فيصل العبيد: لم أتوقع فوزي بأفضل نصّ عن مسرحية جريمة المسرح

نشر في 31-08-2010 | 00:00
آخر تحديث 31-08-2010 | 00:00
اتصال هاتفي غيّر مجرى حياته وتحوّل من مهندس ديكور إلى كاتب أغنى الحركة المسرحية بأعمال مميزة ومختلفة. إنه فيصل العبيد الذي حقق حضوراً قوياً في مهرجانات المسرح في الكويت وفي خارجها.

خضت مجال الفن التشكيلي ثم تصميم الديكور المسرحي، أخبرنا عن هذه المرحلة.

منذ طفولتي برزت لدي موهبة الرسم والتفت شقيقي الأكبر، وكان رساماً تشكيلياً، إلى حسن تعاملي مع الخط واللون، فشجعني وعلمني أصول الرسم فبدأت عرض لوحاتي في النشاطات المدرسية وشاركت في بعض المعارض.

بعد إنهاء دراستي الثانوية، توظفت في أحد المصارف لفترتين، صباحية ومسائية، وفي أحد الأيام اتصل بي قريب لي وحفزني على صقل موهبتي في الرسم بالدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية في قسم الديكور المسرحي. هكذا، تقدَّمت بطلب إلى المعهد وقُبلت فوراً فقدمت استقالتي من المصرف.

في لحظة تغيَّر منهج حياتي بأكمله من موظف أعزب يخطط للزواج إلى شخص متزوج عليه التزامات تجاه أسرته وطالب في المعهد. عندما لمس أساتذتي مدى عشقي للرسم والديكور وتعمقي في النظريات والاستفادة منها وتطبيقها شجعوني وكانوا يعتمدون علي في تنفيذ الإضاءة والديكورات.

ما أبرز التجارب التي خضتها آنذاك؟

في السنة الدراسية الثانية طلب د. حسين المسلم من زملائي في الدفعة المساهمة في تكريمي لأنني شاركت معهم في تنفيذ 14 نظرية إخراج، كانت من أمتع التجارب وما زالت عالقة في ذهني لأنني لم أدخل المنافسة فيها ضد أحد، بل بيني وبين نفسي وعلمتني كيف أتطور.

ماذا عن تجربة المسرح الجماهيري؟

خلال دراستي في المعهد، اقترح عليَّ أحد المنتجين العمل في المسرح الجماهيري، باعتبار أنني الأقل أجراً في حساباته بينما في حساباتي الخاصة هي تجربة تستحق خوض غمارها. لكن بعد فترة تهافت عليّ المنتجون لأنني «رخيّص وكويّس»، فاستأت من هذا الوضع ولم يكن أمامي إلا أن أطوّر نفسي لأتميّز.

كيف تقيّم المرحلة بعد التطور والانتشار؟

أعترف بأنني تحوَّلت من فنان يسير على مبدأ الفن للفن إلى فنان تغريه المادة، لكني تخطيت هذا الأمر ولله الحمد، رفعت أجري بالاتفاق مع بعض مهندسي الديكور فابتعد عني المنتجون الذين ينظرون إلي كأنني سلعة، علماً أنني كنت أدفع من جيبي الخاص في بعض الأعمال. اليوم، وصلت إلى مرحلة الاحتراف ولا أنتظر أن أكسب ثروة، فثمة مصادر أخرى أستطيع من خلالها جني المال، لكن إذا قصدني منتج يتحدث بأسلوب الفنان سأتنازل عن أجري المحدّد.

كيف بدأت مرحلة كتابة النصوص المسرحية مع أنك تخصصت في الديكور؟

أنظم الشعر ولدي موهبة في اختزال المعاني، وقبل أن أدخل المعهد كتبت قصصاً قصيرة ثم تحولت إلى الروايات. لغاية اليوم، عندما أكتب مشهداً مسرحياً أصيغه في البداية كقصيدة.

كيف تحدد العلاقة بين النص المسرحي والديكور؟

النص عبارة عن صور، والديكور أيضاً... أي العمل المسرحي ككل، فإذا كتب المؤلف من دون أن يتخيل أي صورة سيكون فاشلاً.

كيف عمقت تجربتك في كتابة النص المسرحي؟

من خلال مطالعاتي الكثيرة للنصوص ما ساهم في التقريب بين كتابة القصص القصيرة ومحاولة كتابة نص مسرحي.

من شجعك على الكتابة المسرحية؟

شقيقي الأكبر ومجموعة من الأصدقاء، من بينهم فيصل العميري وخليفة القلاف. العملية ليست سهلة لأن الدراماتورجيا المسرحية مختلفة عن كتابة القصص.

متى كانت تجربتك الأولى في الكتابة المسرحية؟

طلب إلي القيمون على إحدى المسرحيات تصميم الإضاءة لها، عندما قرأت النص وجدت فيه إلحاداً ويناقض مبادئنا، فجلست مع المخرج سلطان خسروه وشرحت له وجهة نظري، بعد ذلك أجرينا أبحاثاً عن سيرة الكاتب المسرحية فتبين لنا أنه ملحد، عندها اقترح زميل لي على المخرج بأن يقرأ مجموعة من نصوصي لاختيار إحداها، فاختار «حفرتان في حفرة»، وعرضت المسرحية في «مهرجان الكويت المسرحي الثامن» في أبريل (نيسان) 2005. كانت تجربة متواضعة، لكنها عرّفت الجمهور إلي وجعلتني على دراية بـ»شراسة» الناس الفنية.

كيف كانت ردة الفعل على المسرحية؟

واجهت نقداً سلبياً وإيجابياً وتعلمت الكثير من هذه التجربة. قال لي أحد أساتذتي في المعهد: «أنت مشروع دراماتورجي ناجح»، سألته عن معنى هذا المصطلح فأجاب: «إذهب واقرأ عنه»، طالعت المراجع واكتشفت أنه عمل ليس سهلاً ويستحق الموضوع القراءة فعلاً.

ماذا عن تجربتك الثانية؟

تجربتي الثانية «مرآة الكرسي» إخراج أحمد الحليل، شارك فيها النجم الكوميدي طارق العلي والفنان نادر الحساوي.

أخبرنا عن مشاركتك في المهرجانات المسرحية.

شاركت في المهرجانات المسرحية في الكويت وفي الخارج، آخرها في مهرجان اسطنبول حيث قدمت «بدون ترجمة»، وهي مسرحية تندرج ضمن المسرح الإيمائي (بانتومايم) وهذه المرة الأولى التي أكتب فيها هذا النوع من المسرح.

من أبرز مصممي الديكور الذين اتجهوا إلى الكتابة المسرحية؟

مشعل الموسى وله كتابات متميزة، كذلك ظهر رسامون تشكيليون عالميون عملوا في تصميم الديكور ثم برعوا في الكتابة أو الإخراج المسرحيين في عشرينيات القرن الماضي، من بينهم المخرج اللامع جوزيف شاينا، وقدموا خطوطاً جديدة للفن المسرحي.

ما هو العنصر الأكثر بلاغة في العمل المسرحي؟

من وجهة نظري الخاصة، السينوغرافيا أي اللغة عن طريق الإضاءة التي تبرز الممثل وتعطيه مساحة من الصمت.

ما هي الجائزة التي لم تتوقع الحصول عليها؟

لم أتوقع فوزي بجائزة أفضل نصّ عن مسرحية «جريمة المسرح» لأن النص الأصلي ضاع مني قبل التجارب بثلاثة أيام بسبب عطل في جهاز الكمبيوتر، وكان المخرج منصور حسين المنصور قرر أن تشارك المسرحية في «مهرجان أيام المسرح للشباب»، لذا لم يكن أمامي سوى إعادة الكتابة، وفي أثناء سفري إلى الاسكندرية لإكمال دراستي للماجستير، كتبت فصولاً من المسرحية في الطائرة ووصلت فجراً وتابعت الكتابة إلى أن انتهيت من النص فأرسلته إلى المخرج عبر البريد الإلكتروني.

اعتمدت في الكتابة على ذاكرتي، لكن اختلفت الحوارات ولن تكون قيمة النص بالطبع مثل الإحساس الأول لذا فوجئت بالفوز، لكن لا أنكر سعادتي بالجائزة، لأن ثمة نصوصاً أخرى أفضل منا قدمت على الخشبة لكن واجهتها ظروف معينة من بينها انسحاب ممثلين ما حال دون تنفيذها بالصورة المرجوة، ما أسعدني أكثر أن لجنة التحكيم قرأت النص.

لا تستهويك الجوائز، لماذا؟

لأن الحصول عليها يسبب عداوات وخسارة زملاء، لذا لا أريدها. جائزتي الحقيقية هي الجمهور والنقاد. يكفيني أن مسرحيتي «مونولوج غربة» التي شاركت في «مهرجان الكويت المسرحي الحادي عشر» ما زالت تلقى صدى طيباً، وقد نشر الأساتذة في جامعة الإسكندرية مقالات عنها.

أخبرنا عن «مونولوج غربة».

بذلت جهداً كبيراً في كتابة النص واستغرق مني أربعة أشهر، لكن عملية البحث والإعداد أخذت أكثر من ثلاث سنوات طالعت فيها كتباً كثيرة. الموضوع ديني ودنيوي، بالتالي حساس وفيه لغة تمس شرائح المجتمع بعيداً عن المذهبية، ذلك أنها تتوجه مباشرة إلى الإنسانية. توقعت الفوز بجائزة التأليف إنما لم أحصل عليها، أحترم رأي لجنة التحكيم التي منحتني جائزة أفضل إضاءة.

back to top