كلمة راس: المصلحة أم السياسة وأبوها
هل السياسة عمل نقي، طاهر يسعى إلى تحقيق العدالة بين الناس فتعم المحبة وينتشر السلام في بقاع الأرض؟ الحقيقة... لا... فالسياسة تهدف إلى تحقيق المصلحة حتى ولو كانت على حساب العدالة، فمؤشر الميزان في دكان السياسة لا يشير إلا إلى المصلحة والمصلحة فقط... يدور حيثما كانت فتراه في أيام يتجه شمالاً وفي أخرى يتجه جنوباً دون أي حرج ولا حياء... فالمصلحة ثم المصلحة ولا شي آخر غير المصلحة... هكذا هي السياسة، أحببناها أم كرهناها هذه هي حقيقتها، وعلى من دخلها أن يعرف قوانينها وإلا فإنه سيسقط في أول درجات السلم.إذا تيقنت من هذه الحقيقة فلن تستغرب أبداً أن يجتمع الشامي مع المغربي، ولا اليساري مع اليميني، ولا الإسلامي مع العلماني، كما انك لن تستغرب تفرق الحلفاء واختلاف أعضاء التجمع الواحد، فالمصلحة تجمع وتفرق... المعادلة سهلة والتفسير واضح.
أرجو ألا يفهم كلامي أن المصلحة تعني الشر دائماً، فقد تستعمل هذه اللفظة -بعض الأحيان- وأشدد على بعض الأحيان وأضع تحتها ثلاثة خطوط في مقصد شريف كأن يكون الهدف منها مصلحة الوطن أو المصلحة العامة، لكن الأغلب المصلحة الشخصية أو المصلحة الحزبية أو الطائفية الضيقة. لهذا كله، إذا أردت أن تحكم على قضية سياسة ما، أو أردت أن تكوّن رأياً حولها فعليك أن تبحث عمن يقف وراءها من السياسيين، وأن تعرف علاقتهم بالنتائج المرجوة منها وإلا فإن حكمك سيكون ناقصا وقد يستغلك أولئك السياسيون لتحقيق منافعهم ومقاصدهم الخاصة وكثيرا ما فعلوا، وتصبح مثل حال كثير من الشباب الذين تحمسهم كل صيحة ويتسابقون نحو الشارع، تدفعهم حميتهم على وطنهم وتخدعهم الشعارات البراقة التي يرفعها السياسيون في كل مناسبة.***محمد الصقر ووليد الطبطبائي مختلفان في كل شيء، في السياسة وفي الرياضة، وفي الاجتماع، ولا أذكر أنهما اجتمعا على قضية واحدة ولا جمعهما موقف واحد باستثناء المواقف العامة التي تجمع الكويتيين كلهم، فهما متناقضان تقريبا لكنهما اجتمعا هذه الأيام على قضية واحدة، وأعلنا موقفاً واحداً، ربما من دون قصد، بل أجزم أنه تم بدون قصد.محمد الصقر ووليد الطبطبائي اتفقا على أن الوضع السياسي في البلد "زفت في زفت". فسبحان الذي جمعهما دون ترتيب ولا لقاء.