حادثة ضرب محمد الجويهل في ندوة "إلا الدستور" التي أقيمت في ديوان النائب أحمد السعدون مرفوضة ولا يمكن قبولها مهما بلغت درجة الغليان والغضب مما قاله طوال الفترة الماضية، الرفض هنا لاستخدام العنف كوسيلة للرد على ما بدر منه من تصرف مشين واستفزازي تجاه مسلم البراك حين ظهر في الشاشة الموضوعة خارج الديوانية وبصقه على الشاشة كما قال من شهدوا الحادثة، الأمر الذي أثار بعض الحضور فلم يتمالك أعصابه وهجم عليه هجوما كاد يودي بحياته!

Ad

ولا تسل ياعقل ويامنطق رجلا ذهب إلى الموت بقدميه لماذا ذهبت، فربما لا يملك من أمره شيئا، وكل ما قام به هو تنفيذ بعض الأوامر التي صدرت إليه بالذهاب إلى هناك وإفشال وتخريب الندوة بأسلوبه السمج المعتاد ولغته المرفوضة من قبل معظم من يتابع برامجه ولقاءاته التلفزيونية، فكان كمن دخل عش الدبابير ليلقى ما لا يحب ويرضى، رغم أن المنظمين للندوة قد رفضوا دخوله للديوانية ومشاركته في الندوة تجنبا للمشاكل، ولأنه لم يكن من ضمن المدعوين للمشاركة فيها، وغير مرحب به من قبل جموع الحاضرين للندوة، والذين ما فتئ ينعتهم بـ"الرعاع" على مدى شهور فكان من الطبيعي أن يرى منهم ما لا يحب ويرضى!

والحق أنني حين سمعت بخبر الحادثة لم أتفاجأ بالمرة، فقد توقعت أن يتعرض للضرب يوما ما، فالخطاب العنجهي والطريقة الاستعلائية والنفس العنصري الذي كان يتحدث به دائما، والهمز واللمز تجاه فئة من أكبر فئات المجتمع الكويتي وتصوير قضية ازدواج الجنسية على أنها مقصورة عليها، واستغلال الأمر كذريعة لتصنيف المواطنين بين مواطن "في آي بي" ومواطن "طرثوث"، لم يكن ليمر مرور الكرام، وكان متوقعا أن يتم الثأر منه بعيدا عن القانون، فقد اعتدنا في الآونة الأخيرة على أن يأخذ كل حقه بيده، وما حادثة قناة سكوب عنا ببعيد!  

ما حصل في ندوة "إلا الدستور" أسبابه عديدة: اجتماعية وثقافية وأخلاقية، غير أن سببا رئيساً واحدا يبرز إلى الواجهة ويجعلني أرجع معظم المشاكل الدائرة حاليا إليه، ألا وهو الإعلام المرئي المفتقد للنضوج ولأبجديات العمل الإعلامي والغارق في الحديث عن السياسة المحلية ليل نهار، حتى تحول المشاهدون كلهم إلى محللين سياسيين من كثرة ما يتابعون من برامج سياسية، ولأنها أسرع وسيلة للشهرة وللطامعين فيها، شرعت أبواب القنوات الفضائية لكل من هب ودب كي يظهر على الشاشة ليهذر بما يفقه وما لا يفقه، وتحولت بمرور الوقت إلى وسيلة لضرب هذه الفئة من المجتمع والتشهير بتلك، وسط تفرج حكومي غريب كأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد، بل الأرجح أنها كانت راضية كل الرضا عما يحدث في هذه القنوات من شحن طائفي وعنصري بغيض يفتت المجتمع وينخر في أساساته، وفي جو كهذا، لابد أن يظهر الجويهل وغير الجويهل ممن لا يحسبون حسابا لما تنطق ألستنهم، ولا يقدرون وقع الكلمات والألفاظ العنصرية المستفزة على مستمعيها، ولا يدركون أن لصبر الناس وحلمهم حدودا، وأن يوما سيأتي ترد فيه اللكمات على الكلمات، كما حصل في ندوة "إلا الدستور".

ما يحدث في الكويت من فوضى إعلامية ليس في مصلحة أحد، والأوضاع تسوء يوما بعد يوم بسبب سفاهة وتفاهة بعض من يمتلكون ويدعمون هذه القنوات الفضائية التي تقدم لنا كل ساعة جويهلا جديدا، وربما تكون هذه الحادثة ومن قبلها حادثة سكوب هي جرس إنذار يدعونا للتفكر فيما نحن فيه سائرون، وإلى أي مدى ستسوء الأمور غدا وبعد غد، وكم حادثة عنف سنشهد في قادم الأيام، وهل ستصبح عادة عند المواطن أن يأخذ حقه بيده بعيدا عن القانون ودولة القانون؟!

من يزرع الريح يحصد العاصفة، وما حدث كان متوقعا، وهو عيّنة صغيرة لما يمكن أن يتسبب به إعلام غير مسؤول من احتقان وحقد وميل متزايد للعنف في مجتمعنا الصغير إن لم يتم تدارك الأمر من قبل الحكماء في هذا البلد، على أي حال، نتمنى الشفاء العاجل لمحمد الجويهل وأن يعود لبيته وأهله سالما معافى، وأن يتوقف هذا العبث وهذه الاستثارة من قبل البعض الذي لا يحسب حسابا لشيء سوى مصالحه الخاصة غير عابئ لمصلحة الوطن أو لأي أمر آخر!