قال محافظ البنك المركزي إن البنوك المركزية حول العالم ساهمت في العديد من عمليات الإصلاح المالي خلال الأزمة.

Ad

برعاية وحضور سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء أقيم في القاعة الماسية في فندق شيراتون الكويت أمس حفل افتتاح الدورة الثانية لمؤتمر ملتقى الكويت المالي، الذي ينظمه بنك الكويت المركزي ومجموعة الاقتصاد والأعمال واتحاد المصارف.

حضر الاحتفال رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية الشقيقة سعد الحريري ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ د. محمد الصباح، ورئيس غرفة التجارة والصناعة علي ثنيان الغانم، وعدد من الشيوخ والوزراء والسفراء والمحافظين وممثلي القطاع الخاص.

وقد ألقى كل من رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ومحافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، ورئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الكويت حمد المرزوق، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبوزكي، كلمات في الحفل تناولت محاور الملتقى الذي يستمر يومين.

وقد أكد محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح انه على الرغم من التعافي الذي شهده الاقتصاد العالمي، وإن كان بدرجات متفاوتة، نتيجة لإجراءات التحفيز المالي غير المسبوقة التي تم اتخاذها من قبل العديد من الدول، فإن الأزمة المالية لم تزل تلقي بآثارها على كثير من اقتصادات الدول المتقدمة والناشئة.

وقال الشيخ سالم في كلمته أمام ملتقى الكويت المالي الذي بدأ أولى جلساته أمس إن آثار الأزمة تتضح في ضوء ما تواجهه البلدان من تحديات لحالات العجز المالي وارتفاع معدل الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، ومعها كانت الحاجة إلى متابعة تقديم خطط التحفيز القائمة للمحافظة على الاستدامة والانتعاش اللذين يعتبران مفتاح الحل لمكافحة معدلات البطالة التي بقيت في العديد من البلدان عند مستويات تاريخية مرتفعة.

وتابع المحافظ بأنه لذلك جاء البيان الختامي لاجتماع مجموعة العشرين ليعكس أهمية التوازنات الدقيقة في معالجة الأوضاع المالية العامة دون تطبيق إجراءات التقشف التي قد تؤدى إلى تقويض التعافي الاقتصادي، مؤكداً أهمية إيجاد بيئة مالية مستقرة لضمان نمو اقتصادي قوى ومستدام ومتوازن في إطار السياسات المالية السليمة القادرة على توفير المرونة لمقاومة أي صدمات جديدة وضمان القدرة على مواجهة التحديات السكانية لعدم ترك الأجيال القادمة تحت إرث من العجز والديون.

وأكد الشيخ سالم أن الأزمة كذلك أبرزت أهمية الدور الذي تمارسه البنوك المركزية في تطوير الرقابة الكلية الحصيفة إلى جانب الرقابة الجزئية وأهمية المنافع التي تترتب على الجمع بين المهام، كما أكدت في ذات الوقت أهمية تعزيز الاستقرار المالي وارتباطه بالاستقرار النقدي الأمر الذي يتطلب رسم السياسة النقدية في إطار حزمة السياسات الرامية إلى تعزيز الاستقرار المالي، بما يؤدى إلى توفير بيئة اقتصادية مناسبة ومشجعة للنشاط الاقتصادي وتحقيق استقرار في الأسعار ونجاح آلية التحول في السياسة النقدية التي يطبقها البنك المركزي.

وأضاف انه مما يعزز أهمية دور البنوك المركزية في سياسة الاستقرار المالي كونها المقرض الأخير للبنوك، وأن توفير السيولة المناسبة هو أمر حاسم لتقرير الاستقرار المالي.

وأشار إلى أن الأزمة أبرزت كذلك الأهمية الخاصة بجوانب أخرى في عمليات الإصلاح المالي في المجال التنظيمي، وذلك في ما يتعلق بالحاجة إلى الحد من المخاطر المرتبطة بمؤسسات مالية كبرى ذات أهمية نظامية والترابط في ما بينهما، حيث يتطلب الأمر من السلطات الرقابية اتخاذ تدابير حيطة إضافية مثل إخضاع هذه المؤسسات لمتطلبات إضافية لكل من رأس المال والسيولة مع تدخل رقابي بصورة أكبر.

ولفت المحافظ إلى انه في إطار جهود لجنة "بازل" في مجال الإصلاحات المالية المتعلقة بتطوير نظم وأساليب العمل الرقابي على المستوى الدولي أقرت مجموعة المحافظين ورؤساء الرقابة في سبتمبر الماضي مجموعة من الإصلاحات المتعلقة بتقوية معيار رأس المال ومعيار السيولة ووضع نسبة للرفع المالي، وذلك في إطار حزمة إصلاحات يطلق عليها "بازل 3"، مضيفاً أن تطبيق هذه المعايير سيكون خلال فترة انتقالية بحيث لا تتأثر فاعلية الدور الذي تقوم به البنوك في دعم النشاط الاقتصادي.

وتابع: "وإننا نقدر أهمية تلك الإصلاحات في توفير مصدات إضافية لمواجهة الصدمات واستيعاب الخسائر التي تتعرض لها البنوك، وبما يساهم في إيجاد نظم مصرفية أكثر مرونة واستقرارا، وأكثر قدرة على مواجهة متطلبات النمو الاقتصادي على المدى الطويل".

وأضاف : "اننا نرى أن فاعلية هذه الإصلاحات ستظهر بشكل أفضل عندما يتم مساندتها بممارسات سليمة لإدارة سليمة لإدارة المخاطر، مع وجود نظام إنذار مبكر واختبارات للضغط المالي".

وفي إطار الإجراءات التي اتخذها بنك الكويت المركزي منذ سبتمبر عام 2008 لمواجهة آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، أشار إلى أن البنك واصل خلال عامي 2009 و2010 جهوده باتجاه تعزيز ضوابط العمل المصرفي وبصفة خاصة في ما يتعلق بإدارة المخاطر وإجراءات اختبارات الضغط المالي بشكل نصف سنوي، مع عملية التقييم الداخلي لكفاية رأس المال، ولا يزال بنك الكويت المركزي يبذل جهوداً حثيثة ومتواصلة في إطار تطوير مجال الإشراف والرقابة، بما يواكب التطورات في المعايير الدولية ويعزز الاستقرار النقدي والمالي في البلاد.

وأشار المحافظ إلى أن تقرير الفريق المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين بشأن تحديث برنامج تقييم القطاع المالي للكويت الصادر في يوليو 2010 قد أشاد بنجاح السلطة الرقابية في الكويت في الحفاظ على الاستقرار المالي خلال الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى إظهار اختبارات الضغط المالي التي قام بها الفريق المشترك وفقاً لسيناريو الحالة الأسوأ قدرةَ القطاع المصرفي على تحمل صدمات كبيرة وبشكل معقول.

وأكد المحافظ أن الدروس المستفادة من الأزمة أكبر بكثير مما يمكن حصره أو تناوله في كلمة افتتاحية، كما أن الكثير مما نشير إليه كدروس لهذه الأزمة لا يزال يمثل قضايا مطروحة للنقاش وتبدل الآراء والأفكار بشأنها ونأمل أن يتناولها الملتقى بموضوعية يمكن معها رسم السياسات الرامية لتعزيز قدرة اقتصاداتنا العربية على مواجهة تحديات الواقع الجديد الذي فرضته الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وذلك في إطار التحدي الأساسي الذي يواجه صانعي السياسات، وهو جعل النظام المالي أكثر أمنا مع تجنب الأزمات في المستقبل.