ملعب رياضي وملعب سياسي!

نشر في 10-12-2010
آخر تحديث 10-12-2010 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر لماذا نرضى في الملعب الرياضي بأن أغلبية اللاعبين من أبناء القبائل وهم يحققون الانتصارات تماماً مثلما كان أسلافهم من نجوم الكرة الكويتية في عصرها الذهبي من الحضر كجاسم يعقوب وفيصل الدخيل وعبدالعزيز العنبري وعلي الملا وعبدالله البلوشي؟ ولا نرضى عندما يرفع لواء المعارضة اليوم أبناء القبائل جنباً إلى جنب مع قلة من الحضر؟!

بداية نبارك لشباب منتخبنا الوطني على إعادة الأمجاد الرياضية للأزرق من بوابة بطولة كأس الخليج، وهذا هو الطريق الصحيح للصعود إلى النجومية العالمية من جديد، فإنجازات المنتخب بدأت بالفعل مع انطلاقة بطولة الخليج في عام 1970، ومنها تدرجت الكرة الكويتية نحو منصات التتويج على المستوى القاري، ومن بعدها الألعاب الأولمبية، وأخيراً كأس العالم في عام 1982.

ولعل بطولة خليجي 20 كانت محطة استثنائية ليس على مستوى التحدي الرياضي فقط إنما في ظل المشهد السياسي القاتم الذي تشهده الساحة المحلية من تجاذبات واصطفافات تغذيها العصبية من جهة، والأجندات الخاصة والخفية من جهة أخرى، ولهذا نجح رجال الأزرق ليس في إعادة الابتسامة إلى وجوه الكويتيين قاطبة صغيرهم وكبيرهم، رجالهم ونسائهم، الذين ملؤوا المدرجات في استاد جابر، وقبلها تسمروا أمام شاشات التلفزيون لمتابعة المباراة تلو الأخرى على أعصاب متوترة ممزوجة بالدعاء من أجل الفوز، بل نجح الأزرق في جمع الجمهور الكويتي حول هوية وطنية واحدة وإخراجه من حالة الإحباط والتمزق الداخلي الذي نشهده على خلفية تداعيات الخلاف السياسي بين النواب والحكومة والصحف اليومية والمنتديات الإلكترونية.

وبالفعل أصبحت الرياضة أهم من السياسة لأنها تجمع ولا تفرق، وتحقق الفوز وليس الفشل، وتذيب الانتماءات القبلية والطائفية والفئوية في هوية وطنية واحدة، وتمنح طعماً موحداً لمعنى الفرح في حالة الفوز ومعنى الحزن في حالة الخسارة، وفي كل الأحوال فإن علم الكويت يكسو أكتاف اللاعبين والجهاز الفني والإداري ويغطي المدرجات في لوحة رائعة ومعبرة، وهذا ما فشلت فيه السياسة ليس من باب افتقارها لمقومات النجاح والعمل الجماعي ولكن بسبب انعدام الروح الرياضية في عالم السياسة اليوم، وغياب الأخلاق الرياضية وضياع أسس التنافس الشريف.

والسؤال المحير: لماذا في الملعب الرياضي تلغى الأسماء والانتماءات ويكون التشجيع والتصفيق بنفس الحماس والصدق للحارس نواف الخالدي والمدافع حسين فاضل والساحر فهد العنزي والأسطورة بدر المطوع والهداف وليد علي؟ ولماذا تمريرة حمد العنزي لوليد علي التي تتوجت بهدف يحرز كأس البطولة تلهب القلوب وتغمرنا بالسعادة ونشوة الانتصار؟ ولماذا نفرح بقدر متساو عندما يكون بدر المطوع هو هداف البطولة وفهد العنزي أفضل لاعب ونواف الخالدي أفضل حارس مرمى؟ وعلى النقيض تماماً لماذا في الملعب السياسي يتم التركيز على الانتماء والقبيلة والطائفة قبل النظر حتى في أصل الموضوع وما يطرح من أفكار ومواقف؟

ولماذا نرضى في الملعب الرياضي بأن أغلبية اللاعبين من أبناء القبائل وهم يحققون الانتصارات تماماً مثلما كان أسلافهم من نجوم الكرة الكويتية في عصرها الذهبي من الحضر كجاسم يعقوب وفيصل الدخيل وعبدالعزيز العنبري وعلي الملا وعبدالله البلوشي؟ ولا نرضى عندما يرفع لواء المعارضة اليوم أبناء القبائل جنباً إلى جنب مع قلة من الحضر؟!

فلنختلف في الملعب السياسي ولكن مع حفظ أخلاق التعددية واحترام الرأي الآخر، ولتكن انتقاداتنا منصبة على المواضيع المثارة والمواقف الميدانية لتذوب بمجرد انتهاء تلك المواضيع والمواقف، ولنتخذ من شباب الأزرق قدوة ولو لمرة واحدة لأننا بالفعل بحاجة إلى ذلك وبشكل مصيري!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top