متى يصبح الاهتمام بالمواطن الخليجي محورا أساسيا ضمن أجندة اجتماعات مسؤولي دول التعاون؟ تساؤل نكرره سنويا في احتفالية ذكرى إنشاء منظومة مجلس التعاون، إيمانا منا بأن الاهتمام بالمواطن الخليجي عنصر رئيسي ومعيار أساسي لنجاح الرؤى التنموية الخليجية, والحرص على رفعته وصيانة كرامته وتعزيز مبادئ الحقوق كمبدأ للأمن والاستقرار معا.

Ad

أقول ذلك بعد متابعتي لقاء مسؤولي دول التعاون قبل عدة أيام في أكثر من عاصمة خليجية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، الأمر الذي أدى إلى «النيولوك السياسي» للأجندة الخليجية، ولو تابعنا دخول قوى التغيير إلى المنطقة لعدنا إلى عام 1991 والفترة التي أعقبت حرب تحرير الكويت, والتي تزامنت مع اكتساح قوى التغيير العالم أجمع كرد فعل لسقوط الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة.

بعدها اتجه المجلس إلى التأثر بالأجندة الإصلاحية الخاصة بالدول العربية كالحديث عن خارطة طريق لإحلال السلام كأداة لحل النزاع العربي الإسرائيلي, وولادة دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل, وبرنامج واسع لإقامة منطقة تجارة حرة مع منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة وغيرها من عوامل تشجيع الإصلاح الاقتصادي والسياسي.

أما البيانات الختامية فلم تخرج عن المواضيع التالية, التحرك الدبلوماسي الفاعل إبان الغزو العراقي لدولة الكويت، وما تبعه من المطالبة بمعرفة مصير الأسرى الكويتيين, والدعم المطلق لحق دولة الإمارات العربية المتحدة في سيادتها على الجزر الثلاث وعلى المياه الإقليمية والجرف القاري والإقليم الجوي والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر, وتمسك دول الخليج بمبادرة السلام التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002, وخلو منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج من كل أسلحة الدمار الشامل، ومطالبة المجتمع الدولي بتفعيل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

واليوم، ونحن في حقبة زمنية جديدة نواجه «الثورات» التي فرضت نفسها على الساحة العربية، واقتربت من منطقة الخليج حتى بات اليمن الذي يقع على حدود المنظومة وينتظر الشراكة مع دول الخليج, أصبح اليوم «على صفيح ساخن»، وأثقلت قضيته كاهل الأمين العام الجديد الدكتور عبداللطيف الزياني، والذي ابتدأ عمله في الأول من أبريل، وما إن اضطربت الأوضاع في اليمن حتى وجد نفسه «مهندسا للنظم السياسية والمبادرات التوافقية»، ولم يجد أمامه إلا البحث عن «نيولوك سياسي» وإطار جديد لتحديد معالم البيئة السياسية الخليجية الجديدة، فقام بعد الاستماع لأطراف النزاع وأفكار وزراء الخارجية, بطرح مبادرة في اجتماع الرياض تتضمن خمسة مبادئ وخطوات تنفيذية بمفردات لم تعهدها بيانات المجلس من قبل:

1- نقل صلاحيات الرئيس اليمني إلى نائبه.

2- تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة.

3- المعارضة لها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

4- المعارضة لها الحق بوضع دستور وإجراء انتخابات.

5- وقف سبل الملاحقة والانتقام من خلال ضمانات بين الحكومة والمعارضة.

ويتضح لنا مما سبق أنه وللمرة الأولى تخرج الديباجة الخاصة باجتماعات دول التعاون متناولة مفردات «جديدة» و»جريئة» على منطقة الخليج وخارجة على الإطار المعهود، وعلى الرغم من ذلك كله لم توافق المعارضة اليمنية على تشكيل حكومة بمشاركتها لأنها ترفض العمل تحت سلطة علي عبدالله صالح.

وبعد رصد التحول السريع في تعاطي الأمانة العامة مع قضايا الجوار الخليجي؛ العراق في السابق واليمن اليوم, لا يبقى أمامنا إلا النصيحة التي يوجهها المواطن الخليجي اليوم لمسؤولي التعاون طالبا منهم أن يلتفتوا إلى شعوبهم، ويتحدثوا بصراحة عما يجري محليا، وسبل إطفاء الحرائق «الطائفية» بين الحين والآخر, وإشراك أهل الرأي والمشورة من دول الخليج لدراسة السيناريوهات الخليجية المستقبلية لأن الشعب، وبكل بساطة، يريد «فهم النيولوك السياسي» الجديد!!