله» الشيخ حسن عز الدين والقنصل العام في السفارة المصرية في بيروت أحمد حلمي، اكتسب دلالة بارزة نظراً إلى العلاقة المتوترة منذ زمن بين الجانبين.

وجاء هذا اللقاء بعد يومين من لقاء مماثل للحزب مع السفير السعودي علي عوض عسيري، وهما تطوران أدرجا في إطار تحسين علاقة الحزب بهاتين الدولتين من جهة، وحرص الرياض والقاهرة على الاضطلاع بدور احتوائي للأزمة من جهة أخرى.

وأشار مصدر قيادي في «حزب الله» إلى أن زيارة السفارة السعودية واللقاء الذي حصل مع القنصل المصري «فتحا آفاقاً جديدة للمرحلة المقبلة على صعيد العلاقة بين حزب الله والعالم العربي»، مضيفاً: «اللقاء مع حلمي أتى في سياق معالجة الإشكالات التي صبغت العلاقة بين الحزب والجانب المصري في الفترة الماضية، في ظل وجود رغبة مصرية في تطوير هذه العلاقات بغض النظر عن التباين في بعض المسائل».

عون في دمشق

قام رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون بزيارة إلى العاصمة السورية دمشق أمس، حيث أجرى محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وبحث عون مع الأسد، بحضور وزير الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل، "الأوضاع على الساحة اللبنانية والجهود المبذولة لإنهاء حالة التوتر بين مختلف الأطراف اللبنانيين، بما يضمن أمن واستقرار لبنان ويعزز مسيرة الوفاق بين أبناء الشعب اللبناني".

قوى الأمن

في غضون ذلك، وبعد الاتهامات المتبادلة بين مدير عام الأمن العام السابق اللواء جميل السيد ورئيس فرع «المعلومات» العقيد وسام الحسن في اليومين الماضيين، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة بيانًا أمس، قالت فيه: «بعدما أظهرنا صورة بيانات الاتصالات (الداتا) التي بيّنت أن اللواء السيد هو الذي اتصل برقم الحسن الساعة 5:05 عصراً من تاريخ 14 شباط (فبراير) 2005، خلافاً لما ادعاه اللواء السيد من أن العقيد الحسن اتصل به، عاد اللواء السيد، وادّعى أن هناك اتصالاً آخر أجراه معه العقيد الحسن صباح 14 شباط (فبراير) 2005 قبل جريمة اغتيال الرئيس الحريري، الأمر الذي دفع اللواء السيد إلى الاختلاق وتضليل الرأي العام مرتين في واقعة واحدة».

وإزاء ذلك، وزّعت المديرية لائحة بيانات الاتصال (الداتا) العائدة لهاتف العقيد وسام الحسن طوال يوم 14/2/2005 «كاملة من دون أي نقصان»، مشيرة إلى أنها «تُثبت حقيقة مَنْ يحرّف الوقائع، فتؤكد أن اللواء السيد اتصل بالعقيد الحسن الساعة 17:05 ولا يوجد أي اتصال آخر مزعوم».